منذ الصِغر , تتلى على مسامعنا ملايين القصص , من بابِل و سومَر , ومِن أكدً و أشور, من بلادِ ما بينً النَهرين , خُطت القَوانين وصٌنعت الحَضاراتِ , ورُسمت مَعَالم ذلكَ البَلد , المُحتَضِن لِكٌل ما هو قابل لِلاحتضَانِ , بالمعايشة والسلام , بحرية ورفاهية ونعيم , مَرت العديد من الاحكام , والكثير من الانظمة , والكثير والكثير من الزعامات والشخصيات , ولكن لغز الحكم لذلك البلد , ما زال اقل شفافية بكثير مما هو مٌطلع عليه , وأكثر غموضاً عن ما هو مطبقٌ فعلاً , فبوصلة القيادة في هذه البلاد , تحتوي على أكثر من أربع اتجاهات , فمحركاتها الفعلية , بعيدةُ عن مخيلة الادراك العقلي لابناء ذلك البلد .
قد تتضح الامور , وتعتلي منصات الافكار وجهات النظر العديدة , التي قد تكون صائبة مرة , وخائبة عشرات المرات , ولكن مجرد التفكير بالمصلحة العليا , يجعل الانظار موجهة نحو رؤية وبرنامج أصلاح متكامل , وعندها تتساقط كافة المصالح الشخصية , لتعلو المؤسساتية منها , بكل مهنية وكفاءة , فوق تلك التي يديرها من لا يفقه لغة الخدمة , بل أن الطرف الاخر , من مسك وادارة الوضع , دون ادنى احساساً بالمسؤولية , فالمواطن بحاجة الى مواطنة فاعلة , ومسؤولية كبيرة , لكي يكون على القدر الكافي , من أستيعاب كافة المراحل ومتطلباتها .
شخصية واحدة , قلبت موازين الحكم والحكام , والقوانين والدساتير , لكي تغير معالم أمة بأكملها , فغيرت الاوضاع من حال الى حال , وصنعت من ال لامحال حال والف حال , سبط رسول الله , الحسين أبن علي , تلك الشخصية التي كانت مُهابةً بقوة الفِكر والعَقيدة , قبل أن تكون مُهابة قوة ذلك الجسد , الذي سقط شامخاً , لكي يُعلي ثورة الحق , فوق عروش الظالمين , غريباً امرك يا مولاي , قتلت من الطغاة وأنت شهيد , أكثر مما قتلت وأنت على قيد الحياة , فمعركتك كانت أصلاحية بالمطلق , وسلاحك كان فكرياً بالمجمل , فغزوت وانت مدرك تمام الادراك , أنك ستصنع نظاماً للحكم من بعدك , يَحلم كل من يناظره , بأن يحصل على ذرات قليلة منه , فدستورك كان الاشمل , وقيادتك كانت الاسمى , فلم تغريك المصالح الشخصية , ولا الشهوات النفسية , بل كنت مناراً , للخدمة المجتمعية , التي تميزت فيها , فوق كل حاكماً وجائر …