هناك سؤال يتردد دائماً على لسان الجميع ويتعايش مع افكارهم اليومية هوهل في الامكان تحديد طبيعة المشكلة الاساسية التي يعاني منها بلدنا وابنائه..؟ ان من اهم الاسباب في أزماتنا هي في انعدام الوفاء للوطن وغياب الشعور بالانتماء الحقيقي له ، وافتقارالشعور الانساني الفطري لدى البعض ، الذي هو أثمن ما في الوجود ، لان الانسان الذي بلا وطن هو بلا هوية، بلا ماضٍ أو مستقبل، فهو غير موجود فعليًا، ولبناء الوطن الرائع، لابد من بناء لبناته الأساسية بسلامة، والمُساهمة في الحفاظ على أمنه وأمانه، وتجنّب نشر الفتن، أو الكراهية والعُنصرية بين الناس، ومن اجل هذه الامور يضحي الإنسان بحياته دفاعاً عن ترابه المقدس، لأنه يستمد منه انتمائه وكيانه الإنساني؛ علينا أن نُنمّي وطننا في وقت السلم ونسعى إلى رفعته والارتقاء به في كل المجالات، ويكون ذلك بأن نجتهد ونهتم بأعمالنا مهما كانت صغيرة أو كبيرة. وأصعب شيء على النفس البشرية أن تكتب عن شيء ضاع منها، فيجب وضع العديد من الإحتمالات عن ملامح مكان وجوده في زمان معين اعتماداً على الذاكرة، والذاكرة مهما حاول الإنسان الاعتماد على الدقة والأمانة تبقى خداعة تحتاج الى ادراك في الحسابات واليقظة في حفظ المؤسسات والمبادئ والقيم، واللبنة الأساسية لبناء كل مجتمع هي الأسرة الجادة في الولاء الى المجتمع ككل وعدم الولاء للأشخاص وأصحاب المال والنفوذ، لانه متى ما طغت المادة والمصلحة على التفكير والعقول، وغياب المعايير والمقاييس العلمية والثقافية والأخلاقية، بلاشك سوف تحل محلها الأنانية والجهوية وغياب روح المسؤولية وفقدان النظرة المستقبلية لشؤون الشعب ،نعم يمكن ان نشخص مشاكلنا ” يمكن ذلك “وبوضوح رغم هناك من يصفها و يعتبرها سياسية وأمنية، ومن يصنفها اجتماعية أو اقتصادية وحتى ثقافية، ولذلك لم نتمكن من تشخيص واقعنا وتحديد سياستنا لمعالجة المشاكل، فتعقدت الامور وتعددت ألازمات، وأخطأنا حتى في طبيعة النقاش الذي نخوضه اليوم حول مشروع المجتمع الذي نريده، كل الدلائل والشواهد والتجارب التي مررنا بها، تؤكد أن مشكلتنا أخلاقية، يعاني منها الأفراد والمؤسسات، والحكام والمحكومون، والصغار والكبار.. مع الذات ومع الغير، في الأسرة والشارع والمدرسة، وفي كل مؤسسات الدولة والمجتمع:واختلفنا حزبياً واقتصر تركيزنا على أمور ثانوية وهامشية وشكلية، في أوساط الساسة والمثقفين والإعلاميين ، وكل فئات المجتمع،الاية الكريمة
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (3737)مريم
تعتبر التنشئة الإجتماعية من العمليات الأساسية فى حياة الإنسان لو صيغت بطريقة سليمة تكمن أهميتها فى أنها تقوم بتحويل الفرد من مخلوق ضعيف عاجز إلى شخصية قادرة على التفاعل فى المحيط والمجتمع الذى يحتويه كما تساعد الفرد على الانتقال من الأتكالية المطلقة والاعتماد على الأخرين والتمركز حول الذات فى المراحل الأولى من عمره إلى الاستقلالية والاعتماد على النفس عبر المراحل الارتقائية من عمره ، يحقق بها الفرد ذاته داخل الجماعة أو المجتمع الذي يعيش فيه حيث تسهم التنشئة الصحيحة في تكوين الفرد لفكرته عن ذاته بجوانبها الجسمية والعقلية والوجدانية والاجتماعية والقيمية وغيرها من الجوانب الشخصية وقد يكون هذا مفهوم إيجابي عندما يعرف الفرد حقيقة إمكانياته ويتمتع بقدر معقول من الثبات وعندما يكون متقبلا لها وحينما يضع لها أهداف واقعية ويسعى إلي تحقيقها. ان التعرف على النموذج المراد تقليده والتوحد معه في التعليم هو الانتباه والملاحظة شرط أساسي لعملية التعلم بالنمذجة وتشير الدراسات إلى أننا ننتبه ونلاحظ النماذج الرفيعة ذات الكفاية العالية أي انها ترتبط كثيرا بخصائص النموذج وبخصائص المتعلم وبدرجة الحوافز والمدعمات المرتبطة به ، وهي تعود إلى العملية التي يتعلم بواسطتها أو من خلالها الأفراد قيم ولغة المجتمع والسلوك المتوقع منهم كأعضاء فيه ويتم ذلك من خلال الأسرة أو المدرسة وحتى زملاء الرفاق .لان الفرد يكتسب بموجبها الحساسية للمثيرات الاجتماعية كالضغوط الناتجة عن حياة الجماعة التزاماتها وكيفية التعامل والتفاهم مع الآخرين . اذاً حبُّ الوطن المفعم بالإيمان والمشبَع بالتَّفاخر به والاعتزاز به ـ حقًّا وصدقًا ـ إنَّما يكون بالحفاظ على أَمْنِه وسلامته، والابتعاد عن ترويع أهله وإشاعة القتل والنَّهب والفوضى وجميع صور الإفساد في رُبُوعِه تحت أيِّ غطاء كان، ويكون بنبذ العصبيَّات والنَّعَرَات والتَّحزُّبات الَّتي تسعى إلى تَفْرِقَتِه وتشتيته، وتَحُول دون اجتماعه ووحدته . واستغلال خيراته وثرواته وصيانتها من عبث المفسدين وخدمة أرضه ومن عليها من العباد والممتلكات والمكاسب والإنجازات؛ ليستغني عن غيره، ويعظم في عين أعدائه الطَّامعين فيه، والسَّعيى به نحو الأكمل والعيش الأفضل و من شرط الوطن أن يكون كاملاً لا نقصَ فيه ، وحسبنا الكمال والتَّقدُّم نحو الأحسن.