23 ديسمبر، 2024 8:58 ص

داعش النسخة العثمانية !

داعش النسخة العثمانية !

أرتكبت عصابات داعش الإرهابية، مجازر مروعة في حدود دولتها المزعومة _ العراق وسوريا _، لا تقل سوءا عن ما فعلته الامبراطورية العثمانية _ الممتدة مساحتها لتشمل قارات العالم القديم حيث سيطرت على كامل آسيا الصغرى وأجزاء كبيرة من جنوب شرق أوروبا وغربي آسيا وشمالي أفريقيا _ بحق شعوب هذه المناطق التي إحتلتها بعدما جوبهت برفض كبير من قبل الشعوب، هل هي صدفة أم هناك مشتركات تجمع ما بين داعش والسلطنة الباشاوية ؟ .
 ممارسات داعش التي فعلتها بعد إحتلالها لعدة مدن سورية وعراقية، والمجازر التي أرتكبها هؤلاء التكفيريين من خطف وقتل وتهجير وتهديد وجلد، بحق مختلف القوميات والطوائف والتي لم تستثن أحد من بطشها، تشبه إلى حد كبير ما فعلته سلاطين الخلافة العثمانية بحق الأرمن، فما بين المليون والمليون ونصف هم ضحية ممارسات السلطة العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، والتي عرفت بالمحرقة أو المذبحة الأرمنية، قتل ممنهج ومتعمد وترحيل قسري .
الذبح والقتل ودفن المغدورين وهم أحياء، وسبي الإيزديات وقتلهن وبيعهن كان الأمر، تهجير الآلاف من العوائل السنية والمسيحية وقتل من رفض مبايعتيهم, وفضلا عن هذا وذاك التمثيل بقتلى الشيعة وقطع رؤوسهم، مجازر رهيبة صدمت العالم وأفجعته، فرحعت بذاكرته إلى القرون الوسطى، حيث لا رحمة للضعيف بين الأقوياء، وسيل الأنهار من الدماء، المشهد الذي يمكن للمرء من خلاله توصيف تلك الحقبة السوداء بتاريخ العالم, والتي يعيش فيها عالمنا الإسلامي والعربي أحداثه اليوم .
مذابح ” سيفو ” أو المذابح الآشورية السريانية، سلسلة من العمليات الحربية التي قادتها مجاميع مسلحة شبه نظامية تابعة للدولة العثمانية، أدت هذه العمليات إلى مقتل مئات الآلاف منهم, كما نزح آخرون من مناطق سكناهم الأصلية بجنوب شرق تركيا الحالية وشمال غرب إيران، وتقدر الإحصائيات بعدد الضحايا بين 250  ألف و 500 ألف شخص, و السبب من وراء المجازر التي حلت بالآشوريين / السريان، هي خشية العثمانيين من انضمامهم إلى الروس والثوار الأرمن وخصوصا بعد فشل حملة القوقاز الأولى في شتاء 1914، ومحاولات تتريك الشعوب القاطنة ضمن الدولة إلى ردود فعل معارضة، أدت إلى انتشار الفكر القومي المعارض لهذه السياسة كالعربي والأرمني والآشوري .
في ظل التشابه بين ممارسات وحلم الدولتين، طفت على السطح معلومات تبين مدى العلاقة الوطيدة بينهما، فكثير من المعسكرات الموجودة في تركيا لتدريب مقاتلي داعش، معسكرات ” معسكر غازي عنتاب، أورفا معسكر جنوب شرق تركيا، معسكر العثمانية في أضنة وهو على مقربة مباشرة من كبرى القواعد العسكرية التابعة لسلاح الجو الأميركي، ومعسكر كرمان في أضنة أيضاً “، الحلم التركي بإستعادة الأمجاد سلطنتهم العثمانية، فمطار محافظة هاتاي التركية الواقعة على الحدود مع سوريا، يستقبل الإرهابيين القادمين من مختلف الدول للإلتحاق بصفوف التنظيم داعش .
في تموز/ يوليو 2012 وقف رجب طيب أردوغان أمام جمهور حزبه ليبرر تدخل حكومته بأزمة سوريا بالقول: نحن أحفاد السلاجقة وبقية الدولة العليّة …”حزب العدالة والتنمية هو حزب يحمل في جذوره العميقة روح السلاجقة والعثمانيين” موقع “دبليو إن دي” الأميركي قال : إن إفراج داعش عن 49 رهينة تركي في ظروف غامضة يثير مزيد من القلق بشأن تعاون أنقرة مع التنظيم الإرهابي وعلاقة ذلك بإعادة تأسيس الدولة العثمانية .
وكما بين رئيس الاستخبارات الأميركية جيمس كلابر إتهاما لتركيا بالتقاعس في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف في سوريا والعراق، مؤكدا أن هذا الأمر يسهل عبور 60% من الجهاديين الأجانب إلى مناطق النزاع في الشرق الأوسط, وأيضا قال طوني شافر الضابط السابق في مكتب المخابرات العسكرية الأميركية، إن تنظيم “داعش” يحاول بناء إمبراطورية تشبه الإمبراطورية العثمانية، وذلك من خلال الطريقة التي يقوم عبرها بالتمدد .
يتضح من خلال هذه المعلومات هناك ترابط بين وثيقاً, بين ما يفعله الدواعش الآن وما فعلته الأسرة العثمانية من جرائم ومذابح طالت المظلومين, والسلطان أردوغان الذي يطمح ببناء دولته سهل وساعد الإرهابيين, ولكن في الأخير مثلما أنتهت الدولة العثمانية سينتهي الدواعش وتجهض دولتهم, والسحر سينقلب على ساحره, والرب لن يغفل عن دعاء المظلومين, وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ .