18 ديسمبر، 2024 5:15 م

داعش توحدنا.. والمصالح تفرقنا!

داعش توحدنا.. والمصالح تفرقنا!

عجبت لأخوتي، يمعنون بالعداوة والبغضاء بيننا، ويصرُّون على الخلافات، فلا يوقظهم من غفلتهم، سوى صدمة تكاد تدمر كل شيء، أ سنظل نعيش حياة، على فراش الانعاش، تحتاج كل فترة الى صدمة كي تستمر؟!
سياسات النظام البائد، أدت بشكل غير مباشر، الى تكاتف واتفاق قوى المعارضة، لوحدة هدفها، وهو ازالة حكم الطاغية، مع اختلاف توجهاتهم و أجنداتهم، التي ظهرت بعد القضاء على حكم البعث-صورياً- فما لبثوا إلا أن اختلفوا، وتناحروا، وأراقوا دماء شعبهم، الذي طالما بكوا لمظلوميته، و تنازعوا على السلطات والغنائم، متناسين أن دورهم الحقيقي، هو تصحيح المسار، وخدمة شعبهم الذي عانى، وهو يدفع ثمن إيمانه بهم، سابقاً حين كان أخوتهم يساقون الى الموت، وحالياً حيث الدماء تسيل ثمناً لبقائهم في أماكنهم؛ فهل أثبتوا أنهم يستأهلون كل هذه التضحيات؟
مرت سنوات عديدة، و هم غارقون في العداءات، كاشفين ظهر الوطن للغادرين، ليطعنوه بخنجر تنظيم داعش الظلامي، فكاد يسقط ميتاً، لولا الفتوة المباركة، التي أعادت له نبضات قلبه المُدمى، فهب أبناءه الشرفاء للدفاع عن الأرض والعِرض، و هبت الأحزاب السياسية، وكونت فصائل ضمن الحشد المقدس، ليس دفاعاً عن الوطن، بقدر كونه حفظ لماء الوجه، و ضمان موضع قدم لها، في المرحلة الجديدة، التي قد تلتف بعد الانتصار، لتكمل تحرير الوطن من الفاسدين؛ لكن عندما يكون لهذه الاحزاب، جزء كبير من هذه القوات، ستكون درعاً لها، يمنحها الحصانة، ويحميها من أي ثورة إصلاح محتملة.
انتصرنا على داعش، وزالت الغيمة السوداء، التي كانت تمطر دماً، لنصحو على صباح جميل، تملؤنا مشاعر الانتصار، حالمين بغدٍ أفضل، نصحح فيه مسار العملية السياسية، فكانت الانتخابات النيابية، التي رغم كونها الاقل مشاركة، لكنها كسرت كل المقاييس، وكذبت كل التحليلات، التي أكدت عدم نجاحها.
مجلس النواب الجديد، كان شكله مختلف، وجوه مهمة اختفت، لعدم نجاحها في كسب ثقة المواطن من جديد، ووجوه جديدة ظهرت بقوة، متخذة أدوار مهمة في تكوين الحكومة الجديدة؛ لكن للأسف، كان هذا التغيير ظاهرياً فقط، فنفس الزعامات القديمة، مستخدمة أساليبها المعتادة في المحاصصة، كونت حكومة هزيلة، غير مكتملة الأعضاء، بعد مرور أكثر من عام على الانتخابات!
المحزن في الأمر، أن هذه الزعامات، تناست التضحيات، وانغمست بالمحاصصة المقيتة، بطابع براغماتي أناني، جعلها تتحالف، مع جهات كانت داعمة أساسية لداعش، لمجرد الحصول على مساحة اكبر للتحكم بالعملية السياسية، شارية بثمن بخس، أصوات المواطنين، الذين انخدعوا بتاريخها الجهادي، الذي صورت لهم أنه كان من أجلهم، فوجدوا أنفسهم يضعون أيديهم، بأيدي ذبّاحين أعزاءهم، فكانت الطامة الكبرى عليهم.
مأساة داعش، لم تعلّم السياسيين، أَن بناء الوطن، لا يكون الى باتحادهم، فهل نحتاج لصدمة جديدة؟ و كم يجب أن تكون( فولطية) هذه الصدمة، كي تكون كفيلة بتنبيههم؟ والخوف كل الخوف، أن تكون الصدمة عالية، فتقتل الوطن، و أخوتي نائمون، يحلمون بقتل بعضهم!