23 ديسمبر، 2024 2:30 ص

دعوة مفتوحة من المفكر الفلسطيني البروفسور إياد البرغوثي.. هل من مبادر؟

دعوة مفتوحة من المفكر الفلسطيني البروفسور إياد البرغوثي.. هل من مبادر؟

“تحرير الشرق – نحو امبراطورية ثقافية شرقية-

دعوة مفتوحة من المثقف الفلسطيني البروفسور إياد البرغوثي.. هل من مبادر؟

صدر كتاب “تحرير الشرق-نحو امبراطوريّة شرقيّة ثقافيّة” للدّكتور إيّاد البرغوثي عام 2020 عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر في بيروت، ويقع في 159 صفحة من الحجم المتوسّط.

ترى، هل سنشهد في زمننا هذا تلك اللحظة الحاسمة التّاريخية التي سيتم فيها إنشاء تيّار ثقافي يعمل على إحياء الأجواء الثّقافية، واستنهاض طاقات المثقفين الغيورين على مستقبل الأمة على المستوى الإقليمي؟ هل سينجح المثقفون في إنشاء امبراطورية تعمل على تحرير الشّرق وتوحيده دولا وشعوبا، لتصبح أكثر تقاربا وتكاملا فتخلق توازنا استراتيجيا عالميا يذلل الصّعوبات، فتخرج من حالة الفرقة والتمزّق إلى حالة من الوعي الذي يحفظ كرامتها ويحد من استغلالها وتضمينها ضمن المشروع الامبريالي الغربي الصهيوني الذي يمتص دمها، وينتهك إنسانيّتها، ويجردها من خيراتها، ويتركها تابعا لا وزن له؟

هل سيشهد زمننا إعادة صياغة مفهوم الأمّة بتصوّر جديد، يتجنب أخطاء الماضي، لا سيما التّنكّر لحقوق المجموعات الثّقافية الدينية والإثنية واللغوية وغيرها، الموجودة في الفضاء الجغرافي الممتد من المحيط إلى الخليج؟ هل سينجح المثقفون في تبني المشروع النّهضوي الدّيمقراطي الإنساني الحضاري التنويري القائم على قواعد وقيم حقوق الانسان والتّسامح والسّلام والمساواة والحريّات والشّراكة والعدالة والتنمية المستدامة للجميع على مستوى الشرق الأوسط قاطبة؟

كتاب تحرير الشّرق (نحو امبراطورية شرقية ثقافية) للبروفيسور إياد البرغوثي، ما هو سوى فكرة لمشروع ثقافي يشمل دول الشرق الأوسط وشعوبها، يهدف إلى خلق حالة من الوعي الاستراتيجي بهذه المصالح المترابطة فيما بينها، وطرق تحقيقها.

هي دعوة مفتوحة من مثقف فلسطيني لإعادة النّظر في كافة القنوات المنتجة للقيم، ورسم ملامح الهوية الواعية التي تجمع شعوب المنطقة، وتمهّد الأرضية الفكرية لها، ونشر الوعي وزج الثّقافة في معركة الاستقلال الحقيقي، والارتقاء بها إلى مستوى الاستخدام الاستراتيجي في الصراع، وإعادة كتابة التاريخ بصورة تسمح بإبراز الأدوار الحقيقية لجميع مكونات الأمة دون الانحياز لطرف على حساب الآخر، مع ضرورة تبني قضايا الأمة الكبرى وعلى رأسها قضية فلسطين (نواة مشروع الأمة). ومن المؤكد أنه لن يكون هناك أقدر من المثقفين (المعنيين والجادّين) لحمل المشروع والعمل على إنجاحه.

فقد آن الأوان إلى العمل على خلق مشروع بديل يتّسع لجميع المكونات الإقليمية خارج دائرة التّصنيفات الضيقة، والانتماء (الهويّاتي) المحدود، خاصة بعد أن أصبحت منطقة الشّرق الأوسط مختبرا لتنفيذ مخططات صراع الحضارات والثقافات وغيرها من المفاهيم التي عملت على ترسيخ فوضى هدامة؟

كتاب (تحرير الشرق) لم يكتف بالدعوة إلى ضرورة الوحدة، بل حذّر من خطورة عدم الوحدة وعدم التّحرر. كما أنه لا يقتصر على الدعوة للتغيير، بل دعا إلى فهم ضرورة “التغيير” والعمل على خلق واقع يسهل هذه العملية بهدف التطبيق، كي لا تقف عند المستوى التّنظيري، وتُقتل في مهدها.

فهناك أمران لا ثالث لهما: إما أن تصنع شعوب الشرق مشروعها الوحدوي لتضمن تطوّرها وتنميتها ونهضتها، أو تبقى تابعا وأداة يتم استغلالها وانتهاك إنسانيّتها لإنجاح المشروع الامبريالي الغربي الصهيوني من خلال أذرعها المختلفة التي زرعتها في الشرق. إذ أن الدولة “الوطنية” العربية غالبا ما تفتقر للحرية التي تتيح لها مواجهة أعدائها الخارجيين، فهي بالواقع ليس أكثر من كيان سياسي يبقى أسير ظروف نشأته. الدولة الوطنيّة تحتاج لمن يدعمها ويحميها، ولا يكون ذلك إلا بوحدة شعوب ودول المنطقة.

8 فبراير 2022

فمن سيلعب هذا الدور؟ ومن هي الدولة الأقدر على تبني المشروع الثقافي بعد المشروع الناصري الذي تقهقر بعد نكسة العام 1967؟ وبعد مبادرة (مثقفون من أجل التغيير عام 2017).

من يمتلك الإرادة لإعادة توطين فكرة الوحدة، وترسيخ الهوية الواعية الجامعة لكل مكونات شعوب المنطقة؟

ترى، هل سترى (الإمبراطورية الشرقية الثقافية) النّور؟ هل سيتحقق حلم وحدة الشرق الأوسط الكبير؟ أم هي أحلام يقظة نجترّها من وقت إلى آخر نعزّي أنفسنا؟ خاصة في ظل حالة اليأس التي يعيشها شعوب الشّرق وتكيفهم مع المعطيات على أرض الواقع، واعتبارها قدرا. وكذلك في ظل حضور المثقفين الخجول، الذين يكتفون بالتّنظير وإعطاء النّصائح والارشادات عن بعد، يترفّعون عن شعوبهم، ولا يواجهون حكوماتهم، ويأخذون موقفا سلبيا من الذّات، ثقافة ووعيا، ماض وحاضر ومستقبل، لتبقى إسرائيل هي الدّولة الوحيدة المستقرة في الشرق الأوسط، ماضية في تذليل كل عقبة تواجهها لتنفيذ مشروعها الصهيوني المدعوم من الدول الغربية التي تلتقي مصالحها معها، ليبقى الشرق بمثابة (الحمل) الضعيف الذي تتكاتف عليه (ذئاب) الغرب لتحقيق مصالحها وتمرير مشاريعها ومخططاتها الاستعمارية. ولا زالت شعوب الشرق ودولها ” تشاهد” ما يجري دون أي “قرار حكيم جريء” لاتخاذ موقف حاسم، يحقق لها السّيادة، ويؤهلها لاسترداد حقوقها بكرامة وكبرياء وعنفوان!