لطالما أسمع ممن ألتقيهم في المجالس الخاصة والعامة، عن الجديد الذي يمكن أن تضيفه دائرة المعارف الحسينية الى ما هو موجود في الكتب القديمة والحديثة عن النهضة الحسينية، وما هو غير المعروف الذي أتى أو يأتي به العلامة محمد صادق الكرباسي في الموسوعة الحسينية غير الذي يُقرأ في الكتب ويُسمع من أفواه الخطباء وينظمه الشعراء عن عموم السيرة الحسينية وخصوص واقعة الطف عام 61هـ.
تساؤلات غير قليلة، ربما لو كنت بمقامهم ولو لم يصبني من الموسوعة الحسينية خيرها، والعمل إلى جانب مؤلفها منذ عام 1992م، لكان حالي، من حيث السؤال والاستفسار، حالهم، لاسيما وان المنبر الحسيني لم يحصل فيه التجديد المطلوب والطموح، وما كنّا نسمعه من الخطباء في صغرنا سمعناه في شبابنا ونسمعه في كهولتنا، ومعظم الكتابات والمؤلفات والمقالات هي واقعها تكرار واجترار مع مسحة من القراءة الشخصية للحركة الحسينية قد تشطح بكاتبها الى خلاف الحقيقة، أو ربما جاءت الاضافات العاطفية والتقولات غير المنطقية لتزيد من البلبلة والضبابية، فيتلقاها المستمع كأنها واقع ويصطدم بالحقيقة إذا قرأ خلاف ما سمع، فيحصل عنده اللبس، وربما عدم الثقة بالخطابات والكتابات معاً.
ففي إحدى المحافل السياسية التي نلتقي بها اسبوعيا في مساءات سبت لندن ومن جنسيات مخلتفة نتداول فيها آخر المستجدات السياسية، سألني نائب خليجي عن حجم الموسوعة وأعدادها وما يمكن أن يقدم مؤلفها مما هو غير مألوف على الأسماع، وعندما شرعت بالحديث عن بعض معالمها، أبدى استغرابه للرقم 90 وهو عدد اجزاء الموسوعة المطبوعة حتى نهاية العام 2014م وزاد استغرابه عندما عرف أن اعدادها المخطوطة بلغت نحو 900 مجلد، ثم قال والدهشة عقدت لسانه: لعلّ كل جزء ينطوي على عشرات الصفحات لا أكثر؟، فاتسعت دائرة دهشته عندما عرف أن معدل كل جزء هو نحو 500 صفحة من القطع الوزيري، تقل أو تكثر حسب عنوان الباب.
ولا أظنه اقتنع بكلامي كما بدا لي من لحن قوله، ولا ألومه ولا ألوم غيره، وحتى أضعه في الصورة، أشرت إليه بباب واحد من أبواب الموسوعة الحسينية الستين، وهو باب معجم أنصار الحسين(ع)، فهو يضم عشرة أجزاء يوثق فيه العلامة الكرباسي سيرة أنصار الحسين الذين حضروا واقعة كربلاء من الرجال والنساء، من الهاشميين وغير الهاشميين، صدر منه سبعة أجزاء، ثلاث في عموم النساء ومثلها في الهاشميين والسابع في غير الهاشميين من مجموع أربعة أجزاء، وازداد شوقاً الى التعرف أكثر على هذه الموسوعة التي فاقت الموسوعات المعرفية نوعاً وكماً وعلماً وتوثيقاً بعد أن عرف ان أصحاب الحسين(ع) يفوق أعدادهم بأضعاف الرقم المتداول بين الخطباء، وهذا جانب من الجديد الذي أتت به دائرة المعارف الحسينية.
فن النسب والمشجرات
يتابع المحقق الكرباسي في الجزء الاول من “معجم أنصار الحسين غير الهاشميين” الصادر حديثا (2014م) عن المركز الحسيني للدراسات بلندن في 386 صفحة من القطع الوزيري، السِّيَر الذاتية للرجال الذين حضروا واقعة كربلاء، ولكن المؤلف وبنحو علمي وأكاديمي وقبل ولوج باحة التفاصيل، يتوجه الى أصول الرجال وقبائلهم بدءاً من أبي البشرية الحالية آدم(ع) وصولاً الى الشخصية المشاركة مع الإمام الحسين(ع) في نهضته المباركة.
