11 أبريل، 2024 1:54 م
Search
Close this search box.

دراسة السلوك.. بوابة فهم الأحداث

Facebook
Twitter
LinkedIn

لا بديل عن الفكر والدراسات والتخطيط مهما بلغت الأوضاع سوءاً، وأغرت الكثير باعتماد الارتجالية سبيلاً للتعامل مع الأحداث، وتحليل الظواهر، على اختلاف اتجاهاتها واشكالها، يشكل حجر الأساس في فهمها والتعاطي معها، ومن ثم اتخاذ الموقف المناسب لها.

ولعل واحدة من الفعاليات المغيبة اليوم، عمداً أو زهداً او جهلاً، دراسة السلوك السياسي والمجتمعي للأفراد والكيانات والدول والمجتمعات، ذلك ان الكثير من الأحداث التي ترتبط بهم تبقى مجهولة الفهم، أو في احسن الأحوال غامضة المضمون والجوهر والنهايات بسبب إهمال هذا الجانب الضروري.

يحدث هذا ويتزايد ويتفاقم أثره، في وقت يزهد البعض بالبحث العلمي الرصين، ويكتفي بتلمس ظواهر الأشياء في حين أن قيمتها ما تزال رهينة الأعماق السحيقة، وفك ألغازها وفهم أسرارها يتطلب العودة إلى الوراء واستجلاء الكثير من العوامل والحيثيات.

تمنحنا هذه الممارسة الفاعلة فوائد جمة ربما في مقدمتها القدرة على فهم الحاضر واستشراف مستقبل الأشياء، مما جاء في بعض صوره – على سبيل المثال – موجزاً وبتركيز بديع في الآية القرآنية: {إن الله لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، فتضمنت الآية الكريمة تقرير عظيم لنهايات لازمة تخص سلوك لا يسير بصاحبه إلا إلى الهاوية لفساد مضمونه، وربما كانت هذه الآية أحدى الأسس التي بنى عليها العلامة الكبير عبد الرحمن بن خلدون (ت808هـ) مقولته الشهيرة (ان الظلم مؤذن بخراب العمران) تأثراً واستيعاباً.

ان دراسة السلوك المطلوبة للأفراد والكيانات والمجتمعات ينطلق ابتداءً من حقيقة أن هذه السلوكيات هي انعكاسات للبناء النفسي، والبيئة الحاضنة، ومقومات الشخصية، والعوامل المتجذرة في تكوينها، مما يتجمع في علوم (النفس والاجتماع والتاريخ اي ماضي الأشياء).

ونحن لو حللنا الشخصيات المهمة والكيانات المختلفة وغيرها وفق هذه العوامل لأمكننا تفسير لماذا يقع هذا الفعل؟ ولم يتخذ فلان هذا القرار، وما سبب سيره نحو نهاياته السوداوية دون اكتراث… وهكذا، بل لعل حادثة ماضية غلب عليها النسيان تركت في نفس هذا الشخص أو ذاك أثراً لا يمحى وظل هو يحركه في حياته ويؤثر على مساراته!.

بل هذا السبيل بالغ الاهمية في تقييم ما مضى من فعل وتاريخ، وتمييزها بدقة دون الوقوع في فخ التعميم والتسطيح، فالكثير من التصورات الذهنية تجاه الحكام والدول والأقوام تأتي مرتبطة بفعل خاص ودون تمييز بين المراحل المختلفة التي مروا بها ولكل واحدة منها خصوصيتها وفرضياتها والتزاماتها.

انارة الوعي بالمعلومة الدقيقة، والتحليل الرصين، والتقييم المحايد والمهني، كل ذلك سيمنحنا القدرة على إدارة شؤوننا بشكل أكثر جدية وانتاجية وفاعلية، وعلينا ألا نتأخر في فعل ذلك كله.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب