19 ديسمبر، 2024 1:00 ص

داعش و الفتوى و إيران … صمام أمان الفساد و الفاسدين

داعش و الفتوى و إيران … صمام أمان الفساد و الفاسدين

عند دراسة و تحليل أي ظاهرة سياسية أو دينية أو غيرها فإن هناك عدة جوانب مهمة تتفاوت أهميتها عند دراسة تلك الظاهرة فبداية يكون البحث عن أسباب نشوء تلك الظاهرة و من ثم دراسة من يقف وراء نشوئها و بعدها دراسة الأطراف المستفيدة منها وإن لم يكن لها دور في أسباب وجودها أو تشكيلها . و عند دراسة ظهور تنظيم داعش التكفيري الإرهابي فإننا سنبحث عن الجانب الثالث و هو الأطراف المستفيدة من وجوده في العراق تحديدا . فبعد أن تولدت القناعة لدى عامة الشعب العراقي بكل فئاته و مكوناته و طبقاته بفشل جميع القوى السياسية التي تصدرت المشهد العراقي ما بعد 2003 و حافظت على صدارة المشهد حتى يومنا هذا وهذا الفشل واضح النتائج في حكومة المركز و الحكومات المحلية في المحافظات و الذي انعكس على جميع مؤسسات الدولة التنفيذية و التشريعية و القضائية و أدى إلى أخطر النتائج التي تمثلت بانهيار المؤسسة العسكرية و الأمنية و سيطرة تنظيم داعش الإرهابي على ثلث البلاد وبروز المليشيات المسلحة و العجز المالي الذي ينذر بكارثة كبيرة و هو ما حرك الجماهير تجاه رفض تلك القوى السياسية بلا استثناء و بدأت ملامحه في التظاهرات التي بلغت شهرها السادس لكننا نجد في نفس الوقت و بعد أن تطور خطاب الجماهير من مرحلة المطالبة بتحسين الخدمات و الإصلاحات إنتقل إلى مرحلة المطالبة بتغيير العملية السياسية و إعادة تشكيل الدولة على أساس دولة مدنية وإبعاد المؤسسة الدينية و الأحزاب الدينية عن المشهد و التي سبق وأن أشار إليها المرجع العراقي العربي السيد الصرخي الحسني من خلال تصريحه لصحيفة الشرق الأوسط الألكترونية بتأريخ 17/3/2015 ردا على أحد أسئلتها قائلا”((…إننا ندعو إلى دولة مدنية يسودها القانون المدني والعدالة الإجتماعية للجميع دون منافاة للشرع والأخلاق وندعو إلى إخلاء العراق من كل أجنبي وعميل يعمل لتنفيذ مخططات أجنبية مدمرة للعراق ولمصالح خاصة ومكاسب نفعية دنيوية فيسبب الفساد والتفرقة والطائفية والإقتتال والتقسيم والضياع.)) نجد في نفس الوقت أن تلك القوى السياسية الفاسدة قد إستغلت وجود داعش الإرهابي من خلال تشكيل مليشيات مسلحة تحت مظلة الحشد و غطاء الفتوى و بدعم إيراني واضح لها بعد أن أصبحت هي و المؤسسة الدينية في مرمى خطاب و هتافات و شعارات المتظاهرين التي طالبت بعزلهم عن المشهد السياسي و تحميلهم مسؤولية الإنهيار الأمني و الإقتصادي و السياسي حيث إستغلوا شماعة مقاتلة داعش و دعم الحشد و الفتوى لإسكات صوت الجماهير عن مشروعها في تحقيق الدولة المدنية و الذي يعني عزلهم و هو ما قد حذّر منه المرجع العراقي العربي الصرخي الحسني إيران و المؤسسة الدينية من محاولة إسكات الجماهير أو ركوب موجة التظاهرات و تجييرها لصالحها و حماية المفسدين من خلال فقرات بيانه ((من الحكم الديني (اللاديني) …إلى الحكم المدني )) بتأريخ 12/8/2015 قائلا”(( لابدّ أن نُحذّر المؤسسةَ الدينية ومن ورائها إيران بأن أيَّ محاولةٍ للإنتهازية واستغلال جهود وتضحيات المتظاهرين و إرجاع الأمور إلى المربع الأول بتسليط نفس المؤسسة الدينية الكهنوتية و إفرازاتها الفاسدة المُفسِدة ، نحذرهم بأننا سنغيّر توجّهات و أولويات التظاهر فسنطالبُ أولاً وقَبْل كلِّ شيء بل سنؤسس حشدا مدنيا لتطهير المؤسسة الدينية من قُبْحِها الفاحش وفسادِها المُستَشري بأضعاف أضعاف قبحِ وفسادِ السياسيين ورجال السلطة ، فنحذِّرُهم من ركوبِ الموجِ ومحاولةِ الخداع والتغرير من جديد فنقول لهم عليكم تطهير أنفسِكم ومؤسساتِكم قَبْل أن تنتهزوا وتَركَبوا مَوْجَ التغيير والإصلاح والقضاء على الفساد ، فلأكثر من ثلاثة عشر عاما الأمور بأيديكم من سيء إلى أسوأ والكوارث والمآسي في ازدياد مطّرِد)) و هذا ما يحتم على المتظاهرين الإنتباه إليه بدقة لمنع تضييع جهودهم في الإصلاح و التغيير الحقيقي .