وهذا الأسلوب الذي نهجه المؤلف في تتبع الجذور النسبية للشخصية، اتبعها من قبل مع الأنصار الهاشميين والنساء من الأنصار الهاشميات وغير الهاشميات، وهو نهج يعكس تبحر الكاتب في الأنساب والمشجرات وقدرته على الفصل بينها للوصول الى الجد الأول الذي انحدرت منه القبيلة المعنية مع بيان شخصية الأنصاري من حيث الأب والأم معاً، وهذا النمط من البحث في الأنساب فتح الكثير من المغاليق، وكشف عن شخصيات نعرفها بأسمائها ونجهل سلسلة نسبها، أو أنها متقطعة عند بعض الأجداد، أو انها معروفة من حيث الأب ومجهولة من حيث الأم.
وهذا السبر في النسب، ساهم بشكل ملحوظ في التشخيص وفي بيان عدد المشاركين في واقعة كربلاء من الأنصار، مع الاستفادة من الشهداء الواردة اسماؤهم في زيارة الناحية المقدسة والزيارة الرجبية، ولم يعد الرقم (72) المتداول على المنابر وفي المجالس هو عدد أصحاب الحسين(ع) في كربلاء، كما كان عليه الحال، فقد تبيّن في الأجزاء السابقة من هذا الباب الخاص بالأنصار الهاشميين أن الرقم يعود للهاشميين الذين شهدوا كربلاء فقط، أما غيرهم من الأنصار فقد أوصله المحقق الكرباسي بفضل جهوده العلمية المتواصلة الى 255 أنصاريا، أي أن معسكر الإمام الحسين(ع) كان يضم 323 أنصاريا من الذكور من الهاشميين وغير الهاشميين، في مقابل جيش جرار تعداده ثلاثون ألف مقاتل.
وفي طريق التعرف على الشخصية المعنية، هناك مصطلحات ترد في باب الأنساب، قام المؤلف بتعريفها أو الإشارة اليها، وهي: الأسرة، البطن، البيت، العائلة، العشيرة، العَمارة (الحي العظيم)، الفخذ، القبيلة، النسب، النسل، الذرية، القوم، العقب، درج (من لا عقب له).
ومن خلال ملاحقة التفاصيل والجداول والمشجرات، نجد أن الباحث عمد الى أمور عدة أهمها:
أولا: بيان نسب البشرية منذ النبي آدم حتى طوفان نوح.
ثانيا: بيان أسماء الآباء والأمهات للأجداد حد الإمكان، ولاسيما في عدنان وقحطان.
ثالثا: بيان تاريخ الولادات والوفيات حسب المعطيات التي وقف عليها المؤلف.
رابعا: فيما يتعلق بواقعة كربلاء، اقتصر المؤلف على ذكر آباء وأمهات القبائل التي شاركت في معركة الطف.
خامساً: وضع جداول ومشجرات تساهم بشكل كبير في بيان نسب القبائل إلى جانب الشخصيات المناصرة للحسين(ع).
سادساً: وضع جدول بأصحاب النبي(ص) ووصيه الإمام علي(ع) وسبطه الإمام الحسن(ع)، من الذين كانوا أحياءً حين وقوع مأساة كربلاء عام 61م وبيان مواقفهم ومواقعهم.
وبشكل عام لا يختلف هذا الفصل من الأنصار، كما وجدنا وكما يؤكد المؤلف: (عن الفصلين المتقدمين “الهاشميون” و”النساء” من أنصار سيد الشهداء، من الترجمة وتحليل الأسماء ثم بيان سيرتهم العطرة وتحديد الآباء والأمهات إن أمكن إلى جانب الولادة والوفاة، وبيان بعض الخصوصيات، إلى وضع الفهارس وغيرها)، مع التركيز على بيان الاسم الثلاثي على الأقل لكل مناصر مع الكنية واللقب والانتساب، وحل المشتركات بين الأسماء التي حضرت كربلاء من خلال مسيرتهم ونسبتهم الى القبائل التي ينتمون اليها.
