لا شك ان بداية العام الجاري شهدت متغيرات كبيرة على الارض في قتال داعش ، ومفترقاً مهماً في حياة هذا التنظيم الإرهابي فلقد سعت الدول المنضوية في التحالف الدولي ضد داعش الى ضرب التنظيم الإرهابي دون إنهاءه تماماً ، وإنما لاستنزافه خصوصاً في مدينة كوباني السورية وإشغال التنظيم بهذه المعركة ، مع توجيه ضربات مركزة في المناطق العراقية التي سيطر عليها الدواعش سواء في سوريا او العراق ، وفي نفس الوقت التجهيز لعمليات برية ضده في شمال وغرب البلاد .
ربما يعتقد البعض ان ضربات التحالف الدولي والانشقاقات في داخل التنظيم او عمليات القتل اليومي بين صفوف مقاتليه يمكن ان تساهم في انهياره ، وان حركة التنقل التي يقوم بها بين سوريا والعراق على اثر الضربات الجوية يمكن ان تشتت وجوده الميداني .
ان قابلية التنظيم في التعلم من التجارب اليومية ، والتطور العسكري الذي يشهده هذا التنظيم من حيث العدة والعدد ، وطريقة التدريب النموذجية تجعله تنظيماً متجدداً لايمكن ان ينتهي ببعض الضربات هنا او هناك ، خصوصاً مع وجود الحاجة الدولية لإبقاءه في قلب المنطقة العربية ، فالعديد من الدول الغربية تجد في داعش اداة لها لتغيير المنطقة متى ما ارادت ، واثارة العاصفة متى رغبت القوى العالمية بقيادة أميركا ،لان الغرب وأمريكا بأمس الحاجة الى وجود فوضى في المنطقة وصورة قاتمة عن المستقبل الذي يمكن ان يعصف بالمنطقة .
كل ذلك لا يمكن ان ينذر بنهاية قريبة للتنظيم الإرهابي التكفيري، وحتى لو غير خططه او تغيير ساحة المعركة فذلك لا يعني نهايته ،بل هو اعادة تموضع نساهم في أعاده قواته للمعركة القادمة .
ربما خسر التنظيم الداعشي الكثير من قياداته ورجاله وعتاده ، ولكن عندما نقف علو مسيرته وتاريخه وظروف انشاءه وتنشئته في احضان السجون الامريكية في العراق ، وعندما كان اصغر مما هو عليه اليوم وحسر الكثير سابقاً ولكنه أعاد تنظيم تشكيلاته وصفوفه وانتشر كما لم يسبق له ان فعل ذلك ، لان الخلل ببساطة في طريقة المعالجة التي لا تنظر الى أصل التنظيم بقدر ما تراهن على هزيمته في منطقة كلها تعيش حالك عدم التوازن ، ووجود الحواضن التفقيسية لدواعش جدد .
لا يمكن القضاء على هذا التنظيم ما لم تكن هناك ارادة حقيقة لدى الغرب في نهاية دور داعش في المنطقة من جهة ، والضغط على القوى الغربية من خلال حرب استنزاف للتنظيم يطيح بما تبقى له من قواعد في سوريا والعراق واليمن ، وانهاء تاثيره في هذه البلدان ، وتشكيل محور ممانعة يكون هي من يقود المعركة ويبدا الهجوم لا يختبى خلف ساتر المواجهة ، وهذا ما لمسناه على الارض في تغيير المعادلة في العراق من انتصارات لقوات الحشد الشعبي أحرجت الغرب وجعلتهم يعيدون ترتيب أوراقهم ورفع الغطاء عن دواعش الغرب والذي سيصار في نهاية الخطة الى تغيير وجهة التنظيم وترحيله نحو دول المغرب العربي ، مع تكسير اجنحته وإبقاءه تحت اليد وعند الحاجة.