23 ديسمبر، 2024 1:31 ص

خيبــــــــــــة أمــــــــــــل بحكومــــــــــــة الأمــــــــــــل

خيبــــــــــــة أمــــــــــــل بحكومــــــــــــة الأمــــــــــــل

في الوقت الذي كان العراق يمر بأزمة خطيرة ويعاني من صنوف التآمر والفساد ومحاولات منعه من النهوض وتبوأ مكانة الطبيعي والطليعي بين بلدان العالم، أعلن عن أنبثاق حكومته الجديدة الحاملة لراية الأصلاح والتقدم، وكان طبيعياً أن يبادر المخلصون
إلى دعمها والوقوف معها في مسعاها الوطني وكما هو معروف فأن حالة التآمر والابتزاز قد شملت كافة الميادين والاصعدة
في البلد الا أن مايهمنا ونود الحديث عنه الآن هو مايتعلق بأختصاصنا العلمي وخبرتنا الطويلة ورسالتنا الوطنية تلك القضية المحددة ذات الاهمية القصوى بحالة نهوض العراق العزيز وإعادة بناءه وتطويره والمعني بذلك حركتنا التعاونية التي فرض عليها الشلل التام والفساد المطلق طيلة الفترة التي أعقبت سقوط النظام الدكتاتوري وحتى يومنا هذا بدون أن تعمل أي من الحكومات المتعاقبة على أصلاحها ووضعها على الطريق الصحيح، ومنذ مباشرة الحكومة الجديدة لمهامها بادرنا لوضع مشاكل الحركة التعاونية أمامها وأوضحنا لها سبل أصلاحها وتطويرها لما فيه مصلحة الشعب العراقي وركزنا بشكل خاص على ماكان المفروض بدوائر مجلس الوزراء القيام به بأعتباره المشرف على الحركة التعاونية وفقاً للقانون ولم يثنوننا ونحن نطالب مجلس الوزراء بضرورة العمل الجاد لأنقاذ الحركة التعاونية من واقعها المتردي الى تنبيه الجهات المعنية من خطورة الفاسدين وقدرتهم على الالتفاف على أي قرار أو توجيه أيجابي وتحويله لمصلحتهم وخبرتهم الطويلة في كيفية الوصول الى أي مسؤول ومعرفة نقاط ضعفه وسبل أصطياده بشباكهم، كما وأنهم يعرفون جيداً كيفية شراء الضمائر والقرارات وتسخيرها لمصلحتهم وهذا مانجحوا به سابقاً ويسعون للنجاح به اليوم. ولم يكن هذا الكلام من باب الحدس أو الاجتهاد بل هو ماكان منسجما مع الواقع الذي تتحمل مسؤوليته السياسية والدينية والاخلاقية والاقتصادية كافة أطراف الطبقة السياسية والحكومات المتعاقبة التي ساعدت على أستمرار حالة الفساد مما أدى بالتالي الى سقوط هيبة الدولة وبعد أن بلغت التجاوزات وحالة الفساد حدوداً خطيرة وتزايد ضغوط الجماهير التعاونية المطالبة بأصلاح الحركة التعاونية أضطر القائمون على الأمر بمجلس الوزراء بعد تردد ومماطلة أبان حكومة الدكتور العبادي الى الالتفات الى القضية التعاونية المطروحة أمامهم منذ وقت طويل حيث تقرر في أمانة مجلس الوزراء تشكيل لجنة للتدقيق والتحقيق في أعمال النشاط التعاوني للاتحاد العام للتعاون ومدى التقيد بأحكام القانون وذلك في بداية أيلول 2015 وبالطبع كانت للتعاونين ملاحضاتهم وتحفظاتهم بخصوص اللجنة بأعتبار أعضائها بعيدون كل البعد عن الوسط التعاوني ولايعرفون شيئاً عن النشاط