فيما يتعلق الأمر بالتعارضات التي أشرت إليها في الحلقة السابقة أذكر هنا أمثلة منها على شكل عناوين.
– التكرار دليل العجز عن التعبير عن الفكرة بنص واحد جامع مانع لا ثغرة في بلاغته وفصاحته. (مثال قصة خلق آدم). [وكتابي هذا وقع أيضا في إشكالية التكرار بسبب بشريته، ولو كان وحيا إلهيا لتجنب التكرار غير المبرَّر بمبرِّر معقول. فما وقعت فيه في كتابي هذا هو دليل عجزي وقصوري بحكم بشريتي ومحدوديتي وعدم معصوميتي.]
– تعدد الفهم والتأويل، بحيث يكون الفهم الصحيح لا يُنال إلا بجهد استثنائي، ومحصورا في إطار النخبة. [وغالبا ما يختلف أفراد هذه النخبة ويُخَطِّئ أو يُسَفِّه، بل أحيانا يُكَفِّر بعضهم بعضا.]
– تحدُّث الله بضمير الجمع، مما ينافي حقيقة واحديته، وإن بُرر ذلك من المفسرين على أنه جمع التعظيم، فهذا هراء، لأن الله لا يحتاج إلى تكلف التظاهر بالعظمة باستخدام جمع التعظيم، وهو ذو العظمة المطلقة، كما إن الإنسان المؤمن بالله بكل عظمته لا يحتاج إلى أن يخاطبه الله بضمير الجمع حتى يدرك كم هو عظيم.
– قصص الأنبياء، وما فيها من غرابة، وتعارض مع الحكمة، ومع القيم الأخلاقية. [وما في العهد القديم أشد غرابة بعشرات الأضعاف.]
– القسوة الدنيوية عبر الأحكام والحدود، والأخروية عبر الجزاء بنار جهنم، كموقف تجاه الآخر المغاير عقيدة، أي من لا يؤمن بالإسلام، وإن آمن بالله واليوم الآخر، والتزم بالبعد الأخلاقي والإنساني في علاقته مع الناس، والبعد الإيماني والروحاني في علاقته مع ربه. [والرد بالآيتين اللتين تحدثنا عن كون أن «مَن آمَنَ باللهِ وَاليَومِ الآخَرِ وَعَمِلَ صالحا»، سواء كان مسلما أو مسيحيا أو يهوديا أو صابئيا، «لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنونَ»، لا يرفع هذا الإشكال، لاختلاف المفسرين، واعتبار بعضهم الآية قد نُسخت، أو إن المقصود بأتباع تلك الديانات ما كانوا عليه قبل التبليغ بالإسلام، وأما ما بعده، وبعد أن أصبح التبليغ بالدين الخاتِم والناسخ حجة عليهم، فالمعول عليه أن «مَن يَبتَغِ غَير الإِسلامِ دينًا فَلَن يُقبَلَ مِنهُ وَهوَ فِي الآخِرَةِ منَ الخاسِرينَ». ثم إن هذا لا يحل الإشكالية فيما يتعلق بغير الذين ذكروا، أو اللادينيين، أو الوثنيين، أو حتى الملحدين، مهما تألقوا وسموا في إنسانيتهم، ومهما بلغت خدماتهم للبشرية وتضحياتهم من أجل الناس والصالح العام والعدل والحرية. وأثناء مراجعتي الأخيرة للكتاب في تشرين الثاني 2013 قرأت عن الپاپا فرانسسكو أنه يحتمل دخول الملحدين الجنة، إذا هم اتبعوا ضميرهم.]
– الموقف من المرأة. [وبحث ذلك يطول، وإجابات الدينيين معروفة ومردودة، وأفردت للموضوع بحثا قرآنيا مفصلا في ما يأتي من كتاب لاحق بعنوان «مع القرآن في حوارات متسائلة»، يثبت انحياز الله للرجال دنيويا وأخرويا، حسب التصوير القرآني، لا حسب الحقيقة الإلهية في ضوء لاهوت التنزيه.]
وهذه مجرد عناوين، ربما سأورد في مقالات لاحقة بحوثا تفصيلية عن بعض منها، وأقول مسبقا أني أعرف الإجابات، ولطالما أجبت من قبل المشككين بها، قبل أن أكتشف مع الوقت شيئا فشيئا أنها ليست إجابات حقيقية، بل هي تبريرات وهروب من مواجهة الحقيقة، خوفا مما يسميه المؤمنون الدينيون بسوء العاقبة، دون أن يدركوا أن الإيمان العقلي الفطري، أي اللاديني، هو الإيمان الأنقى والأقرب إلى كل من العقل والفطرة، وهو الأكثر تنزيها لله سبحانه، فما يسمونه بسوء العاقبة هو حسن العاقبة عند أصحابه.
في بحث لاحق سأتناول بتسديد الله، جلّ وعلا، أدلة النبوة، كما يعرضها علماء الكلام المسلمون، وأناقش مقولات الامتناع العقلي، والوجوب، والإمكان، بشكل أكثر تفصيلا.
كتبت في 2008 | روجعت في 15/08/2009 ثم في 06/11/2013.