عرب وموالون
تتبع المؤلف تاريخ القبائل التي كانت حاضرة في واقعة كربلاء الى صف الإمام الحسين(ع)، وخاصة القبائل العربية التي انحدرت من عدنان وقحطان مع رسوم بيانية للنسب تسهّل للقارئ والمختص تقفي الأثر ومعرفة الأصل، مع شروحات وافية لإسم القبيلة وجذرها اللغوي ومصداقها أو مصاديقها.
وتوزع عدد أنصار الإمام الحسين(ع) حسب ما اشتهروا به تاريخيا على القبائل التالية: الأرحبي (1)، الأزدي (11)، الأسدي (13)، الأسلمي (1)، الأشجعي (1)، الأصبحي (1)، الأعرجي (1)، الأنصاري الخزرجي (5)، الأنصاري الأشجعي (1)، الانماري (1)، الأنماري الخثعمي (1)، الأنماري البجلي (3)، البجدلي (4)، البهدلي (1)، التغلبي (6)، التميمي (13)، التيمي (8)، الجابري (2)، الجديلي (1)، الجعفي (7)، الجندعي (1)، الجهيني (3)، الحارثي (1)، الحضرمي (5)، الحميري (1)، الحنيفي (1)،
الخثعمي (3)، الخزاعي (3)، الخزرجي (7)، الخزيمي (1)، الخولاني (1)، الدارمي (1)، الدُئلي (1)، الدألاني (1)، الدوداني (1)، الديلمي (1)، الراسبي (3)، الرومي (1)، الرياحي (5)، السعدي (2)، السلماني (5)، السدوسي (1)، الشاكري (1)، الشبامي (1)، الشعبي (1)، الشيباني (2)، الصائدي (2)، الصيداوي (4)، الضبعي (2)، الطائي (4)، العائذي (2)، العامري (1)، العبدي القيسي (8)، العجلاني (2)، العليمي (1)، الغطيفي (2)، الغفّاري (12)، الفهمي (2)، القابضي (1)، الكاهلي (3)، الكداعي (1)، الكلابي (1)، الكلبي (4)، الكندي (7)، الليثي (1)، المازني (1)، المالكي (2)، المدني (1)، المذحجي (3)، المرادي (3)، المشرفي (5)، النخعي (1)، النمري (1)، النهشلي (5)، النوبي (1)، الهاشمي (2)، الهمداني (12)، الوائلي (الوايلي) (1)، اليربوعي (5)، واليزني (1).
وبالنظر الى الأرقام، نجد أن أنصار الإمام الحسين(ع) من بني أسد وتميم كانوا هم الأكثر عدداً، فكل قبيلة شاركت بثلاثة عشر من أبنائها، ويليهما بني خزرج وغفّار، حيث شاركت كل بإثني عشر أنصاريا، ومن بعدهما بني أزد بأحد عشر أنصارياً.
وما يميز أصحاب الحسين(ع) في كربلاء كثرة غير العرب أو ما يعبر عنهم بالموالين من جنسيات أخرى أو من بقايا الحروب، وبعض هؤلاء استعرب مع مرور الزمن من خلال الولاء، فيقال فلان من الأسرة العربية الفلانية بالولاء، وفي الغالب كان الموالون كما يضيف المحقق الكرباسي: (مخلصين لأوليائهم بل كانوا ميّالين للدين الإسلامي ربما أكثر من الذين كانوا أحراراً، ومن هنا جاز التعبير عن كل من تنشّق الحرية في فكره وعقيدته وممارسته أن يسمى هو السيد والمولى، ومن لم يكن كذلك هو العبد والمولى). والمولى من الذكور يقابله الأمة من النساء.
