15 نوفمبر، 2024 5:21 م
Search
Close this search box.

داعش . من زاوية العسكر

داعش . من زاوية العسكر

يعتمد تنظيم داعش الارهابي في عملياته العسكرية على استراتيجية حرب واحدة تقريبا لكن الغريب في الأمر ان هذه الاستراتيجية الواحدة غالباً ما  تنجح  في مختلف الظروف في جبهات العراق وسوريا على الرغم من امتلاك المؤسسة العسكرية السورية والعراقية الى قادة اركان حرب محترفين خبروا كل دروب القتال وفي مختلف الجبهات الا انهم أبدوا عجزاً واضحاً في استيعاب الهجمات التي ينفذها التنظيم ضد معاقل قواتهم ومراكز مدنهم وهذا الأمر لا يعرف سببه حتى الان فأذاأ جزنا تقبل  المفهوم العسكري القائل بصعوبة المواجهة بين الجيوش النظامية والمجاميع المسلحة فهذا الأمر لا ينطبق على المؤسسة العسكرية العراقية والسورية فمن غير الممكن القول انها لا تتقن حرب الشوارع في مواجهة العصابات فجيش العراق يقاتل في حرب الشوارع منذ اكثر من ١٠ سنوات وجيش سوريا إجتاز الاربع سنوات من الخبرة المتراكمة في التعامل مع نشاط الجماعات المسلحة الا  إنهما لم يتمكنا  الى الان من وقف تمدد داعش و تغيير واقع الارض بصورة جذرية وبقت مناطق شاسعة وواسعة تقع تحت سيطرة داعش من دون وجود معالجات جذرية آخذين بعين الاعتبار ان ميزان القوى يميل بشكل واضح وصارخ الى الجيوش النظامية وليس إلا داعش فهو يملك السكاكين والانتحاريين والبنادق  وجيوشنا تملك الطائرات والصواريخ والعدة والعتاد الكافيين لخوض عشرات الحروب ولكن السؤال يبقى هنا هل تنفع الحرب التقليدية مع جماعة غير تقليدية ؟

 فداعش الذي  يعتمد في تركيبته  البنيوية الصلبة  على الموارد البشرية الأجنبية الذين يتم جذبهم اليه من خلال مؤسسات إعلامية ضخمة تروج لافكارهم وانتصاراتهم ورجال دين محترفين في الدعوة الجهادية كما تنتقي بعض قياداتها من قاعدة بيانات للمقاتلين الذين سبق لهم ان قاتلوا في افغانستان والشيشان والعراق وليبيا كما يذكر ان نحو ٦٠٠٠ الاف مقاتل انضموا للتنظيم في شهر تموز الحالي ممن كانوا يقاتلون تحت رايات مختلفة في الجيش الحر والنصرة ابرزهم لواء داوود ولواء فجر الاسلام والبعض جاء من دول اوروبا واسيا والحزام الاقليمي والبعض الاخر من السوريين الذين لم يحملوا السلاح ولكن هالهم الانتصارات التي حققها التنظيم في العراق وسوريا واللتي  ترتكز على مفهوم الصدمة واتباع اسلوب حرب نفسية  ضد خصومهم من خلال قطع الرؤوس وصلب الاجساد   ..

كما انه  بات يعتمد على القادة الجهاديين من مناطق القوقاز في ادارة معاركه ولا يقبل انضمام اي جندي او ضابط منشق الى صفوفه اطلاقاً عكس ما يعمل به تنظيم جبهة النصرة وجيش الاسلام  والجبهة الاسلامية وباقي التنظيمات الاخرى وهذا ماحصنه من عمليات اختراق واسعة كانت تروم اجهزة المخابرات السورية والغربية لاستغلاله مما اعطاه قدرة على اخفاء قياداته وهرمه الاداري والتنظيمي الذي يضل مجهولاً من خلال منظومة امنية معقدة مسؤولة عن تحركات قادتها وقواتها وتوزيع الاسلحة والذخائر في مناطق مؤمنة وكما تعمل على تأمين خطوط امدادها الممتدة لأكثر من الف كم من مدينة الباب ومعبر تل ابيض على الحدود التركية الى مدينة الانبار غرباً والموصل شمالاً وبعض مناطق حزام بغداد و رأينا كيف فشلت الضربات الجوية الاستباقية التي نفذها الجيش السوري بخمسين غارة  لثني التنظيم عن  مهاجمة مطار الطبقة العسكرية للحيلولة دون افراغ المنطقة الشرقية من التواجد العسكري الحكومي الا انه فشل في ذلك كون التنظيم مدرب على امتصاص الموجات الهجومية الارضية والبرية ويستطيع استخدام اسلوب  التخطي العسكري في انتقاء بنك الاهداف    .. 