التعاوني ومشاكله، مع هذا ولغرض ذر الرماد في العيون أعدت اللجنة ملفاً تحقيقياً واسعاً شخصت فيه الكثير من حالات الفساد والابتزاز والتجاوزات المرفوضة وسوء الادارة قدمته الى مجلس الوزراء الذي ناقشه وصادق على توصياته بجلسته في 18/4/2017 والتي أضاف عليها السيد رئيس الوزراء خلال الجلسة تأكيده على وجوب إحالة المفسدين والمتجاوزين الى القضاء لمحاسبتهم على ما أقترفوه، مع ذلك ومع وضوح ماجاء في التقرير وصراحة توجيهات رئيس مجلس الوزراء فأنه لم يحاسب حتى اليوم أي مفسد ولم يلقى القبض على أي سارق وعذر اللجنة هو تقديمهم للتقرير وأولياته الى هيئة النزاهة التي لم تقم بواجبها بأجراء اللازم متناسية أن أحد أعضاء اللجنة المهمين هو مدير عام في هيئة النزاهة وممثل لها وأستمرت اللجنة التي تغير أسمها الى (لجنة مشرفة) على أعمال الاتحاد العام للتعاون تراوح مكانها بدون أي أنجاز وكأنها أصبحت مكملة لحالة الفساد المستشرية بتواطئها مع قيادة الاتحاد العام للتعاون للامعان في فسادها وأستغلالها، ولعل أعضاء اللجنة لايدركون وهم في مواقع سياسية وتنفيذية رفيعة بأن سكوتهم وتواطئهم هو مشاركة للمفسدين في فسادهم وتستر واضح عن جرائمهم.. هذا وفي الوقت الذي كان التعاونيون بأنتظار حل جذري ينصفهم وينقذ حركتهم جاء الحل غريباً ومخيباً للآمال وذلك بأقتصاره على تغيير رئيس اللجنة الفاشل بسبب إحالته الى التقاعد بموظف آخر من مجلس الوزراء وأبقاء كل الامور الاخرى كما هي دون تغيير. مع ذلك أستقبل التعاونيون رئيس اللجنة الجديد بكل ترحاب وقدموا له الافكار والمقترحات المساعدة له على أداء مهمته وتعهدوا له بالوقوف معه بكل جدية لاصلاح الحركة التعاونية وتنقيتها من الفساد. بمرور الايام وبعد لقاءات عديدة مع الاطراف التعاونية أتضحت نوايا رئيس اللجنة وأذا بها محاولات للهيمنة الشخصية على الحركة التعاونية والاستحواذ على المكاسب والامتيازات التي كان يتمتع بها رئيس الاتحاد وبطانته والانفراد في القرار التعاوني ليصبح الزعيم الآوحد للحركة التعاونية معارضاً لكل الافكار التي تدعو لمحاسبة اللجنة على تضييع خمسة سنوات من الوقت الثمين دون تحقيق أي انجاز تمهيداً للانتقال الى صيغة قانونية آخرى أكثر عطاءاً وفاعليه في الواقع التعاوني. وقد دفعته تطلعاته الشخصية الى التركيز على أنشطة لاعلاقة لها أصلاً بمهمته الرسمية كأهتمامه بالاستثمار هنا وهناك وأهتمامه الاستثنائي بالاراضي السكنية للجمعيات التعاونية والتي كانت في السنوات الماضية مصدر ثراء القيادات التعاونية الفاسدة وأداة شرائها للضمائر والقرارات لادامة هيمنتها وأبتزازها. مع تناسي بقية اشكال النشاط التعاوني التي تهم المواطنين بل أنه لم يتردد في محاولات الاساءة والتشهير بالتعاونيين الذين لاينسجمون مع أفكاره في الوقت الذي يوجه فيه الشكر والتقدير لمن خربوا الحركة التعاونية.