ولا يخفى أن عدد الموالين كما انتهى اليه تحقيق المؤلف هم 31 مواليا من بين 255 مناصراً في كربلاء أي أن نسبتهم ثُمن مجموع الأنصار العرب، وعُشر عموم الأنصار الهاشميين وغير الهاشميين، أما الإماء اللواتي شاركن نساء الحسين(ع) في الأسر فهن عشرون أمة. وهذه الأرقام والنسب تظهر قيم الوفاء والإخلاص، وانشداد الموالين الى الحرية عبر التعلق بالرسالة الحسينية والاستشهاد بين يديه رغم أن الإمام الحسين(ع) أذن لهم بالرحيل، لكنهم أبوا إلا الصمود والاستشهاد، فلا غرو أن يكون أصحاب الحسين(ع) خير الأصحاب، ففي حين هرب بعض الصحابة في حروب الرسول الأكرم(ص) صمّم هؤلاء على الموت بين يدي سبط الرسول الأكرم(ص)، ولهذا قال الإمام الحسين(ع) فيهم: (إني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرَّ ولا أوصلَ من أهل بيتي، فجزاكم الله جميعاً عنّي خيراً)، وعندما اختبرهم كانوا أهلاً للاختبار، وصدق فيهم قوله عليه السلام: (أما والله لقد بلوتهم فما وجدتُ فيهم الإ الأشوس (مرفوع الرأس) الأقعس (الثابت القدم) يستأنسون بالمنيّة دوني استيناس الطفل إلى محالب أمِّه)، وفي ساحة المعركة تساوى السيد والمولى من الأنصار، فكانوا سادة الأنصار، وذكرهم باق ما بقي الليل والنهار.
موقف الصحابة؟
يحق للمرء أن يتساءل عن موقف من بقي على قيد الحياة عام 61هـ من صحابة النبي(ص) أو الإمام علي(ع) أو الإمام الحسن(ع)، فالتاريخ يذكر أنس بن الحارث الكاهلي وهو من صحابة النبي محمد(ص) شارك في حروب بدر وأحد وحنين، وشارك على كبر سنّه في واقعة كربلاء وفيها استشهد بعد أن قتل جمعاً من رجالهم، ولكن غيره العشرات من صحابة النبي ومثلهم من صحابة علي والحسن(ع) لا نجد أسماءهم في كربلاء رغم أنهم كانوا على قيد الحياة؟
هذا الموضوع الحسّاس يطرقه المحقق الكرباسي متبحراً في المصادر الحديثية وكتب الرجال للمدرستين الشيعية والسنية، لينتهي به التحقيق الى 186 صحابياً اختلفت أسباب عدم وجودهم أو مشاركتهم في واقعة الطف على أربعة: (صنف انحرف، وصنف كان في السجن، وآخر لم يعرف بالموضوع إلا بعد فوات الأوان، وصنف حاول الوصول ولم يتمكن).
وحتى يسهل على القارئ معرفة حال الصحابي، وضع المؤلف جدولاً فيه بيان للاسم الثلاثي وتاريخ الولادة والوفاة ومكانها مع شيء من الملاحظات، وبالنسبة لنوعية الصحبة رمز اليها بالحرف (ر) إشارة الى الرسول محمد (ص) المتوفى عام 11 هـ، و(ع) إشارة الى الإمام علي(ع) المتوفى عام 40هـ، و(ح) إشارة إلى الإمام الحسن بن علي(ع) المتوفى عام 50هـ، فبعض كانت له صحبة للنبي(ص) وخليفتيه علي(ع) والحسن(ع)، وبعض له صحبة للإمامين(ع) وبعض للإمام الحسن(ع).
وتختلف أسباب عدم الحضور في كربلاء بين صحابي وآخر، فعلى سبيل المثال فإن صحابي النبي(ص)، أيمن بن حزيم الأسدي المتوفى عام 80هـ سكن دمشق واعتزل لمعاوية، في حين أن صحابي النبي(ص)، أبو أمية جنادة بن كثير الأزدي الزهراني المتوفى عام 80هـ كان عسكرياً على ثغور البحر في مواجهة جيوش الروم، أما رافع بن خديج الانصاري الأوسي المتوفى عام 73هـ وهو من صحابة النبي(ص) وعلي(ع)، فقد كان حين واقعة الطف في مدينة بيضاء بليبيا، أما الصحابي للنبي(ص) وخليفته(ع) وسبطه(ع)، سليمان بن صرد الخزاعي قائد حركة التوابين المستشهد في عين الوردة بسوريا عام 65هـ، فالظن أنه كان مسجونا في الكوفة، وأما صحابي النبي (ص)، النعمان بن بشير الأنصاري، الذي كان والياً على الكوفة عندما عزم الإمام الحسين(ع) على الحركة نحو العراق، ثم استُبدل بعبيد الله بن زياد، فإنه كان الى جانب بني أمية وقد ولي لهم حمص فيما بعد، ثم انقلب الى جانب عبد الله بن الزبير بعد وفاة معاوية بن يزيد، ثم دعا لنفسه بعد سيطرة مروان بن الحكم على السلطة في دمشق، فهرب من حمص ولحق به جيش مروان، وكان عاقبة أمره أن قُتل وحزّوا رأسه ورموه في حجر زوجته.
