23 ديسمبر، 2024 9:49 م

دردشة أخيرة عن الحب

دردشة أخيرة عن الحب

بدت تضيق ذرعًا وهي تستعجل إنهاء هذا النقاش الذي طال لأكثر من أسبوعين؛ لتحديد نوع العلاقة التي تربطها به، حيث تُصر هي على أنها طيش او محاولة هرب من الوحدة أو حتى لحظة ضعف جعلتها تتقارب معه.

أطفأ سيجارته بحركة عصبية، وسألها بنبرة المتيقن من نهاية المشوار : كيف تميزين بين الحب والنزوة، او بين الجد واللعب؟

أعتدلت في جلستها وتصنعت وضع الخبير بكل شؤون الحياة: الأمر سهل ولا يحتاج الى التحليلات، ويمكن التفريق بين كل أنواع المشاعر من خلال الحديث والتصرفات المرافقة له.

_ تعنين لغة الجسد؟

_ بالضبط، ولا أحتاج إلى خبرة كبيرة لتعلم هذه اللغة.

أغتصب إبتسامة، ومنع نفسه من العودة الى لهجة العتاب والتذكير بالأيام السعيدة التي عاشاها طيلة 4 سنوات: من خلال تجربتي الشخصية يمكنني أن أضع 3 قواعد للتفريق بين الحب واللعب.

لم تكن مستعدة للشرح المطول او الجدال الفلسفي: لست مهتمة بها ولكن يمكنك سردها باختصار في محادثتنا التي أعتقد يقينًا بانها ستكون الأخيرة.

_ الزمن هو أولى هذه القواعد، كلما طالت المدة وأحتفظ احد طرفي العلاقة بمشاعر ثابتة برغم المطبات التي تعترضهما، فهو دليل على ان الموجود هو حب وليس نزوة تتبخر في أول خلاف او تنهار أمام أول مشكلة.

بكلمات حملت صلابة الثلج ردت : هل يمكن أن تختصر بقية القواعد؟

لم يفاجئه سؤالها القاسي: الجغرافيا أيضًا تحدد شكل العلاقة، فكلما حافظ احدهما على مشاعره تجاه الاخر برغم البعد بالمسافات عنه، فهذا حب، على شرط ان يكون موقنًا بانه سيعود إليه في يوم من الأيام.

أكمل كلامه قبل أن ينفد صبرها: حب العطاء ومنح الأشياء البسيطة، دون أنتظار رد هذه الاشياء من الطرف الثاني في العلاقة، وهي قاعد تبرهن أيضًا على أن الموجود هو حب خالص وان كان بتكاليف مادية قليلة.

نهضت وهمت بالمغادرة: أعتقد ان الدرس أنتهى ؟

بقي جالسًا، غير انه أشاح بوجهه عن مكان وقوفها : العمر هو عامل مهم وحاسم في معرفة حقيقة العلاقة، في العشرينات وقبلها تختلط مشاعر اللهو مع بقايا الصبيانية، وفي الثلاثينات تكون أقرب الى الصدق، وبعد الأربعينات تكون حُبًا خالصًا بلا شوائب.

_الحمد لله اني تيقنت بأنها كانت نزوة أو نُكتة سمجة.

_ وأنا احمد الله انه كان حُبًا في غير محله، رددها مع نفسه؛ لأنها أنصرفت دون أن تنتظر منه الجواب.