27 مايو، 2024 10:39 ص
Search
Close this search box.

داعش والاقليم السني!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

ربما الحسنة الوحيدة التي سيتركها داعش للعراقيين هي رفضه الاقليم السني ليس من باب الخوف على وحدة العراق بل لأن التنظيم يرفع شعار الدولة لا المناطقية، وفي الحالتين فهو يشن حربا على جميع خصومه بغض النظر عن معتقداتهم الدينية لذلك يعيث فسادا في الانبار وصلاح الدين و الموصل، ما يكشف عن حجم العبء الذي انحنى له ظهر العراق مبكرا و أرتسمت على وجهه معالم الشيخوخة قبل موعدها بوقت طويل.

وهذه المقدمة تذكرنا ايضا ببداية دخول التنظيم الى العراق عندما استعاد السيطرة على المناطق المتنازع عليها قبل تراخي اجنحته الفضفاضة، وهو امر لم يتوقف عنده المتابعون كثيرا، رغم أن فيه تفاصيل لا تقل في أهميتها عن الرأي القائل أن داعش كان مشروعا اقليميا لاجبار الأكراد على مبايعة الولاية الثالثة للمالكي قبل أن يلعب راس المال و القيادات الفرعية دورا محوريا في تشظي التنظيم الى جناحين أحدهما في الشرق و الأخر في الغرب بقناعات مختلفة و بدعم خارجي متعدد الجنسيات.

ولكي لا نذهب بعيدا عن عنوان المقال فاننا نود التأكيد على حقائق تلتقي بها المصلحة الأمريكية من توجهات داعش في رفض الأثنين فكرة الاقاليم الجديدة في العرا ق لذلك لم ير أقليم البصرة النور و تتعتثر خطواته الى حد التدحرج في الانبار و صلاح الدين، مع القناعة بأن فكرة الاقليم السني ولدت ميتة لغياب ارضية القبول و تراجع اعداد المناصرين لأن شكل الاقليم و قيادته لم تنضج بعد و المزاج العراقي خارج فوهة البندقية يكره التقسيم بل يلعنه جهارا، فهو عنصر خراب لا بناء.

ثم من هي القيادة المؤهلة للحكم دينيا أو سياسيا أو عشائريا ولماذا ؟ الجواب تختصره مفردات عدم القبول أو التوافق فالغالبية المطلقة من المواطنين لم تعد تثق بالحركات الدينية بعد ان فقدت ثقة الشارع بمشاريعها التي تداخلت فيها المصالح الشخصية و الزعامات الحزبية بشكل مخيف جدا وصل حد ضياع بوصلة التوجهات لتلامس الليبرالية في مفاصل مهمة، بينما يصعد نجم العلمانية بوصفها العلاج الناجع لقمع توغل الاسلام السياسي بتجربة حكم غير ناضجة ، اضافة الى ما يفرزه من تخندقات طائفية لا تناسب المزاج العراقي، بدليل ما يجري من تناحر على التفاصيل بينما تم تجاهل المشروع الوطني ليتحول العراق الى دولة مكونات لا مؤسسة حكم وطنية.

لايجوز تحويل التناحر السياسي و العلاقات العامة الى معول هدم للهامة العراقية، مثلما ليس من الانصاف تغميس أديم الحياة السياسية بدم العراقيين ليلا و التباكي عليهم صباحا، ثم من الذي خول بعضهم الحديث باسم العراقيين وقد تنكروا للعائلة الأقرب عندما جربوا مغريات السلطة، التي كلما توقف ضخها كلما تصاعدت مشاريع الفتن و التناحر، لذلك تهدأ العاصفة عندما يتم عرض مطالب يعقبها طوفان تصريحات و مواقف كلما فشلت وساطات الترضية.

الاقليم السني لم يكن يوما موضع اجماع، مثلما هو الاقليم الشيعي لذلك يتحسس العراقيون كثيرا كلما سمعوا بخصوصية لاقليم كردستان، ما يعني أن العراقيين لم يغسلوا ايديهم من الوطنية مثلما يتوهم البعض لكنهم لا يثقون بشعارات غالبية القوى السياسية لذلك يتفرقون بانتظار تنظيم يترفع عن الطائفية و العرقية عندها سنجد طوفانا شعبيا يتغنى بالعراق و يهجر احزاب الاسلام السياسي التي فشلت بشكل كبير في صياغة مشروع عراقي حقيقي، لذلك تكثر سيناريوهات التقسيم و تضمحل عناوين الوحدة ، لكن العراقيين لم يتفقوا يوما الا على حب العراق سيدا كبيرا و بيتا عالي البنيان لا ينحني لغير ارادة العزيز الجبار.. و من هنا فان سياسة الاقاليم مشروعا فيه من لحن القول و السلوك ما هو كثير لذلك سيبقى في مرحلة الفطام!!

[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب