داعش تنظيم سلفي وهابي له أفكاره وثوابته العقائدية المتصلة بالتاريخ السلفي والمستمد أراءه من سلسلة طويلة من علماء السلف والخوارج ، والتاريخ حفظ لنا كل أعمال داعش الوحشية والإجرامية عبر صفحاته المظلمة والتي قام بها قيادات ذات مكانة كبيرة بل مقدسة في المجتمعات الإسلامية ، فالذي تقوم به داعش من قطع الرؤوس والحرق وأغتصاب النساء وحرق الكتب وتدمير المدن لم يأتي من فراغ بل كتب التاريخ العربي مملؤة بالقصص المروعة التي يندى لها ضمير الإنسانية ، فالذي رفض وندد وأمتعض من حرق داعش للطيار الكساسبة عليه أن يرفض كل حرق حدث في الماضي مع غض النظر عمن فعله أو قام به وكذلك قطع الرؤوس ، فرفض أعمال داعش الإجرامية فقط كأنها أبرة مخدر تعطى للإنسانية سرعان ما تستفيق على جريمة أخرى أشد وأقسى وأبشع من سابقاتها ، لهذا فعلينا عندما نرفض أعمال داعش الإجرامية علينا أن نرفض كل الأعمال التي تماثلها والتي حدثت على مر التاريخ بل علينا أن نثبت للأمة بطلانها وخطأ كل من قام بها ولا نضع أمامها أجتهد فأخطأ أعتماداً على مكانة الفاعل ، فعدم رفض العمل الإجرامي بشكل قاطع مهما كان بعده التاريخي وعدم تجريم أو تخطأت كل من قام به بغض النظر عن مكانته الإجتماعية أو الدينية ، عندها ستولد عندنا كل فترة مجموعة أرهابية باسم يختلف عن الأخر ولكن تقوم بنفس الإجرام والإرهاب ،
كل النباتات البرية التي تبقى بذورها أو جذورها في الأرض عندما تتوفر لها الظروف الملائمة تنمو وتقفز الى سطح التربة ، وهكذا هذه التنظيمات الإرهابية مادامت جذورها أو بذورها ممتدة في عمق التاريخ العربي فإنها ستظهر وتقوم بنشاطاتها الإجرامية كلما توفرت لها الظروف المناسبة ، فداعش مجموعة من المجاميع الإرهابية التي ظهرت ونمت عندما توفرت لها الظروف المناسبة للنمو والتكاثر ، وهذه الظروف قد هيئها الأمريكان لترابط المصالح بالرغم من تقاطع الأفكار ، ولكن كل فريق يسهل عمل الفريق الأخر ويوصله الى أهدافه وتطلعاته ، فهذه داعش سيطرت على أراضي شاسعة في غضون أشهر قليلة وتحت الحماية الدولية مع توفير كل ما تحتاج إليه من إعلام وسلاح ومال وكذلك الرجال ، وبالمقابل أستنزفت كل طاقات بلدان المنطقة البشرية والدفاعية والإقتصادية والحضارية بالإضافة الى الأمنية ، وبدون أن يخسر الأمريكان والغرب ومن ثم إسرائيل جندي واحد بل حصل هذا التحالف على كل ما يريد من خلال هذه التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتهم داعش ، فداعش مارد مجنون متوحش نائم مابين سطور التاريخ العربي جذوره متأصلة في هذا التاريخ أزاح الأمريكان عنه الغبار وحركوه بعصاهم فستيقظ متعطشاً للدماء والقتل والحرق ، لهذا فداعش لم يخلقه الأمريكان بل هو موجود وله أثاره الإجرامية في كل صفحة من صفحات تاريخنا السوداء ، ولكن الأمريكان هيئوا له الظروف المناسبة وأقنعوه بتلاقي المصالح فخرج هذا الوحش يحرق ويقطع الرؤوس كما يشاء ، فداعش ولده التاريخ العربي وتبناه الأمريكان وهيئ له كل عوامل البقاء من أجل القتل والدمار.