23 ديسمبر، 2024 1:49 م

” دستوريّاتٌ ” عراقية ..!

” دستوريّاتٌ ” عراقية ..!

على الرغمِ من أنّ مفردة ” دستور ” هي غير عربية الأصل ولم تذكرها القواميس والمعاجم العربية , ومن المرجّح انها تركيّة الجذر , كما تُستخدم في اللغة الفارسية بنطاقٍ اضيق او محدود بمعنى اي نظام مؤسساتي او الثوابت التي تحددها اية دائرةٍ ما كنظامٍ واعتباراتٍ ادارية تفرض الألتزام بها . والى ذلك فأنّ كلمة ” دستور ” يجري استعمالها في مجالٍ آخرٍ محدّدٍ في اللهجة العامية المصرية ” للتعبير عن حالةٍ من الخوف وتجنّبها ” , وتُستخدَم ” دستور ” ايضاً في اللهجات اللبنانية والسورية المحلية في التعبير عن ” حالةٍ لطلب الأذن او السماح لاسيما عند المرور في مكانٍ ضيّق يعجُّ بالناس ” , ولكنّه بجانب كلّ ذلك فقد بقِيَتْ مفردة ” الدستور ” بمفهومها الحالي في المجالين السياسي والقانوني في كافة الدول العربية كترجمةٍ عن المعنى الأنكليزي لكلمة < دستور – CONSTITUTION  > والتي توصف : بمجموعة من القوانين والمبادئ والأهداف التي تمثّل سلطة الدولة …
  وبالعودة الى ” الدستوريات العراقية ” والى الواقع الآني الذي يعيشه البلد منْ تمادٍ في الخلافات بين الكتلِ والأحزاب حول الإستحواذِ على وزاراتٍ محددة , وانعكاسات ذلك على تأخيرِ تشكيل كابينة الوزارة , فتنبغي الأشارة هنا , الى عدمِ وجودِ فقرةٍ او بندٍ في الدستور تحدد او تمنح امتيازاتٍ لأيٍّ من الكتل والأحزاب بالحصول او الأستحواذ على بعض الوزارات السيادية بعينها او غيرها ايضا , فلماذا لا يفرض رئيس الوزراء صلاحياته الدستورية في تعيين الوزراء المرشحين والمناسبين لوزاراتٍ مناسبة تتواءم مع مؤهلاتهم ومع مقبوليتهم لدى الجمهور طالما لم تستطع الكتل والأحزاب من اجراء توافقاتٍ نزيهة فيما بينها حول هذه الوزارة او تلك .! ولا أحد بمقدورهِ أن يجزم اذا ما كان لرئيس الوزراء الجديد من تعاطفٍ نفسيٍّ مع هذا الحزبِ او غيره اذا ما اخذنا بنظر الأعتبار انه في عجالةٍ من أمره وفي التزاماته في السقف الزمني المحدد لذلك …
      إنَّ مَنْ يشاهد ويتابع ويتأمّلْ صور اللقاءات المتلفزة للأجتماعات واللقاءات التي تجري بين رؤساء وممثّلي الأحزاب والكتل البرلمانية والتي تنعقد في مقرّات ومكاتبِ ومنازل بعض المسؤولين السياسيين ومنْ خلفِ كلٍّ منهم ” العَلَمْ ” الذي يمثّل حزبه , وباصطفافِ هذه الأعلام البرّاقة والخفّاقة ذات اللوان الزاهية الى جانبِ بعضها , فسيخالها المرء للوهلة الأولى وكأنها اجتماعٌ لوزراء خارجية الأتحاد الأوربي او منظمة الوحدة الأفريقية . ومن غير المعروفِ بشكلٍ دقيق كيف جاءتنا موضة ” الأحزابِ وأعلامها .! ” بعد الأحتلال ووفق افرازاته , والتي لا علاقة لها بالدستور والتي تعكس من زاويةٍ ما وكأنها فوضىً سياسية وتشظٍٍّ لسيادة الدولة التي ينبغي ان يغدو لها عَلَمٌ واحد …
     لمْ نسمع يوماً في البلدان العربية او غيرها عند تشكيلِ وزارةٍ او إعادة تشكيلٍ للوزارة القائمة او استبدالها بمثلما او كمثلِ ما يحدث في العراق الآن , اذ تبدو الصورة المنعكسة لدى ” المتلقّي ” وبدرجةٍ من الوضوح , أنّ المقاعد الوزارية ليست لأجل ان يُشغلها المتخصّصون والتكنوقراط او المؤهّلون ” على الأقل ” , وإنّما كأمتيازاتٍ سلبيّة لأشخاصٍ ولأحزاب وفي المفهوم الضيّقِ للأسف …
     سنبتدئُ الفقرةَ الأخيرة ” هنا ” بصيغةِ سؤال : – هل يمكن ان تجتمع الديمقراطية مع الأمن المعدوم في آنٍ واحد .؟ – واذا كان هنالك فعلاً من ديمقراطية – , ففي وضعٍ لا يأمنون كافة المواطنين او شعبٌ بأكمله على فقدان الحياة في ايّ ثانية , سواءً بالأعدام او بالأغتيالات او تتلقفه العبوات والمفخخات , وفي وضعٍ يتعرّض المواطنون فيه للخطف من الميليشيات والعصابات وثم المساومة على حياتهم بالدولار , ويجري قتلهم بعد ذلك , فلو حدثَ كلّ ذلك في دولةٍ تحتلُّ داعش نحو ثلث مساحتها , وينهمك جيشها في معاركٍ داخليةٍ – داخلية , وينشغل سلاح الجو فيه بألقاء البراميل المتفجّرة , فماذا كان سيحدث في تلك الدولة .!؟ , فكانَ أنْ تشكّلَتْ على الفور حكومةٌ عسكرية يكون وزراؤها من القادة العسكريين وكبار الضباط بهدف ضبط الأمن اولاً وفرض سلطة وهيبة القانون وتوحيد الجبهة الداخلية < ولا اعطاء صلاحيّاتٍ لا مركزية للمحافظات بذريعة الديمقراطية > , وكلّ ذلك كمرحلةٍ آنيّة وانتقالية بغية مواجهة داعش ومشتقاتها , وتنظيف البلد لمواجهةِ اخطارٍ اقليمية ودولية تمتلكُ ما تمتلك من حواضنٍ في الداخل , إنّما محال  ان يحدث ذلك في العراق وتحت ايّ سياق .! فأين تذهب الأحزاب , وبماذا ستمتازُ ما تمتازُ به هذه الأحزاب ..!