لاتکاد وسائل الاعلام تخلو يوما من الانباء الدموية و المفجعة لتنظيم داعش و الميليشيات الشيعية المسلحة و التي تثير حالة من السخط و الغضب، حيث ترافق أنباء إکتساح أي منهما للآخر تقارير خبرية عن جرائم وحشية فظيعة ترتکب بحيث يقشعر لها الابدان و تتقزز منها النفوس ولئن کان کل طرف يتوعد الثاني بالويل و الثبور و الفناء لکن الذي يبدو واضحا أن لاأحد منهما يفنى او ينتهي وانما هناك تطرف طائفي و إرهاب منظم ينتشر بصورة مستفحلة بحيث من الصعب السيطرة عليه و التحکم به.
الطرفان المتصارعان و اللذان ليس هناك من حل بينهما إلا الموت و الفناء، تستمر المواجهة الدموية بينهما في العراق تماما مثلما الامر في سوريا، ويبدو أن الوباء قد إنتقل الى حد ما للسعودية، لکن هذه المواجهة الدموية و التي لاتخلف سوى الحقد و الضغينة و الخراب و الدمار و الموت و کل المظاهر المأساوية، ليس بالامکان أبدا عزلها من الاجندة الاقليمية التي للأسف تتصيد في المياه العکرة وعلى حساب دماء شعوب المنطقة و بشکل خاص في العراق و سوريا و يمکن تشبيه الطرفين بروبوتين او مجاميع مسيرة، حيث يبرز نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية کصاحب الريموت کونترول الخاص بأحد طرفي المواجهة، وکما أکدت الاحداث و التطورات السابقة، فقد کان هذا النظام ولايزال المستفيد الاکبر من هذه اللعبة الدموية الکارثية.
تصدير التطرف الديني و بصورة مستمرة و طوال العقود الثلاثة الماضية من جانب طهران لدول المنطقة و تأسيس أحزاب و جماعات و ميليشيات تابعة لها تضمن تنفيذ إستراتيجية التمدد و التوسع التي تبنتها من أجل إقامة الامبراطورية الدينية لها والممتدة على کافة أراضي المنطقة، مثل هذه الاستراتيجية و هذا الهدف يتطلب منطقة متهالکة تضعفها بقوة الصراعات و التناحرات المستمرة، الى الحد الذي تصبح طهران هي اللاعب الاکبر و صاحب الکعب الاعلى على الساحة کما يحدث الان في العراق و سوريا بصورة خاصة، ومن المرجح أن کارثة المواجهة الداعشية ـ الميليشياوية ستستمر لتحقيق أکثر من هدف إذ لسنا نبرئ أطرافا أخرى تلعب بالنار و تسمح لإيران کي تنفذ مشروعها المشبوه على نار هادئة تطول شررها کل شعوب المنطقة.
قضاء أحد الطرفين على الاخر، او بالاحرى القضاء على التوجهات المتطرفة لأحدهما، لايمکن أن يکون حلا مثاليا لأنه سيبقي القضية قابلة للإشتعال مرة أخرى، ولذلك فإن الحل الامثل يبقى إنهاء الطرفين و بذلك فقط سوف يمکن ضمان السلام و الامن و الاستقرار في المنطقة.
[email protected]