24 ديسمبر، 2024 2:49 ص

دستورية العراق المنقوصة!!

دستورية العراق المنقوصة!!

يعيش العراق الأغرب من الأوضاع و الأحوال، شعب مأزوم بمزاجيات سياسيين، ومستقبل وطن معلق بأهداب الباحثين عن جاه من الفدراليات الى الأقاليم، والتي يجهلون حتى مفاهيم شرحها في العربية، يرددونها  كالببغاء ويجهلون الى أي مقصلة يسيرون بالعراق وأهله، في وضع دستوري غير واضح ولا مفهوم، وهو من المنطق أبعد من السراب الى العيون.
رئيس جمهورية غائب حاضر منذ اشهر طويلة، و رئيس قبله أنقطعت أخباره جملة وتفصيلا، وزراء يتسللون الى الماضي وقادة أحزاب ونواب وكبار مسؤولين يتبخرون، ولا ندري هل يحتفظون لليوم بمميزات الأمس، طالما أن القضاء غالبا ما يكون رحيما بهم عكس غيرهم.
مفارقات عراقية بامتياز تحدث بعيدا عن الهمس ، مجلس رئاسة معطل بسبب صحة الرئيس، أمده الله بالعافية وطول العمر،  نقول في وضع عراقي يغيب دور هذه الرئاسة،  ما يضع علامات استفهام كبيرة على التوقيتات والأهداف والمفاجئات، والا كيف يقبل السياسيون وضعا غير متوازن على الاطلاق، مجلس رئاسة الجمهورية، الذي وزع على أساس التوصيفات المذهبية والعرقية، لا يرى بالعين المجردة اليوم، حيث أوكلت مهامه الى شخص واحد من نفس انتماءات رئيس الوزراء الحزبية على الأقل، بعد اتهام النائب الأول طارق الهاشمي وتراجع صحة الطالباني.
 ورغم المعرفة الدقيقة بأن هذا المجلس هو جزء من السلطة التنفيذية، حسب الدستور، وانه تحول الى مجلس تشريفي لقناعات تخص الرئيس الطالباني شخصيا، بوصفه حامي الدستور، كما يقولون، رغم كل ذلك، فانه من غير المقبول اختزاله بشخص واحد هو نائب الرئيس خضير الخزاعي، فهكذا توجه بحاجة الى اصلاح دستوري، عبر تكليف أخرين بمهام الطالباني والهاشمي الى حين، لكن أن يبقى التسويف سيد الموقف ، من خلال اجترار وافتعال الأزمات فتلك قضية لا تقل في خطورتها عن الأصوات المطالبة بتقسيم العراق ، بحثا عن جاه مفقود أو أجندة يكره اصحابها العراق بأمتياز.
لا نجد تفسيرا لصمت المؤسسة التشريعية عن كل هذا الخلل الدستوري منذ اشهر، وماذا ينتظر النواب لتحريك المياه الراكدة في هذا الميدان الحيوي، وعلى اي الأسس استندوا في تشريع قوانين تحتاج الى موافقة رئاسة الجمهورية الغائبة الحاضرة؟ ونحن هنا لا نحمل صحة الرئيس المسؤولية، بل نؤكد أن خطورة التعامل المزدوج مع الدستور وأخواته من توافقات و مجاملات سياسية مدفوع الأجربالتمام والكمال نقدا، تضع البلاد والعباد على مفترق طرق يزداد ظلامية!!

لقد ذبحوا العراق طائفيا وعرقيا ويذرفون دموع التماسيح على وحدته وسيادته، حولوا البلاد والعباد الى وسيلة ايضاح وتجارب ولدت من رحم عاقر، ومع ذلك يستغفلون الشعب بشعارات يتخندقون فيها حد العظم طائفيا، فلا هم انتصروا لمظالم أهل البصرة، ولم ينصفوا عروبة كركوك، ولم يوقفوا تدخلات ايران أو الكويت، أما القرار الأمريكي فانه رحل عسكريا ، واستقر داخليا، لذلك حمل وزير الخارجية كيري العصا من جديد ، فتراجع سقف المطالب السياسية ، وبدأ تنفيذ الاملاءات الأجنبية، لذلك يتقاتل السياسيون على قضايا هامشية، ويتركون مفصل الحياة اليومي، المتمثل في تنفيذ مطالب المحتجين ومنع التمدد الخارجي على هيبة العراق من خلال معاقبة السراق والطارئين والفاشلين.
لو احترموا الدستور على علاته ونواقصه الكثيرة، لما وصل الحال بالعراق الى هذا المنعطف التاريخي الخطيرجدا، سياسيون ولدوا بعد 2003، يتحدثون في كل الأختصاصات، ويسوقون الاتهامات في مختلف الاتجاهات، لأنهم ببساطة بحاجة الى سنوات دراسية اضافية كي يضعوا الخطوة الأولى في صف المراحل الابتدائية، فكيف ننتظر منهم معرفة بالأولويات السياسة!! ، هذا اذا اتفقنا على أن مميزات المنصب تفوق كل الأهتمامات، ما يبرر التقاتل بين الكتل والفريق الواحد، عندما تهيأ طاولة المساومات والتزكيات والمقاولات!!
ويبدو وأضحا ان الخلل أصبح سيد الموقف في العراق الى حين، وأن العودة الى العقلانية والجرأة تنتظر رحيل وجوه و أجندات، وهنا يجب التوقف عند  دور المرجعيات الدينية، ومدى قدرتها على توحيد الصفوف بعيدا عن مجاملة السياسيين، لأنه وبدون ذلك سيفهم المتابع خطأ سكوت هذه المرجعيات عن اقحام مرشحين وسياسيين القيمة الانسانية العليا للامام الحسين ” ع” في حملاتهم الانتخابية، في وقت تتهم المرجعيات أغلب السياسيين بخروقات كثيرة، فلما لا تحرم مثلا التوظيف غير النزيه لعزة مقام هذا الامام في سباق سياسي ،تنقصه كل عناوين الانتصار لمظلومية الانسان، والدفاع عن الحق بلا هوادة أو حسابات زمان ومكان!!

رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]