18 ديسمبر، 2024 8:01 م

دشتي واوباما والسعودية 

دشتي واوباما والسعودية 

صوت مجلس النواب الكويتي برفع الحصانة عن النائب البروفيسور عبد الحميد دشتي احد رواد ودعاة حقوق الانسان في العالم وهو المحامي والحقوقي والطيار الذي خدم في الجيش الكويتي والذي عرف باطروحاته القومية وبغضه للتمايز الطائفي والعرقي والقبلي .البرلمان الكويتي الاكثر عراقة في المنطقة والذي ساهم في جعل الكويت بلد ديمقراطي تمارس فيه الحريات واحترام حقوق الانسان وسط واحة من الاستبداد والدكتاتورية .ماحدث في برلمان الكويت من رفع الحصانة وقيام بعض النواب بالاعتداء على النائب عبد الحميد دشتي تحت قبة البرلمان ينذر بعالم جديد خالي من التسامح والمحبة والراي المخالف وسمة التعايش التي اعتاد عليها المجتمع الكويتي . ويصل الاعتداء على النائب الكويتي بعقال يصل ثمنه بمزايدة الكراهية والطائفية في السعودية الى اكثر من مليون دولار امريكي  . ماحدث في الكويت يشبه ماحدث في اندنوسيا عندما عرج السيد اوباما الى ذكريات صباه في اندنوسيا . وصبا اوباما لايختلف عن صبا دشتي في ستينات وسبيعيات وثمانينيات القرن الماضي ومثلهم الكاتب والمفكر الكبير ابراهيم عيسى الذي تصدح حنجرته ليل نهار منذ اكثر من عقد من الزمان على ماتعرضت له مصر من اختطاف سلفي وهابي دمر ارث مصر وثقافتها واصبحت مصر الازهرية لاتقل تشدداً عن السعودية . اوباما الذي اباح لرئيس وزراء استراليا عن سر غضبه من الحكومة السعودية فيما يخص تجربة حصلت لوباما شخصياً وكيف امضى اوباما مرحلة صباه في بلد يشهد الاسلام المتسامح الذي يقبل التعايش مع الجميع ليتحول بقدرة السعودية النفطية الهائلة الى بلد متشدد تسوده تقاليد السعودية وعادتها . الرئيس الاسترالي استغرب ذلك من اوباما سائلاً ؟ اليس السعودية صديقكم وحليفكم فاجاب الرئيس اوباما ؟ انه امر معقد . تفاصيل ذلك اللقاء التاريخي للسيد اوباما مع مجلة اتلانتيك سيبقى وثيقة تاريخية شاهدة على عصر انحراف هذا الدين وتمزقه وسيطرة اقلية غاشمة تمكنت من النفط والغاز لتنشر فكراً متشدداً ومتطرفاً نتج عنه التكفير والارهاب .السعودية التي تنتج ١٢ مليون برميل نفط يومياً لشعب لايتجاوز ٣٠ مليون نسمة يكفي ان يجعل الهند الفقيرة مرفهة والذي يعد فائضاً يشبه فائض مقدرات قطر في تصدير الغاز والاعلام والارهاب .لقد اخذت حكومة السعودية العهد على نفسها ومنذ الجد الاول لهذة العائلة ان تكون داعمة لهذا الفكر وكان الاتفاق مع الداعية محمد بن عبد الوهاب ساري المفعول مع ابنائه من ال الشيخ وابناء ال سعود . (نحن الدعاة وانتم الحاكمين )(ودعمنا لسلطانكم مقابل دعمكم لدعوتنا) ( وبين دوعتنا وسلطانكم يخصص ثلث ريع المملكة من الاموال للدعوة ( زكاة نفطية ) وثلث للسلطة وثلث لخدمات الناس في المملكة) .ومع نمو المملكة السعودية اقتصادياً بانتاج كميات هائلة من البترول استطاع هذة الثلث الدعوي من المال من الانتشار كلما ازداد انتاج النفط  فاصبح الدعوة النفطية لفكر ابن عبد الوهاب تلقى رواجاً هائلاً بعد عقد الثمانينيات في ارجاء مختلفة من العالم وتمكنت السعودية من دفع مرتبات مئات الالوف  من الدعاة وبناء عشرات الالوف من المساجد الضخمة .  وبما يعني خزينة دولة مستقلة مرفهة تخصص كل اموالها لتلك الدعوة المتطرفة والتكفيرية .هذة الدعوة التي اشتكى منها اوباما في اندنوسيا تشبه ماحدث في مصر والمغرب والجزائر وماليزيا والكثير الكثير من الدول والامر العجيب والغريب في هذة الدعوة النفطية انها اشترت ذمم رؤوساء دول واعلام واجهزة امنية واستخبارية مختلفة في العالم  حتى تمكنت من ان تبني مساجد للسلفية تفوق كنائس بلد مسيحي مثل بلجيكا وغيرها من بلدان العالم .