غسل الاموال هي من الجرائم الخطرة ، هي عملية إخفاء المصدر غير المشروع لعائدات الجرائم والتمويل الإرهابي هو جمع الأموال أو توفيرها لأغراض إرهابية، وفي حالة غسل الأموال، تكون الأموال دائما ذات مصدر غير مشروع، بينما في حالة تمويل الإرهاب، يمكن أن تنبع الأموال من مصادر قانونية وغير مشروعة. ولذلك فإن الهدف الأساسي للأفراد أو الكيانات الضالعة في تمويل الإرهاب ليس بالضرورة إخفاء مصادر الأموال وإنما إخفاء نشاط التمويل وطبيعة النشاط الممول ، وهذا ما ينطبق حاليا على ” داعش” التي أصبحت مركزا لغسيل الاموال ،واموالها غير شرعية وهو اكبر منتج لهذه الجريمة ، وابتكرت أيضا اساليب جديدة لغسل المال، متجاوزًا إجراءات الرقابة والرصد المتزايدة التي تفرضها وكالات الاستخبارات الدولية ، يرى خبراء أن “داعش ” أصبح أحد أغنى التنظيمات المسلحة الإرهابية في العالم، خاصة بعد سيطرته على مدينة الموصل ومناطق نفطية أخرى في العراق،ويقدر الخبراء بأن اقتصاد داعش يبلغ حجمه ما يقارب اقتصاد الدول الصغيرة ، ورغم عدم وجود بيانات محددة عما يمتلكه التنظيم من مبالغ ومصادر مالية ، واستطاع مختصون بالشان المالي أن يقدروا ثروته اليوم بحوالي 6 مليار دولار أمريكي خلال السنتين الماضيتن، وهو مبلغ لم تملكه أي من الحركات الأخرى مثل القاعدة أو طالبان، وتحول التنظيم من مجرد جماعات فقيرة ومرتزقة ، تنتظر الأجرعن أعمالها الإهابية إلى جماعة كما يعتبر من أغنى جماعات العنف المسلح على مر العصور ، ولقد شغل موضوع كيفية تمويل التنظيم لأعماله القتالية وإنفاقه الأموال الطائلة لإدارة المناطق التي سيطرعليها كافة مراكز الدراسات والأبحاث تساؤلت كثيرة دارت في الغرف المغلقة بين الساسة بلدان العالم، وتسبب بطرح تساؤلت و أكثر دارت على شاشات الفضائيات في الندوات والمؤتمرات، كان أهمها كيف أصبح تنظيم داعش ثريا إلى هذا الحد؟ وما هي مصادر تمويله التي حوّلته إلى أغنى تنظيم إرهابي في التاريخ؟ لا شك في أنَّ الحصول على معلومات في هذا المجال يعد أمر بالغ الصعوبة وباعتراف الجميع.
يمكن اجمالي المصادر التمويلية لتنظيم داعش الارهابي ، بيع النفط المسروقة ، تهريب وبيع الآثار المنهوبة ، المساعدات والتبرعات ، عوائد تحرير الأجانب المختطفين ، الايجارات ،الضرائب والرسوم ، السرقة والنهب ، الغرامات المالية ، الجزية والزكاة ، غنائم الحرب ، الترانزيت ، الاتجار بالبشر وبالجثث ، وقد سيطرت داعش على حوالي 81 % من حقول النفط في سورية، وعلى 20 % من نفط العراق تضمن نحو (351 بئرا) للنفط بإجمالي إنتاج يتراوح بين (70إلى 1الف برميل يوميا ) تباع بثمن بخس الى مافيات تجارالنفط بكردستان وتهرب الى تركيا وايران ، لعدم وجود أي مخرج لديهما غير هاتين الدولتين ، ثم تغسل هذه الاموال باستيراد بضائع من تلك الدول مثل الملابس والفواكه والخضر والسيارات …الخ من المواد التي يستوردها العراق والتي لم تلفت النظر ، وبالتالي تحويلها الى مال مغسول يحول من العراق بطريقة سهلة لان الاموال بالعراق مباح فيها الغسل، داعش يدير هذه الأموال عن طريق ديوان المال، الذي ينقسم إلى قسم الاستثمار، وهو القسم المسئول عن تشغيل أموال “داعش” في