ايام الاحتلال العثماني للعراق و في ظل الفوضى العارمة وغياب القانون واعتماد سياسة التخبط (وكلمن يجر من صفحة) كانت الولاية تعتمد على الضرائب بقوة السلطة دون غطاء او مسوغ قانوني ومن يعترض من عامة الناس يتعرض لضرب من قبل جماعة الوالي المخصصين لهذا الغرض,فكان الناس البسطاء من التجار وأصحاب المحلات الصغيرة والبسطيات يدفعون دون السؤال عن الجهة التي أرسلتهم الوالي غيره (ناس تريد تدفعه بقصبه) كون السياسة التي كانت قائمة هي “سياسة الهرج والمرج” وسياسة ( كلمن ايدو الو), في ظل هذه السياسة كان الفقر و البطالة منتشر و الأوضاع على أسوأ حال, بعض البطالة”ممن لديهم خدمة طويلة بالنصب والاحتيال” كانوا يراقبون المشهد عن كثب وعرفوا بان هؤلاء البسطاء بمجرد ان يأتيهم أناس مرتدين الزي الرسمي والطربوش يدفعون لهم “المقسوم “مقابل وصولات عادية, درس البطالة الموضوع بإمعان ووضعوا خطة محكمة مستغلين غياب القانون والفوضى وتدهور الأوضاع ,وقرروا أنشاء دائرة وهمية تسمى( دائرة هرج مرج) وهيئوا جميع مستلزمات العمل من ملابس رسمية وطرابش وجنط واستعانوا ببعض المجرمين (الأشقياء) يمثلون دور الحماية , وبدءوا يأخذون الجباية من أصحاب المحلات والبسطيات بحجة توفير الخدمات وسن قوانين تخدم الشعب واستمروا على هذا المنوال أربع سنوات تحولوا خلالها من (صياع) كما يقول الإخوة المصريين الى أصحاب أملاك وعقارات وحمايات و ناس متنفذين في ظل “بيئة الهرج والمرج” التي كانت سائدة في ظل الاحتلال الأمريكي عفواً اقصد العثماني(هو كله احتلال), لكن الأمر لم يدم طويلاً فقد كان أصحاب المحلات يسجلون ما يدفعون الى رجال الولاية في دائرة الضريبة عبر وصولات تقدم كلما اقتضت الحاجة او المراجعة, احد التجار المستقلين اقصد “البسطاء” راجع الضريبة وبعد التدقيق استغرب الموظف من الوصولات ومن عنوان ( دائرة هرج مرج ) وسال التاجر عن هذه الدائرة فأجاب التاجر البسيط (أستاذ هؤلاء من دائرة الهرج والمرج لتقديم الخدمات ونسدد لهم منذ أربع سنوات وهم رجال كشخه ويحملون جنط دبلوماسية جلد ولديهم سيارات رسمية وحمايات) ضحك الموظف وقال ( بابا مو كلمن أشوفه كشخة وشايل جنطة هو من جماعة الوالي ,هولاء “نشالة” وآخذوا اموالكم وهذه الوصولات نكعها واشرب ميها و لا تظلون كمش) ,رجع التاجر بخفي حنين يجر أذيال الخيبة وقص الأمر على أصحابه واقروا الخروج بتظاهرة مطالبين حكومة الوالي بتعويضهم وحمايتهم وإصلاح النظام , الوالي يأخذ الأوامر من الأستانة ومن الزبانية التي تحيط به , أوهموه بان هؤلاء خرجوا بدوافع سياسية وتقف ورائهم أحزاب وقوى خارجية, أمر بضربهم واعتقالهم ,الأمر الذي حول التجار المستقلين والبسطاء من مؤيدين لسياسة الوالي الى معارضين ومنتقدين بسبب السياسة الخاطئة والاستماع الى الزبانية ,