حاجة المجتمع العراقي والمجتمعات العربية للفوضى والعبث باتت واضحة, بل اصبحت رغبة ملحّة جدا . رغبة بالعبث والخراب والتخريب واللعب والتجريب , وما شهده ويشهده العراق من احداث, بالتأكيد, هي طلائع الواقع العربي القادم . وعليه ارى ان يعلن رئيس الوزاء العراقي نوري المالكي, ويحرّض ويدعم المحافظات العراقية الـ 15 على اعلان استقلالها عن – اسم العراق – ولتصبح لدينا 16 دولة, كل دولة ترفع علما خاصا بها وتختار النظام الذي تريده ” ملكيّا او جمهوريا ” واتمنى على مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان ان يتنازل عن كرسي امبراطوريته العائلية ويسمح للمحافظات الشمالية بالاعلان عن استقلالها ايضا ليصبح العراق 18 دولة, وهذا يعني 18 مقعدا في الامم المتحدة ما يعني ان العراق قد احتل المكان الاكبر في الامم المتحدة . وسوف تقتفي الدول العربية اثر العراق في هذه التجربة , فانظروا كم سيصبح عدد الدول العربية !!؟ التي من المؤكد انها سوف تهيمن على المنظمات العالمية وخاصة الامم المتحدة . وهذه هي المكاسب الخارجية . اما المكاسب الداخلية , فهي اشباع العراقيين والعرب جميعا عبثا ولعبا وتخريبا وتجريبا, حتى يستردوا طفولتهم التي سلبتها الانظمة السلطوية “الدينية والدنيوية” منذ آلاف السنين . وبهذا الفعل سوف يدخل المالكي التاريخ من اوسع ابوابه, وسوف يُذهل النظم الديمقراطية والدكتاتورية في العالم ويركبها بفعله هذا . وربما تحذو حذو العراق دول كبرى مثل امريكا وبريطانيا وروسيا والصين وكوبا والصومال وغيرها من دول العالم . ولكن الدول الثرية لها اسبابها التي تختلف عن اسباب العراقيين والعرب . طبعا اسباب الدول الديمقراطية الثرية هي الملل من الديمقراطية والرأسمالية والاشتراكية والترف والتقدم والتحضر . وبعد ان تُعلن المحافظات العراقية استقلالها تبقى لدينا تساؤلات اخرى. وهي: هل سترضى الاقضية والنواحي في المحافظات العراقية بوضعها الحالي, الذي تشكو فيه من التهميش والدونية وعدم الحصول على استحقاقاتها من الخدمات والمشاريع ؟ ام انها هي الاخرى تعلن استقلالها عن المحافظات كـ “جمهوريات وممالك” صغرى؟ وماذ ستفعل النواحي والاقضية التي يوجد فيها النفط او الثروات الطبيعية بكميات كبيرة ؟ وماذا ستفعل من ليس لديها نفط او ثروات طبيعية او موارد مالية ؟ ثم هل ستقبل القرى ان تظل على حالها هامشا مهملا ام هي الاخرى ستعلن استقلالها . وان استقلت هل سترضى بعض العشائر والاسر ان تظل مهمشة ام انها هي الاخرى تعلن استقلالها . واذا استقلت هل سيرضى الخاضعون للشيح او الزعيم ان يتمتع هو بالنفوذ والمال والجاه وهم يبقون هوامش مهملة او اقل قيمة ومقاما منه .؟ والحال هذه تنطبق على الاحياء داخل المدن , فالاحياء الفقيرة والعشوائية هل ستقبل ان تظل محتقرة تحاصرها المستنقعات المأهولة بالبعوض, والنفايات المزدحمة بالذباب وتخنقها الازقة الضيقة ويحكمها الخارجون عن القانون . بينما الاحياء الراقية محترمة ومترفة ومخدومة وآمنة .كل هذا ليس مهما, المهم ان يبدأ المالكي بالاعلان عن ” المحافظات الجمهوريات ” وبعد هذا الاعلان فان كل ما يحدث سيكون طبيعيا وعاديا ويجري في مساره الصحيح . والاكيد اننا سنصل الى النقطة الاخيرة أي نقطة ” الصفر” ومن الصفر سيبدأ العراقيون بالتحالفات من جديد, التحالفات التي يحتاجها الجميع من اجل الحفاظ على ما عنده ويدفع مقابلها ممّا عنده . حتى الجمهوريات العراقية الفقيرة جدا سوف تحتاج الى التحالف لانها ان لم تتحالف فسوف يُستعبد سكانها او يموتوا جوعا, والجمهوريات الغنية حاضرة لان تتحالف مع الفقيرة ليكون ابناء الاخيرة سورا يحميها من هجمات الطامعين . والسؤال الاخير اذا كانت المحافظات العراقية تحررت من الاستعمار العراقي واستقلت . ترى هل سيبقى هناك ثمة بلد يسمى العراق !؟ واذا تحالفت من جديد هل ستجد بلدا اسمه العراق لتتحالف معه او ضمنه !!!؟؟ .