بينما كانت افكاري تسبقني ذات نهار الى مكان عملي السابق والذي كانت فيه نافذة مكتبي تطل على نهر دجلة ، تذكرت مقال لي نشر في عام 2011 عن اهمية المؤتمرات التي تناقش اوضاع المرأة وحقوقها وخصوصاً الارامل منهن حيث حضرت احدها ، والذي اسهبوا فيه كحال بقية المؤتمرات التي تتحدث عن المطالبة بحقوق فئات من المجتمع والتي هي مغيبة عن الرفاهية والامان .
ادعوكم لقراءة هذه الاسطر كما اعدت قراءتها انا بينما كنت اشم نسيم دجلة الذي شكت ضفافه من اهمالنا له ولانفسنا ولحياتنا التي بتنا نراكم مشاكلها مشكلة بعد اخرى دون وضع حد لها وحلها.
وقد اعتصرني الالم وانا اسمع وارى معاناة الارامل بل ما زادني الما وحسرة هو حضور مجموعة من الارامل ولااعرف كيف وصلن الى المؤتمر او من اوصلهن اليه الى فندق عشتار شيراتون ، وانا لست مع ضد وجودهن في هذا المكان بل بالعكس من الضروري ان يفهمن مايحدث ومايقال لاجل خدمتهن والمطالبة بحقوقهن لكن النقطة التي اثارتني هنا هي انه تم اختيارهن بطريقة توحي بكون كل ارامل العراق هن اميات وجاهلات وغير مؤهلات وقليلات المعرفة ، وليس بخاطري ان انكر ان فئة كبيرة من ارامل العراق بسيطات في العيش ويحصلن على مايكفي رمقهن ورمق اطفالهن وهذا هو الحال بالفعل لكن من جانب اخر اقول ان كان ولابد من زجهن الى فندق عشتار والمؤتمر فلاضير ان تتم دعوة ارامل ومن فئات مجتمعية مختلفة ممن يمكنهن مناقشة القانون المطالب به لاجلهن ، وبعد قراءة البيان الصحفي للمؤتمر وتبادل الاراء من قبل الحاضرين (طبعا الارامل الحاضرات ) لم يشاركن في المناقشة والحديث بل بقين صامتات واصابهن الملل لعدم ادراكهن مجمل مايدور من نقاش.
وبدأ الزملاء الصحفيون وقتها باجراء الحوارات مع الشخصيات من الحضور ومن ضمنهم النائب وعضو لجنة المرأة والطفل في البرلمان العراقي انتصار الجبوري واعضاء المؤتمر وممثلين عن منظمة اوكسفام البريطانية وممثلين عن بعثة الامم المتحدة وبعدها اخذ الصحفيون بالتهافت والالتفاف حول النساء انفات الذكر وهن يحاولن بخجل ان يجمعن قوتهن، وقد تتمنى احداهن محاولة معرفة السؤال كي تستطيع الاجابة عليه وبين ماقيل ونوقش انتهى المؤتمر وخرج المؤتمرون لتناول( البيتي فور ) والشاي و(النسكافيه) وكاننا نسينا ما قلناه قبل دقائق على منصة
المؤتمر ، وبدلا من صرف المبالغ لايجار قاعة في فندق درجة اولى ، ووضع اطباق منوعة من ( البيتي فور ) كان الاولى ان يؤجر مكان بسيط يحوي المدعويين وتتم دعوة نساء ارامل من مختلف فئات المجتمع ليناقشن احتياجاتهن ومطالبهن ومنح كل واحدة منهن مبلغا بسيطا بدل ايجار قاعة فندق الشيراتون التي تكلف مبالغ طائلة ،وهكذا انتهى المؤتمر ولم تعرف الارامل ماذا دار فيه حسب قول احداهن بلهجتها البسيطة( همه ينطونه شي لو بس بيتي فور وحجي) !!.
هذا كان ما يدور في رأسي حينها ودونته في الاسطر السابقة وبعد ثلاث سنوات ها أنا اليوم اؤكد لكم اعزائي ان الوضع لازال على ما هو عليه ، فلا قوانين منصفة خلال الاربع سنوات الماضية دخلت حيز التنفيذ ، او اعلن عن تنفيذها او انها ستنفذ وفق فترة زمنية محددة ، وليس هناك دراسة واقعية موضوعية يمكن لنا ان نستدل بها على وضع المراة بشكل واضح وصريح في العراق ، في حين غابت بشكل واقعي كل انموذج نسائي عراقي مجتعي يمثل العراقيات بكل اطيافهن وخلاصة القول ،نحتاج لعقول نساء منفتحة واعية تحدد المشاكل وترصدها وتضع حلول مبدئية لها … ولكم مني كل الاحترام.