يكون المتابع للانتخابات الأمريكية رأيا مفاده أن لشخصية الرئيس المنتخب تأثيرا مباشرا على الناخب ، إذ تلعب عوامل تكوين الكاريزما لديه دورا ثانويا (رغم أهميتها) أمام منهاجه المعلن على الملأ ، فقد أثبتت انتخابات الامس أن سلوك الرئيس ترامب الانتخابي كان مؤثرا جدا ، ولكن منهاجه المعلن كان وراء توجه المواطن الناخب ، خاصة ما تعلق بعامل إعادة النظر في الوضع الاقتصادي من خلال مبدأ إعادة النظر في الضرائب ، وتخفيضها عن الشركات تمهيدا لتخفيض الاسعار من جهة وتسريعا لتصريف المنتجات بغية إيجاد فرص عمل جديدة ، كما وأنه تبنى بخلاف الثوابت الرأسمالية مبدأ الحمائية التجارية في العلاقة الاقتصادية مع الصين خصوصا ومع الاتحاد الأوربي عموما ، بل وذهب إلى الاستمرار بمنع استيراد السيارات من الصين وخاصة الكهربائية وذلك لفسح المجال أمام صناعة السيارات الأمريكية ، دعما لتشغيل العاطلين عن العمل ، كما تبنى رفع معدلات الرسوم الكمركية بنسب عالية لسد الفراغ في خسارة الخزانة جراء تخفيض الضرائب على الشركات والمبيعات ، ومن ثم تخفيض نسبة التضخم وتخفيض الاسعار ، ومن برنامجه ترحيل المهاجرين غير القانونيين ، وهي خطوة تفسح المجال رحبا أمام العمالة الأمريكية ، اضافة الى تقليل نسبة الجريمة ، وله محاولة جادة لمحاربة مافيات تهريب المخدرات المكسيكية ، وهو من بدأ ببناء السياج مع المكسيك منعا للمهاجرين غير النظاميين ، واعاد إلى الذاكرة سياساته المعادية للإجهاض وقضايا اجتماعية كانت موضوع خلاف مع الديمقراطيين ، وأنه في حملته دعى الى تغيير سياسات الدولة بشأن الضمان الصحي والعمل قريبا مع العمال والفئات متوسطة الدخل .
أن ترامب سيدخل البيت الأبيض بداية العام القادم وهو يحمل تناقضات شخصية ، ومشاكسات سياسية ربما تكون هذه لوحدها عوامل إضافية لمزيد من التوترات الدولية اضافة الى ما هو قائم من عدم الاستقرار ، غير أن الدرس الواجب فهمه أنه برغم كون الانتخابات الأمريكية هذه هي صراع أشخاص إلا أن الناخب كان يصوت على المعلن من البرامج لا ما قاله الزعماء بعضهم البعض الآخر ، لأن الديمقراطية في النهاية هي بالدرجة الأولى صراع برامج لا صراع أشخاص كما هو جار في ديمقراطيتنا ، حيث يتغلب عامل الأشخاص على أولوية البرامج …..