23 ديسمبر، 2024 1:43 م

داعش في خدمة المشروع الايراني

داعش في خدمة المشروع الايراني

عندما يقوم المحققون القانونيون ورجال الامن بالتحقيق في اية جريمة قتل ارتكبت ضد اي فرد فإن اول الاسئلة التي يبحثون عن إجابة لها هي: ماهو دافع الجريمه ومن المستفيد الاول؟ ففي الاجابة على هذه الاسئله يتم تحليل مقومات الجريمة وغاياتها والتوصل الى فاعليها.

سأحاول في مقالتي هذه أن استعير تلك الطريقة التحليلية المدروسة والمجربه عبر القرون والقارات وأحاول تطبيقها على الجرائم السياسيه والاقتصادية والعسكرية لتي حصلت وتحصل في العراق والمنطقه من قبل تنظيم داعش وتبعاتها من الجرائم . واستنادا على ذلك لنبدأ تحليلنا بالسؤال:

من هم المستفيدين من ظهور داعش وصعودها الصاروخي وعروضها الباناروميه المقززة منها، كذبح وإحراق الاسرى، أم الاستعراضية منها كتسيير الاسرى في أقفاص مصنوعة بجودة عاليه وسيارات متناسقة الحجم والنوع واللون وأزياء انيقه للاسرى وجلاديهم؟

قد تتعدد الاجابات وتختلف اتجاهات اصابع إلقاء اللوم وتتناثر الاتهامات وتتقاطع الاصوات عند محاولة الاجابه على هكذا سؤال ولكننا سنحاول بدون إطاله أن نستعرض بعض مراحل صعود هذا التنظيم البربري خلال السنوات الثلاثة الاخيره لكي نستطيع ان نهيئ الاجابه على السؤال الكبير.

1. عندما كان كان تنظيم داعش عبارة عن مجموعة متناثره من الافراد والمجاميع الصغيره ذات التأثير شبه المعدوم كان بإمكان حكومة المالكي ذات المليون عسكري مسجل أن تقضي عليه بسرعة فائقه، وتمهد لذلك بإسترضاء الانباريين وغيرهم واللذين كانوا يعتصمون سلميا للمطالبة بحقوق مشروعة جدا. ولكن المالكي إختار البطش بالمسالمين وترك الارهابيين وسخر جهد الدولة كاملا لتسقيط المعارضين والطعن بالحلفاء المنافسين وبهذا فقد خلق أول مادة تسويقية تصلح لخلق الحاظنة الديموغرافية لداعش. فلمصلحة من قام بذلك؟

2. برز تنظيم داعش في سوريا حال صعود قوة معارضة الاسد عسكريا وبدئها بتحقيق مكاسب على الارض، وكان أول أعمال داعش هو ضرب المقاومة وإضعافها وتشتيتها على الرغم من أن قسم كبير منها كان إسلاميا على نسق ما تدعيه داعش. لقد وفر دور

داعش هذا، الغطاء الرسمي للاسد باستقدام عناصر حزب الله وفيلق القدس الايراني للقتال الى جانب قواته، فمن اللذي استفاد من هذا الظهور لداعش في سوريا؟

3. حصول الكارثة الكبرى بالسقوط المبرمج للموصل في حزيران 4201 على أيدي مجموعة لن تسطيع في الاحوال العاديه من إحتلال قرية صغيره محروسة بشرطة محترفين وأبناء واعين. تبع سقوط الموصل إهتزاز عنيف للحكومة ومؤسساتها العسكرية والمدنية بقوة تضاهي 7 درجات على مقياس ريختر واصبحت تخشى على بغداد من السقوط…….. وهنا أيضا نسأل من هو الرابح الاكبر؟

لن يختلف إثنان على أن هناك أطرافا عديده داخلية واقليمية ودوليه استنفعت من بروز داعش، ولكن لابد من القول بأن المجتمع الدولي على الرغم من كل شيئ قد خسر كثيرا من خلال انتقال الارهاب الى اراضيه والدول العربية المستقرة المجاورة كلها بدون استثناء تدق ناقوس الخطر لان داعش على أبوابها إن لم يكن بين ظهرانيها.

