تابعت حديثك، دولة الرئيس، آسف فقد رفضت هذه التسمية، لكنها شطحة عودونا عليها خلال ثماني سنوات، سيادة رئيس مجلس الوزراء، حيدر العبادي، كما تحب، مع نخبة من الإعلاميين، ووقفت معك على بعض الفقرات المهمة، التي أشعرتني بحالة من الأمل في التغيير، حيث لم تلفت الى تلك الأصوات التي حاولت أن تعدلك عن موقفك الإنساني بوقف قصف المدن، التي راح ضحيتها أطفال ونساء، شيوخ وشباب عزل، وبرغم أن قرارك جاء منسجماً مع مواثيق حقوق الإنسان الدولية والمحلية، التي تؤكد على تجنب إستهداف المدن والسكان العزل، حتى وإن كانت هناك بينها أهداف عسكرية، وهو مابينته ضمناً، عندما أشرت الى الأخطاء التي ممكن أن تقع خلال إستهداف موقع لمسلحين، فيصيب مدنيين أبرياء، وهو مابررت به لقرارك بوقف القصف، مع تأكيدك على إستمرار العمليات العسكرية ضد تنظيم داعش الإرهابي، وهذه موازنة منطقية، تخرج المدن من دائرة الصراع، كما تدفع القطعات العسكرية، البرية والجوية، على حد سواء، الى توخي الدقة في تحديد إحداثيات الأهداف التي يراد قصفها، غير أن الساعين لإفشال برنامجك الحكومي، حاولوا أن يحمّلوا قرارك بوقف قصف المدن، بعض الإخفاقات الأمنية، التي خلفت ضحايا في صفوف المدنيين والقوات الحكومية، وعملوا مابوسعهم من أجل تحشيد أنصارهم ضد هذا القرار، بل وصل بهم الحال الى المطالبة، بإسقاط الحكومة، وعلى رأسها، السيد العبادي طبعاً، لكن مشروعهم فشل، مثلما أكد نجاح منهجكم في وقف نزيف الدم، وإعادة اللحمة الوطنية، وكان حديثكم في هذا الإتجاه قوياً، حيث أكدتم أنه لاتراجع، عن قرار وقف المدن، كما أشرتم الى أهمية تشكيل قوات الحرس الوطني من أبناء المحافظات، ليكون رديفاً لجهاز الشرطة الإتحادية والمحلية، فيما يعاد توزيع الجيش خارج المدن، حول الحدود العراقية، ليكون فعلاً سوراً للوطن، وليس جهازاً قمعياً ضد المدنيين.
سيادة الرئيس، عذراً، ليس كل الأهداف المدنية التي تعرضت للقصف والدمار، كانت بسبب أخطاء في الإحداثيات، أو خلل في دقة الأسلحة المستخدمة، وإنما كان هناك قصد وترصد لضرب هذه الأهداف، ضمن عمليات مايعرف عسكرياً بالأرض المحروقة التي لاتبقي شيئاً ولاتذر، حيث قصفت المدن بالصواريخ والقنابل والراجمات والبراميل المتفجرة، ولم يسلم مستشفى ولا جامع، ولامدرسة، ولاحي سكني، بل أصاب القصف حتى الأموات في قبورهم.
وقد ذكر طيارون عراقيون لصحيفة الغارديان البريطانية، أن المقاتلات كانت تقصف المدن المأهولة بالسكان، في وقت يتكرّر فيه إعلان سقوط مدنيين جرّاء عدم دقّة القصف، فيما أكّد بعضهم تواصل القصف ضد مدنيين على خلفيات طائفية.
وكشف طيار للصحيفة عن إستخدام قنابل برميلية تلقى من طائرات أنتونوف وسوخوي، على المناطق السنية، مشيراً الى أن هذه البراميل المتفجرة أوقعت الكثير من القتلى بين صفوف المدنيين.
قضية أخرى أثرتها سيادة الرئيس، وهي توجيهكم للأجهزة أمنية بإجراء التحريات الكافية قبل أية عملية القاء قبض، لكن أستميحكم العذر، وأرجو أن تسمحوا لي أن أبدي رأياً في هذا الموضوع، حيث ذكرتم أنكم أمرتم القوات الأمنية بإعتقال المذنبين فقط، لكن كيف تستطيع هذه القوات أن تميز بين مذنب، وبريء، ولاسيما أن القاعدة القانونية تقول : المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهذه الإدانة لايثبتها ضابط شرطة، ولا محقق عدلي، وإنما القضاء وحده المسؤول عن ذلك من خلال محاكمة عادلة.
ومن هنا، سيادة الرئيس، وأنت سيد العارفين، أن أي معتقل في دور التحقيق، هو متهم، والمتهم بريء حتى تثبت إدانته، لذا لايمكن أن نطالب الأجهزة الأمنية بإعتقال المذنبين ، لأننا بذلك سنحكم على كل معتقل بأنه مذنب قبل أن يقول القضاء كلمته.
أما بخصوص تشديدك على إستخدام القسوة بحق الجناة، والإرهابيين، فهذا يتطلب حكماً قضائياً يتناسب مع الفعل، وأن لايترك الأمر للأجهزة الأمنية ومراكز التوقيف والإعتقال.
عموماً، أرجو أن يكون صدرك قد إتسع لي، خدمة للصالح العام.