وهنا لابد لنا من توجيه كلمة عتاب الى الجهات المعنية في مجلس الوزراء التي عينت هذه اللجان وأهملت مراقبتها ومحاسبتها
على أدائها المهام الموكلة لها وتضييعها المزيد من الوقت دون فائدة، وكذلك عدم اتباعها الصيغ الاصولية لاصلاح الواقع التعاوني وتطويره عن طريق أختيار مجلس مؤقت لفترة محددة توكل له مهمة أصلاح الحركة التعاونية وإعادة بنائها بما يخدم المجتمع.
في الوقت الذي دعونا فيه الحكومة الموقرة الى محاولة كسب الجماهير التعاونية من خلال دعمها المناسب للحركة التعاونية
التي أثبتت قدرتها على علاج مختلف أنواع المشاكل الاقتصادية والاجتماعية ودفع عجلة التنمية وترسيخ الديموقراطية وأعادة الحركة التعاونية الى سابق عهدها الذي كانت فيه مدرسة لكل التعاونيين العرب وموضع ثقتهم التي دفعتهم لاختيار بغداد عاصمة لهم ومقراً للاتحاد التعاوني العربي.. نجد أنفسنا الآن أمام خيبة أمل جديدة وكبيرة هذة المرة حيث أجتماع مجلس الوزراء يوم الثلاثاء 13/10/2020 الذي أقرت فيه الورقة البيضاء للاصلاح الاقتصادي والمالي والتي أريد لها أن تكون كفيلة بمعالجة نقاط الخلل التي تراكمت على مدى سنوات طويلة .. تلك الورقة التي وصفت بالبيضاء تحولت للأسف الى سوداء بالنسبة للجماهير التعاونية وذلك لخلو صفحاتها الستة والتسعون من أي أشارة الى الحركة التعاونية التي تهم ملايين العراقيين. أن هذا الامر معيب أن كان جهلاً أو تجاهلاً متعمداً لانه يأتي في الوقت الذي تحقق فيه الجمعيات التعاونية أنجازات مهمة في كل بلدان العالم والعراق بأحوج مايكون لذلك، يكفيكم الالتفات مثلاً الى الجارة ايران التي عشتم فيها طويلاً وتعرفوها جيداً ، اليس فيها أكثر من 160 الف جمعية تعاونية منوعة تضم في عضويتها أكثر من 27 مليون مواطن تقودها وزارة مهمة خاصة بالتنظيمات التعاونية ! وقد أهملت الورقة للأسف دور الحركة التعاونية حتى في الامور التي هي أكثر قدرة على تحقيقها كتوفير فرص العمل ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وحل مشكلة السكن وغير ذلك كل هذا أن دل على شيئ فهو يدل على أن حالة الجهل والتجاهل المفروضة على النشاط التعاوني خلال الحكومات المتعاقبة السابقة مازالت هي السائدة للأسف وسط تغييب أهل التعاون وكفاءاته وأصحاب الخبرة فيه.
أن الحركة التعاونية بحاجة ماسة اليوم الى ثورة شاملة ومواجهة حاسمة مع كل الامراض والمعوقات التي تحد من الانطلاقة المنشودة للتنظيمات التعاونية، ولعل هذا يتطلب من الحكومة الموقرة أولاً وقبل كل شيئ أعتراف الدولة بالتنظيمات التعاونية والنص
على ذلك ضمن بنود الدستور وأعتمادها ضمن خطط التنمية وفي قرارات الحكومة الاقتصادية والاجتماعية ومن بين ذلك الورقة البيضاء التي تتطلب إعادة نظر بما يضمن تعزيز المكانة اللائقة للتنظيمات التعاونية في الميادين الاقتصادية والاجتماعية ذات العلاقة. ولعل المدخل الضروري لكل هذا وذاك هو تشكيل مجلس تسسير لاصلاح الواقع التعاوني ووضع الحركة التعاونية على الطريق الصحيح من المختصين وأصحاب الخبرة التعاونية لفترة محدودة أي بالتمسك بما قاله رسول الله (ص).. (واستعينوا على كل صنعة بصالح أهلها) .