الدول الأخرى، وجني الأرباح وإعادتها إلى أماكن الصراع للقيام بعملياته الإرهابية ، هناك ما يسمونه مال الغنيمة، حيث يذهب نحو 20% منه لبيت المال، و80% يذهب للمقاتلين كعلاوة تشجيعية، هذا إضافة إلى مال الزكاة والصدقة، الذي غالباً ما يستعملونه للدعاية والترويج لأجندتهم، وهناك أيضا قسم المال، الخاص بالجانب العسكري، ويشمل رواتب المقاتلين وما يحتاجونه في عملياتهم الإرهابية، من علاج طبي أو كفالة اجتماعية… هناك أيضاً قسم إدارة المال الخاص بالتنظيم والهيكل التنظيمي، مثل الإعلام وديوان الحسبة (القضاء)، والتحقيقات والهيئات الشرعية ، داعش” الارهابية تتبنى سياسة نقدية قائمة على ثنائية التهريب والتحايل للخروج من أزمة طردهم من مناطق سيطرتهم التي أخذت تتقلص وتنحصر، هناك علاقة ارتباطية بين جرائم غسل الأموال والجرائم الأخرى مثل الإرهاب والاتجار غير المشروع بالسلاح والعنف والتطرف.
من يتابع غسل اموال داعش:
دوليا: لقد جعل المجتمع الدولي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب أولوية ومن بين أهداف هذا الجهد حماية سلامة النظام المالي الدولي واستقراره، وقطع الموارد المتاحة للإرهابيين، وجعل من الصعب على من يمارسون الجريمة أن يستفيدوا من أنشطتهم الإجرامية، إن مزيج الصندوق الفريد من العضوية العالمية ووظائف المراقبة وخبرة القطاع المالي يجعله عنصرا أساسيا وأساسيا في الجهود الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب
وطنيا:
قانونية : امر 93 قانون مكافحة غسل الاموال العراقي لسنة 2004 و قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب رقم (46) لسنة 2007 ، دفعت ضغوطاتُ البنكُ الدولي على الحكومةِ العراقيةِ وتلويحه بوضعِ العراقِ على القائمةِ السوداء البرلمان العراقي الى اقرار تشريع قانون “غسل الاموال ومكافحة تمويل الارهاب” رقم (39) لسنة 2015 ،ان تشريع قانون غسل الأموال تأخر كثيرا بعد ان تم تهريب مليارات الدولارات إلى خارج العراق”، معتبرة ان “غسيل الأموال جريمة عالمية تنتعش في الدول التي قوانينها ورقابتها ضعيفة ، وصدرت التعليمات لتنفيذ القانون وشكل امر ديواني باللجان لتوحيد العمل المتناثر، ومضى عدة اشهر ولم تجتمع اللجان ، (تايها وسائبة مو شغلتهم)
سياسية : صرح رئيس هيئة النزاهة الأسبق القاضي رحيم العكيلي في 9/8/2015، هناك تقارير للرقابة المالية في 2010 عن فساد غسل الاموال في العراق، ولكن النفوذ السياسي السلطوي للفاسدين لا يسمح بملاحقة وكشف الحقائق للذين يعبثون بأموال الدولة ، اكدت اللجنة المالية في البرلمان العراقي في تقرير لها، عن وجود فساد مالي كبير في فترة تولي نوري المالكي رئاسة الوزراء ، وقالت ان رموز الفساد في فترة المالكي كانت، بنوك، ومصارف، وشركات، وشخصيات زورت وثائق لتهرب مبالغ مالية ضخمة نحو عدة بلدان ،ان قيام المالكي بإزاحة سنان الشبيبي عن إدارة البنك المركزي العراقي والاستيلاء على الثروة ،كما اكد رئيس اللجنة المالية النيابية في البرلمان العراقي في عام 2013 الدكتور أحمد الجلبي، نتيجة تحكم جهة سياسية بالبنك المركزي بالفرق بسعر الصرف، مما حقق لها ربح مليارات الدولارات
