وهنا، وبعدما تبين لنا، ألا علاقة دستوريا لكل هذا اللغط حول المادة (76) المتعلقة بالكتلة الأكثر عددا، بحالة الراهنة، التي يمر بها العراق، لا بأس من إعادة نشر المعالجات بهذا الصدد التي أجراها مشروع «دستور دولة المواطنة» من ضمن كل المعالجات والإضافات والتعديلات الضرورية التي أجراها.
فـ(أولا) من المادة (76) التي أصبح ترتيبها في مشروع «دستور دولة المواطنة» (80) تنص على الآتي جاعلا الإضافات بين مضلعين [هكذا]:
يكلف رئيس الجمهورية خلال خمسة عشر يوما من تاريخ [انعقاد أول جلسة لمجلس النواب] مرشح [الحزب السياسي الحائز عبر الانتخابات حصرا على العدد الأكبر من المقاعد النيابية] بتشكيل مجلس الوزراء [ولا يجوز تشكيل ائتلاف بعد الانتخابات من أكثر من حزب سياسي لغرض تشكيل الكتلة النيابية ذات العدد الأكبر من المقاعد].
هنا اعتمدت صياغة في منتهى الوضوح، مما يمنع التأويل إلى معنى آخر، كما جرى أكثر من مرة في انتخابات سابقة، بدءً بانتخابات 2010 حيث أوجدت أحزاب الإسلام السياسي الشيعية بدفع من نوري المالكي بدعة لم تسبقهم إليها أي دولة بنظام برلماني وديمقراطية راسخة، فتحول بعد ذلك إلى عرف ينفرد به العراق، من أجل الحيلولة دون ترشيح أياد علاوي، فتخرج رئاسة الوزراء إلى غير الإسلاميين، وبالتالي ينقض أحد الشرطين فيه، أي أن يكون أولا (شيعيا)، وثانيا أن يكون (إسلاميا). من هنا حذفت كل من عبارة «مرشح الكتلة النيابية الأكثر عددا» و«من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية»، بسبب إلغاء التزامن بين الانتخابات النيابية وانتخاب رئيس الجمهورية، إذ تبنى مشروع «دستور دولة المواطنة» أن يجعل الدورة الرئاسية خمس سنوات، والنيابية أربع سنوات، لإلغاء التزامن، كما هو الحال في معظم الديمقراطيات الراسخة ذات النظم البرلمانية، بل حتى ذات النظم الرئاسية.
كما عالج المشروع (ثانيا) من المادة آنفا، والتي أصبحت في المشروع (رابعا) بسبب إضافة فقرتين، لا علاقة لهما الآن بموضوعنا، فأصبحت (ثانيا) أو (رابعا) في المشروع كالآتي:
يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف تسمية [جميع] أعضــــاء وزارته خلال مدة أقصاها ثلاثون يوما من تاريخ التكليف.
فإضافة كلمة «جمیع» جاءت لجعل مهلة الثلاثين يوما تشمل كامل أعضاء الكابينة الوزارية، ولا يجري تشكيل الحكومة بالتقسيط، كما حصل في حكومات نوري المالكي وحيدر العبادي وعادل عبد المهدي.
أما (خامسا) من المادة في المشروع والتي كانت (ثالثا) في دستور 2005 فتنص على الآتي:
يكلف رئيس الجمهورية [مرشح الحزب السياسي الحائز عبر الانتخابات حصرا بالدرجة الثانية على عدد المقاعد النيابية، وفي الدورة الأولى بعد نفاذ هذا الدستور المترشح لرئاسة مجلس الوزراء الحائز على المرتبة التالية] لرئاسة مجلس الوزراء خلال خمسة عشر يوما عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة خلال المدة المنصوص عليها في البند [رابعا] من هذه المادة.
هنا جعلت العبارة البديلة بدلا من «مرشحا جديدا»، إذ لا بد أن يكون مرشح الحزب التالي للحزب الأول، عندما يخفق مرشح الحزب الأول بعدد النواب، ولا يترك اختيار رئيس مجلس الوزراء للصفقات السياسية، وهذا هو المعمول به في كل الديمقراطيات الراسخة ذات النظام النيابي. فما نتطلع إليه أن تلغى بدعة التحالفات الانتخابية، ويجري الترشيح حصرا في إطار الأحزاب بالنسبة للحزبيين، أو بالترشيح الفردي بالنسبة للمستقلين، مع وجوب جعل الترشيح للانتخابات المبكرة القادمة، وكذلك للانتخابات التي تليها ذات المدة النيابية الكاملة، عن طريق الترشيح الفردي حصرا، مع حل جميع الأحزاب، وفتح باب تقديم إجازة الأحزاب وفق قانون أحزاب جديد، لتشارك في انتخابات 2025، إذا صحت حساباتنا بإجراء انتخابات مبكرة عام 2020 لحكومة ومجلس نواب للفترة التمهيدية للمرحلة الانتقالية، التي تبدأ عام 2021 بالترشيح الفردي لغاية 2025 ليكون الترشيح فرديا أو في إطار الأحزاب، دون تشكيل تحالفات انتخابية.