23 ديسمبر، 2024 2:38 ص

دراسة اسلوبية في قصة قصيرة

دراسة اسلوبية في قصة قصيرة

القصة بعنوان ( غيرة ) للدكتور محمد نشمي من الكويت
( لم يكن يطيقه .. و يقاطعه في حديثه .. و يصطف مع مخالفه في المجلس .. أيا كان ! المهم أن يظهر شيئا يشي أنه لا يبلع شخصيته ! ذات مرة ضاقت به السبل و حوصر نفسيا و اجتماعيا ! لم يجد الا ذلك الذي لم يكن يبلعه سندا ! طرق بابه و وجد منه الصدق و التعاطف !
زانت أموره .. و عاد لسابق مكانته و ظن صاحبه أن تلك الوقفات ستغير نفسيته !
في أول مجلس يجمع الأصدقاء جميعا حدث ما لم يكن متوقعا .. عادت حليمة .. ! ) محمد نشمي

التحليل :

الاستخدام الاسلوبي لأدوات النفي في ( غيرة ) ( قصة قصيرة للدكتور محمد النشمي )

عند تفكيك كلمات النص التي راوحت السبعة و السبعين كلمة ، نجد بأن أسلوب النفي باستخدام الاداتين ( لم / لا ) يلعب دورا اسلوبيا رائعا في تأطير المعنى المراد تمريره لذهنية القارئ مما جعل النص يمتلك أدواته البنيوية كاملة الدسم !!

الأحداث الصاعدة :
تم افتتاح الأحداث الصاعدة في حبكة هذه القصة بالأداة النافية ( لم ) التي اتخذت على عاتقها ليس فقط التحويل الزمني من المضارع للماضي – توصيفها النحوي – بل تحويل ذلك ( الصويحب ) الغيور الى سلة المهملات في ركن بائس من أركان الذاكرة ، لتبشر ال ( لم ) الأولى – ابتداءا و قبل الاسترسال بسرد ال 76 كلمة الباقية – بأن حليمة هي حليمة !!
و زادت ال ( لا ) النافيه – ترتيبها 22 – من موقف ذياك الصويحب ( اصبح ماضيا ) و عجز معدة شمائله عن بلع و هضم صاحبه الناجح . فتسارعت أدوات النفي تنذر بقسوة و خذلان ما هو قادم لتظهر ال ( لم ) بعد ثلاثة عشر كلمة ، و لتستنسخ ظهورها بعد ذلك بخمس كلمات ، رغم أن الأخيرة بثت روحا من التفاؤل باحتمالية انفراج أزمة حليمة فلا تعاود مزاولة عادتها القديمة !!

الذروة :
وضع الكاتب حليمته في بحبوحة من العيش و الأطمئنان النفسي ، و تأمل – و معه القاريء – أن عادة حليمة في الغيرة ، و الأثرة ستزول و تزول معها كافة بقع الأنانية التي لطخت ثوب العفاف !!

الأحداث الهابطة :
جاءت ال ( لم ) – ترتيبها 73 – لتنذرنا بأن حليمة عادت لعادتها القديمة . ان بحبوحة العيش و الاطمئنان النفسي لم يغيرا حالة هذا الصويحب نحو الأفضل ، بل لا زالت حليمة ترتدي زيها الفاقع صفارا رافعة شعر الغيرة … بل الغيرة اللا متناهية …

الختام :
أبدع الكاتب بالرسم البنيوي للنص ، رغم أن القصة القصير جدا تحتاج الكثير من التركيز في تركيبها البنيوي وفقا لضيق مساحة الخيارات التي تقيد اسلوب كاتبها . ان الاتكاء على اسلوب النفي كان موفقا جدا ، و جاء ظهور أداتي النفي ( لم / لا ) في اماكن توزعت كأعمدة أساسية – 1 / 22 / 35 / 40 / 73 – تحمل فوقها ( ثيمة ) الغيرة التي – و الله أعلم – جاءت كرد فعل لجحود واقعي و من شخص واقعي ، فتلخص ذلك كله في ( لم ) الأولى و الأخيرة رافعتان عنوان ( لم يكن الا ذلك الذي لم يكن ) .