في الواقع ان كل جزء من أجزاء الموسوعة الحسينية فيه الشيء الجديد، وهو حاك عن الامكانات العلمية التي يتمتع بها المؤلف الذي يصفه الدكتور محمد نسيم بهنداري وهو يقدم للكتاب بمقدمة باللغة
النيبالية، بالقول: (وأحسب من خلال اطلاعي على دائرة المعارف الحسينية أن الله قيّض للنهضة الحسينية مَن يحفظ تراثها ويحقق في القديم منه والحديث رغم المصاعب الكبيرة، ولا أشك أبداً أن الله بارك في القلم الذي خطّ في النهضة الحسينية وأنشأ هذه الموسوعة الحسينية الكبيرة .. فمن يكتب هذه الموسوعة بهذا الحجم الكبير لاشك أنَّ الله يحبّه، ومَن أحبَّه الله أيّده وسدّد خطاه وجعل في قلمه ويراعه الخير والبركة، وهذا الخير أراه قد حلَّ في قلم العلامة القدير الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي الذي استطاع منذ أن بدأ بكتابة الموسوعة عام 1987م أن يحقق هذا الانجاز العلمي الكبير، ويؤلف هذه الأعداد الهائلة من المجلدات في ستين باباً من أبواب المعرفة المتفرقة المتعلقة بالامام الحسين ونهضته المباركة على الظلم والاستبداد).
ويضيف الدكتور بهنداري، وهو أستاذ جامعي تحوّل من الهندوسة الى الاسلام على مذهب الحنفية، معلّقاً على النهضة الحسينية: (وقد أثبت الإمام الحسين(ع) بنهضته المباركة أنه إمام الإنسانية وأنه الداعي الى الخير، وأنه كان يريد خير المسلمين، ولكن الشيطان ركب عقولهم فانصاعوا لشهواتهم فقتلوه، ومن معالم هذه النهضة والحركة الاستشهادية في كربلاء على قلة العدد والناصر هو وجود مجموعة من الشهداء الذين نصروا الامام الحسين(ع) وهم ليسوا من أهل بيته، ولكنهم آمنوا به ونصروا الحق واستشهدوا بين يديه، ومن يقرأ الجزء الأول من كتاب معجم أنصار الحسين غير الهاشميين يكتشف حقيقة الإيمان الذي اكتنف صدور هذه الثلّة المؤمنة الذين فضّلوا الموت على الفرار، وفضّلوا الآخرة على الدنيا وزخارفها وزبرجها، فنالوا الشهادة والرفعة والمنزلة العظيمة، وظفروا بالجنة كما ظفروا بالسمعة الطيبة وصاروا مثالاً حيّا لكل مَن يريد السعادة الدنيوية والأخروية).
ويعود الدكتور بهنداري، المقيم في مدينة كتمندو النيبالية ليؤكد: (لقد وجدت في الكتاب الذي وفّقني الله لأن أقدّم له مقدمة، أنّ العلامة الفاضل والمحقق الحاذق الدكتور الشيخ محمد صادق الكرباسي قد أجهد نفسه كثيراً في البحث عن شهداء كربلاء من غير الهاشميين، وبيان أصلهم وفصلهم، وقد استطاع أن يكتشف أسماء عدد من الشهداء المغيَّبين، وهذا بحد ذاته إنجاز علمي رغم مضي أربعة عشر قرناً على واقعة عاشوراء).
وكما اكتشف الدكتور بهنداري من خلال قراءته لكتاب واحد، عمق التحقيق والتوثيق في دائرة المعارف الحسينية، فإن مَن يطّلع على أجزاء الموسوعة الحسينية، سيجد الجديد الذي غاب عن الأوائل، هو ما يفاجئنا به العلامة الكرباسي في كل مرّة.