اوباما الذي وصف علاقة امريكا بالسعودية بالمعقدة ناتج عن استغفال السعودية لامريكا بضرب السوفيت في افغانستان بحجة الجهاد الامريكي وكان السعوديين اذكى من بريجنسكي الذي اقنعهم بالقتال في افغانستان . فكانت دعوة شيطانية بدعم امريكي تحت مظلة جهاد الكفار السوفييت . ترافق مع دعوة تبشير للعقيدة الوهابية التي كانت منفذاً لزرع بؤر الارهاب التي اضرت العالم اجمع الا السعودية وجهاد السعودية في افغانستان والشيشان والقوقاز تطور ليشمل العراق وسوريا واليمن وبدلاً من الدفاع عن بيضة الاسلام الوهابي اصبح الدفاع عن بيضة التوحيد الوهابي في بلدان تختلف مذهبياً عن السعودية . فقامت السعودية بدعم الارهاب في العراق وسوريا واليمن ونتج عنه حروب طائفية تطورت بشكل سريع وسجلت حرباً واسعة تدخلت فيها احلاف وتحالفات طائفية بقيادة السعودية لاحتلال اليمن الفقير وتدمير مقدراته  .هذة الحرب ومساوئها في سوريا والعراق واليمن تحدث عنها الرئيس اوباما لرئيس تحرير مجلة اتلانتيك متهماً السعودية بشن حرب طائفية ومحاولة استدراج الولايات المتحدة في تلك الحرب ووفق العلاقة المعقدة . اوباما واصفاً الدول الخليجية بالجامحة والتي تزعزع امن المنطقة وتذكر غضب ولي العهد الاماراتي من اوباما عندما رفض التدخل العسكري لاسقاط حكم الرئيس بشار الاسد . رفض اوباما اسقاط بشار الاسد لم يلقى رد فعل سعودي وفق العلاقة المعقدة ولكنة انحرف بشكل اكثر قوة وقساوة لمواقف دولية ومحلية من الصراع الطائفي . فالسعودية غضبت على لبنان وقلقة من تونس والجزائر وتنتظر من مصر بما لايلائم عقيدتها فابقت العلاقة هشة مبنية على مضايقة مصر اقتصادياً وابتزازها على الدوام .ومثلما الدول اصبح الافراد الذين يعملون في الخليج اهداف فاصدر مجلس التعاون قراراً يحارب الاجانب على نوايهم في دعم ايران وحزب الله ويبعدهم عن وظائفهم ليشكلوا ضغطاً نفسياً ومعنوياً على دولهم وفي ظاهرة مخالفة لحقوق الانسان تشبه ابعاد اليهود في اوربا بعد سيطرة النازية . السيد عبد الحميد دشتي الذي عبر عن رأيه كما اوباما والكثيرين في العالم . انه يدعم  حكم الرئيس بشار ويعتبر خصومه من القاعدة والنصرة وداعش واحرار الشام تنظيمات ارهابية ودعى الى ضرب مصادر الارهاب العالمي ولم يسمي اي دولة كما  رجال الدين والسياسة السعوديين الذين يغازلون داعش والنصرة والقاعدة ولم يسموهم بالاسم . فرجال الدين السعوديين يدعون ان يمكن الله المجاهدين في سوريا والعراق واليمن من رقاب الشيعة والعلوين والشيوعيين والليبرالين وهم لم يسمون بمسى داعش واخوتها . ولكن الدولة السعودية اخذت على نفسها اقوال السيد دشتي . وفي عالم اصبح فية قطبية النفط والغاز هي من تسيطر على مواقف الدول  فغضبت لتصريحات دشتي وطالبت باقالته من البرلمان وتقديمة لمحاكمة . البرلمان الكويتي ذو الاغلبية السلفية والقبلية  اخذ على عاتقه تنفيذ تلك الاوامر وقام بالاعتداء على دشتي بشكل صارخ تحت قبة البرلمان . سلوك اعضاء البرلمان الذي يمثلهم خير تمثيل  في المجمل الاعم هو النائب السابق طباطبائي الذي ظهر بمشاهد فديو وهو يصنع العبوات ويزرعها ليقتل منتسبي الجيش السوري الذي شارك في تحرير الكويت من احتلال صدام . والطباطبائي كما الكثير من النواب الكويتيين يدافعون عن السعودية وعقيدتها اكثر مما يدافعون عن دولتهم بينما محضور على الاخرين ادانة الارهاب وضرب مصادره حتى ولو كان في بلدانهم . ما حذر منه اوباما في اندنوسيا حذر منه دشتي في الكويت وحذر منه ابراهيم عيسى في مصر وحذر منه كل الاحرار في العالم . ولكن ان تتمكن الاقلية الغاشمة والتي تشكل اكثرية بفعل قوتها الغاشمة وليس بمقبوليتها العددية من اقصاء عبد الحميد دشتي قد تتمكن من اقصاء اوباما لو كان في بداية سنوات حكمه فالعلاقة المعقدة هي من اوحت الى اوباما ان يصرح بعد قرب انتهاء فترة ولايته لينتهي ملف وتبدأ حقبة المذكرات والوثائق التي لم يكشف عنها الا المتقاعدين ومن ليس بيدهم مصدر القرار وستبقى السعودية والقرى المحيطة بها مصدر القرار مابقى النفط والغاز هو القرار وستذكر كتب الصحاح السعودية في قادم الايام ان اوباما لايقل صفوية ومجوسية عن دشتي وابراهيم عيسى وقبلهم السيد حسن نصرالله وكل مخالف قال لا للوهابية وفكر التطرف والتكفير والارهاب .
[email protected]