حققت القوات العراقية أهدافها في الموصل مركز محافظة نينوى، وأجهزت على تنظيم داعش في أهم معاقلة؛ تزامناً مع إنطلاق عمليات تحرير الرقة من عدة محاور، وهذا ما شغل المواقع والمنتديات الدولية وضفتي الأطلسي والمفوضية الأوربية، ويدور الحديث عن إحتمالية عودة المقاتلين المتطرفين الى دولهم ولأوربا تحديداً.
تتحدث القوات الأمنية العراقية بفخر عن النصر، ولكنها لا تنفي أهمية الجهد الأمني والإستخباري وتبادل المعلومات بين الدول التي ترغب بالتخلص من الإرهاب، وأعلنت الحكومة العراقية عن سقوط ما تسمى “دولة الخلافة” في 29\6\2017 بعد تحرير جامع النوري الذي كان عاصمة للإرهاب من يونيو\ حزيران\ 2014م وتزامن مع إنطلاق عمليات تحرير الرقة من عدة محاور بإعتبار الثانية العاصمة الأولى وأحد مراكز القيادة الرئيسية.
تحظى مدينتي الموصل والرقة، بأهمية ربط عقدة المواصلات بين العراق وسوريا، ومنهما سلسة المناطق التي تمتد لجغرافية البلدين، والشريط الحدودي والموارد الإقتصادية الرئيسية ومكاني التجنيد والقيادة، وبإنحسار ما تُسمى ” أرض التمكين”، سيُجبر الإرهابيين بين إتخاذ الصحراء او الإنزواء بين المدنيين كملاذ وقتي، أو العودة لبلدانهم، سيما مع فقدان بوصلة القيادة، بعد مقتل وهزيمة معظم القيادات الكبيرة.
منذ إنطلاق معارك الموصل قبل ثلاثة أشهر، لحين إستكمال تحريرها، والمفوضية الأوربية تتحدث على لسان مفوضها ” جوليان كينج”، عن توقع تدفق الإرهابيين لأوربا، حال سقوط أكبر معاقلهم في الموصل، وكشف بأن التنظيم يبحث عن مواطن آخرى، والعودة لأوربا لتنفيذ عمليات إرهابية.
إن عدد المقاتلين يقدر 20 ألف وفي تقديرات آخرى اضعاف، وفي العراق كان 65% وسوريا 20% من المقاتلين، ومنهم20-30% من دول اوربية ويُتوقع تركهم أرض المعركة، للعودة الى بلدانهم، والعمل كمجاميع او ذئاب منفردة، لتشتيت الأنظار عن الهزائم وإثبات الوجود، ولا تُمانع عصابة داعش من أي رقعة في العالم، وأن كانت تركيا التي تعد من أكثر الدولة متهمة بتسهيل دخول المتطرفين الى العراق وسوريا، والسماح لتهريب النفط الى أراضيها.
إتخذ الإتحاد الأوربي عدة إجراءات لمواجهة المقاتلين، وفرض ضوابط مشددة على المطارات، وتبادلت أجهزتها البيانات وتقاسمت المعلومات الإستخبارية مع العراق.
ما حققه العراق قطع لرأس الأفعى، وإنهاء لحقبة عاناها شعبه بالويلات والقتل العلني والسبي والتشريد، ولكن هذا لا يُنهي ذيولها المنتشرة في بقاع العالم، مع تغيير في نمطية الجرائم وطبيعة الأدوات المستخدمة، وما تحقق هزيمة عسكرية وإعلامية للإرهاب، رغم أن العالم كان لا يُعير أهمية لأنهار الدماء اليومية، ولا لتلك الأشلاء والمقابر الجماعية التي خلفها الإرهاب، وهذه الدول على علم أن سكين او بلاغ كاذب سيؤدي الى شلل في دول كبرى ذات منظومات أمنية، وبذلك ستكون الساحة القادمة للإرهاب في الدول الأوربية والأسيوية ذات البيئة المحفزة، مع نشاطات في الدول التي كانت تدعم او تتغاضى او تروج عكس الحقائق بالسياسة الإعلام، وداعش تبحث عن أثبات الوجود، ووجودها سيكون من تلك الدول التي تفوق 60 بلد تجمّعت منها العصابات، وبعد تحرير الموصل والرقة، سينشط عمل العصابات والحوادث، وأوربا أول المستهدفين، وما سبيل للقضاء على الإرهاب؛ إلاّ عمل دولي جماعي وإستفادة من تجربة العراق.