تحقيقيا : بتاريخ 10/5/2017 كشف الناطق الرسمي لمجلس القضاء عن هشاشة الاجهزة الرقابية باعترافات العصابة التي قبض عليها المعنية بغسل اموال داعش ونتيجة التحقيق ، اتضح فشل النظام المصرفي والنظام الكمركي والنظام الرقابي ، والتي من خلالها نفذت اموال الى داعش. https://www.facebook.com/sattar.bayrkdar/posts/10210676344599583
تنظيمية: تعدد الجهات وغياب التنسيق وتباين المهام وكل مكتب لم تحدد مهامهم القانونية وجهات الاجرائية او جهات استخبارية ، وافرز الواقع باننا نفتقر الى (الاستخبارات المالية ) او عدم المامنا بهذا النوع من الاستخبارات لان العقل السائد هو عقل استخبارات تقليدية وادناه الادارات التي تتابع غسل الاموال بالعراق . 1-اللجنة الوطنية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب 2- اللجنة المالية البرلمانية 3- مكتب غسل الاموال في البنك المركزي العراقي 4- جهاز مكافحة الارهاب – وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب 5- جهاز الامن الوطني – مكتب غسل الاموال 6- جهاز المخابرات الوطني العراقي – مكتب غسل الاموال 7-وزارة الداخلية / مديرية الجريمة الاقتصادية – قسم غسل الاموال.
اصبحت هناك ضرورة لاستحداث ادارة للاستخبارات المالية تضم ممثلين من الجهات اعلاه ، مهامها بتلقى تقارير عن المعاملات المشبوهة من المؤسسات المالية وغيرها من الأشخاص والكيانات وتحليلها، ونشر المعلومات الاستخبارية الناتجة عن ذلك إلى جهات التحقيق ، وأن تحتفظ بقدر كاف من الاستقلال لتحقيق أهدافها دون تدخل أو نفوذ لا مبرر لهما.
اجرائية : ساعد انعدام الشفافية في عمل البنك المركزي في عمليات غسيل الاموال في العراق وشحة المعلومات التي تخص التحويلات الخارجية للأموال العراقية عنها داخل المؤسسات الرسمية البنك المركزي العراقي، والذي ما زال مصرا على اعتماد السرية المصرفية، التي في الحقيقة لا تساعد في مواجهة جرائم غسيل الأموال
الفساد التحقيقي : ان إغراءات غسل الأموال تؤدي إلى قيام بعض ضعاف النفوس والفئات المأجورة بالتوجه نحو ممارسة عمليات غسل الأموال بصرف النظر عن مشروعيتها وأضرارها ، ان مكتب مكافحة غسل الأموال لم يقدم منذ عام 2004 لغاية 2011 جريمة واحدة للتحقيق فيها، يبدو ان البنك المركزي العراقي متورط وربما خضع لضغوط وتعليمات من جهات سياسية،، ويقول العكيلي ان البعض في القضاء العراقي فاسد، لان 2500 قضية غسل أموال اغلقها قاض عراقي،
الخلاصة: داعش احدى ستراتيجتها التسلل إلى أجسام هشّة، الفاقدة لمناعتها السياسية والاجتماعية والاخلاقية، فهي لا تأتي من فراغ، أو تنمو في فراغ، بل هي تستغل الادارات التي يبلغ فيها التعفّن الأمني ،والفساد السياسي والمالي والاداري والاخلاقي بمستويات كبيرة ، فداعش تعتاش على اخطاء السلطة وفسادها ، فالمشكلة ليست في قوة داعش ، وإنما في ضعف الكيانات السياسية والادارية الذي يشكل تربة خصبة لنمو الإرهاب وتطوره ، وضرورة فضح الحزام السياسي الداعم لغسل اموال داعش المتكون من مجموعات واشخاص تعمل بالسياسة والمال والاعلام، نصيحة اعيدوا النظر بالجهاز الرقابي واستحدثوا ادارة للاستخبار المالي وهذه مهام وطنية وليست سياسية.