22 نوفمبر، 2024 5:58 م
Search
Close this search box.

خيط وإبرة لعلاج ما حدث ويحدث

خيط وإبرة لعلاج ما حدث ويحدث

أعترف أنني لا أفهم ما يدور في بازارات السياسة ووراء كواليسها.
وأعترف أنّ ما يجري من صفقات وتجارة وتعاملات في أروقة سياستنا هو مما لا يستوعبه تفكيرنا البسيط السوي.
لكنّ ما يدور يفضح نفسه. والمستور يتحرك من تحت الغطاء. والرائحة تضرب أنفك وأنت في غفلة عن كلّ ما يجري.
لقد نسينا الإصلاحات والمظاهرات وثورة البرلمان والاستقالات ومللنا الحديث عنها وفيها.
مع ذلك دخلوا علينا في بيوتنا وتدخلوا في خصوصياتنا وأطلقوا فضيحة لا يمكن لأيّ ” بارد ” و أيّ ” ضجران ” و أي زاهد في السياسة إلا أن يتابعها ويتوقف عندها ويتساءل ويقارن ويستغرب.
كيف لدولة تخوض جيوشها وحشودها وقواها الأمنيّة حربا، بل حروبا على أكثر من جبهة وجبهة، أن تفتح بابا يمسّ وزارة هذه الجيوش ومرافقها وإدارتها وقياداتها ورؤساءها؟
الجيوش تتهيأ للقتال والبرلمانيون يحاصرون وزير الدفاع بالأسئلة حول صفقات الأسلحة وأرزاق الجيش.
الجنود يقتلون وهؤلاء يتقاتلون بالمليارات والملايين و” مصروف الجيب ” في ليلة رأس السنة.
الشباب يذبحون وأبطال المشهد السياسي في حيص بيص من الغنائم والعمولات وكسر العظام والأنوف.
كيف سيقاتل هؤلاء؟ وبأيّة روح ومعنويات؟
كيف سيقاتلون وهم يرون أنّ الهدف واحد لكنّ النتيجة ليست واحدة؟
أتراك وحشد وجيش في داخله جيوش وأكراد وأيزيديون ومسيحيون وعشائر وأمريكان.
في فم فمن ستقع الموصل؟
وكم شلوا ستقطّع؟
ومن سيحوز قصب السبق فيها؟
أهكذا تستعد الأمم لحروب التحرير؟
أهكذا يوحّد الجمع صفوفه أمام عدو مشترك؟
وهل يستدعي الداعشيون هذه الجيوش الجرارة وهذا الوقت الطويل من الإعداد والاستعداد؟
ألا تكفي فرقة واحدة من الجيش لإزالة كل دنس الأشرار؟
فوضى في صفوف المحاربين
وفوضى في مقاعد البرلمان.
جلسة الاستجواب التي كان يفترض أن تتم بين نائبة تستجوب وزير يستجوب وبينهما رئيس المجلس تحوّلت إلى مناسبة للتنزه والرياضة وتجاذب أطراف الحديث والتهاتف والتقاط السيلفي والتصوير والتندر والتردد على الحمامات والكافيتريا.
هكذا هي ردة فعل نوابنا على كارثة تقع أمام أعينهم ومصائب تطرق سمعهم. ربّما لم يكن ما رأوه كارثة أو ما سمعوا به مصيبة بعد أن اعتادوا مثلها الكثير وتعاطوا أمثالها الأكثر. ربّما.
أيّ شيء أخطر من هذا وأعظم جدير بأن يهزّ برلمانيينا وسياسيينا ويحرّك فيهم عرق المسؤولية والغيرة والمبادرة إلى الإصلاح.
ربّما كان كلامي من قبل النفخ في قربة مقطوعة
ولا شكّ أنّ القربة مقطوعة
ولذلك فهي في حاجة إلى خيط غليظ وإبرة كبيرة.

أحدث المقالات