فهو يقاتل في مجموعات صغيرة تتبع  نظام قيادة و سيطرة متطور ومعقد تكون مرجعيتها الى قائد عسكري واحد وليس مجلس عسكري او غرفة حركات كما هو معتاد في باقي التشكيلات القتالية وهي نقطة قوة وضعف في ذات الوقت حيث نذكر كيف فشل هجومهم في محيط سجن حلب المركزي  في بداية العام الحالي عندما سقطت قذيفة هاون بالقرب من القائد العسكري  سيف الله الشيشاني      وقتلته على الفور مما اضطر قيادات التنظيم الى اعلان الانسحاب الفوري من جبهة السجن لعدم وجود مجلس عسكري واقتصار مصدر الاوامر على جهة واحدة للحفاظ على المركزية وعدم اعطاء حق اصدار اوامر الانسحاب الى القادة الميدانيين كما يجري في بقية الفصائل المسلحة التي يكون فيها امر الهجوم مركزي وامر الانسحاب لا مركزي وهو ما يتسبب بتلكؤها وانحسار قوتها الميدانية على الارض كونها تنسحب مع اول نكسة تصاب بها..

كما يحافظ التنظيم  على خط امداد مؤمن في اي عملية هجوم يقوم بها وهو ما جنبه ويجنبه أي  حصار مطبق لقواته في أي من عملياته عكس الجيش السوري الذي حوصر في اكثر من مكان لاهماله تأمين طرق الامداد  .. 

وتقتصر خطط التنظيم في احتلال المواقع والبلدات والمدن على تطويقها وعزلها عن محيطها بعمق اكثر من ٥-١٠ كم ليتمكن من حشد مقاتليه وتوزيعهم على الجبهات بأريحية تامة وتأمين خطوط امداده وانسحابه  قبل أن يشن هجومه بعد ان يستحضر قواته والياته ويبدأ بالقصف التمهيدي على الموقع المراد احتلاله بالمدفعية الثقيلة والهاون  لتشتيت دفاعات خصمه وارباكه وفي هذه الاثناء تجهز عربات مدرعة مفخخة لاقتحام الموقع من اقوى نقاط تحصينه لاحداث ثغرة في دفاعات الخصم الذي غالباً ما يعجز عن استهداف هذه العربات لان تحركها يرافقه غطاء ناري من نيران رشاشات ثقيلة مما يصعب على المُدافع اعطابها في قذائف ال ار بي جي او الكونكورس لان زاوية رؤيته تكون صعبة لغزارة النيران وغالباً ما يستخدم التنظيم كميات كبيرة من المتفجرات تصل حد ٤٠٠ كغم او اكثر مما يتسبب باحداث تدمير شامل كما شاهدناه في مستشفى الكندي في حلب الذي اقتحمته عربه مفخخة  ازالته من وجه الارض

كما يعمد التنظيم الى الهجوم التضليلي الذي يخدع المدافعين حيث تنفجر عربتين مفخختين في اماكن مختلفة من دفاعات الخصم وتدخل الموجة الأولى من مجاميع صغيرة من المقاتلين الانغماسيين المحترفين وعادة ما يكونون من النخبة ومن جنسيات مختلفة ابرزها الشيشانية لتحديد الثغرة الاسهل في دفاعات الخصم وفي هذه الاثناء تبدأ الموجة الثانية من الهجوم باعداد اكبر نسبياً من الموجة الاولى مستهدفة المناطق الرخوة في حزام دفاعات الخصم وتتولى عملية بث الرعب والخوف في نفوس المدافعين من خلال مكبرات الصوت وحث المدافعين على الاستسلام  وغالباً ما تكون الموجة الثانية هي موجة هجوم تضليلي اخر لتشتيت دفاعات الخصم  وكشفها ودفعها على تركيز كامل قوتها في اتجاه واحد من الموقع لتسهيل الأمر على الموجة الثالثة التي تكون نهائية وتندفع بسرعة في عمق مراكز دفاعات الخصم مستغلة التشتت والارتباك الذي يسود ميدان المعركة  لتبدأ عمليات القضم السريع للتحصينات من خلال تفجيرها ويلي هذا عمليات الذبح والقتل المعهودة ،،، هذا المسلسل تكرر كثيرا في مطار منغ ومشفى الكندي والحطلة في دير الزور وخان العسل ومطار تفتناز العسكري في حلب والفرقة ١٧ في الرقة ولواء ٩٣في عين عيسى  وفي مطار الطبقة العسكري ..

 ولن ينتهوا عند هذا الحد مالم نتوحد    !

فاليوم مطلوب من العالم أجمع ان يقف خلف راية الانسانية بغض النظر عن المواقف السياسية والمصالح الوقتية والاختلافات العرقية والمذهبية لوقف تمدد هذا التنظيم اللا انساني من ثم العمل على استئصاله (فكرياً) وعسكرياً .

Ahkrz00@gmail .com   

أحدث المقالات

أحدث المقالات