وتأسيسا على ذلك ليس هناك سوى دولتين إقليميتين لايشكل داعش لهم أي خطر ولاتدق فيهما أجراس الانذار وهما تركيا وإيران. وسنحاول فيما يلي أن نلقي بعضا من الضوء على مواقف شديدة العتمه.

أولا: إن موقف تركيا في أحسن حالاته غير واضح ومبطن وينطوي على الكثير من أحلام العثمنه (نسبة الى الامبراطورية العثمانيه) فإستنادا الى تصريحات مسؤولين استخباراتيين اميركان فأن اكثر من 60% من مقاتلى داعش الاجانب يمرون عبر تركيا دون محاولة إعتراضهم، هذا من ناحيه وعدم الانخراط في، أو دعم الجهد الدولي ضد داعش من ناحية اخرى، ناهيك عن أخبار تدريب وتسريب المعدات لهم عبر تركيا.

أن موقف تركيا السلبي من محاربة داعش وترقبها للاحداث بإنتظار استغلال الفرص، يوحي لي بانها تأمل في تكرار الموقف التاريخي المماثل للفترة التي سبقت احتلال الدولة العثمانية للعراق وبقية الدول العربيه، حيث كانت الهجمة البربرية لهولاكو قد اتت على كل مقومات الدول والمجتمعات، ولعل ماتنتظره تركيا الان هو تدمير هذه الدول على يد البرابره الجدد لكي يكون اكتساحها سهلا وشاملا بحجة حماية الدين أو المذهب.

ثانيا: موقف أيران المستفيد من ضعف الدولة العراقية والسورية وإستغلال أفعال داعِش لمصلحتها الانية والفوريه وإستغلال فرصة ثمينة قد لاتتكرر للسيطرة على المنطقة بشكل

عسكري مباشر، مما يتيح لايران موقفا اصلب أمام اميركا والدول الكبى إضافة الى التخلص الفعلي من العقوبات على حساب العراق. فقد هيأ داعش للايرانيين تلك الفرصة التي تستطيع فيها ايران ان تتمدد عسكريا وبصورة مباشره بل وسافره كما يحصل في العراق وسوريا واليمن بعد أن كانت تعتمد على رجالها الاوفياء وحسب كالمالكي والاسد والحوثي.

إن المستفيد الاول فوريا وبوضوح من كوارث داعش و تصريحاتها الفوضويه والتهديديه ضد المذاهب الاسلاميه وقتل الناس على الهويه هو ايران في الوقت الحاضر، حيث استطاعت ان تسيطر علانية على مفاصل الدولة العراقية العسكريه وتقود مباشرة أفواج الميليشيات مستغلة غطاء الحشد الشعبي وفي ظل سكوت اميركي ودولي رسمي وبحجة تلبية مطالب “الحكومة العراقيه” ومستغله لمظلة الحرب على داعش، وايضا بحجة حماية الدين او المذهب والمقدسات. ومن يتابع مجريات الاحداث اليوميه يجد أن أفعال ميليشيات إيران المخططه لتغيير ديموغرافية بعض مناطق العراق والاعتداءات على المواطنين ماهي الا مواد دعائيه يستغلها داعش لتجنيد مقاتليه ومؤيديه، وهذا ماتريده إيران فمخطئ كل من يتصور أن إيران تريد نهاية داعش قبل تحقيق كامل برنامجها. وكما بدأت انهي بأن داعش يخدم المشروع الايراني أفضل خدمه كما أن إيران توفر للمشروع الداعشي مواده الدعائية والتجنيدية والتسويقيه، وعليه فإن إيران هي المستفيد الاكبر .

وهنا يبقى السؤال الكبير إذا….من اللذي ساهم في نشوء، تمويل وتدريب داعش؟؟؟؟؟