23 ديسمبر، 2024 7:55 ص

خيبات الشعب الاولى من حكومة عبد المهدي !

خيبات الشعب الاولى من حكومة عبد المهدي !

على مر تشكيل الحكومات المتعاقبة منذ العام 2006 حتى العام 2014 كان اسم العادل عبد المهدي يطرح باستمرار لتولي منصب رئاسة الوزراء دون ان يحظى به ، و ما نال مراده الا في حكومة 2018 ، هو ليس دخيلا على هذا العالم بل احد مؤسسي عملية سياسية قام عليها احتلال 2003 .
ان المتابع جيدا لنشاطات و تاريخ عبد المهدي السياسي لا يجد شيئا فارقا يشير له بالبنان و يجعل الشعب يتوسم الخير في القادم ، نعم قد ايّدته جميع الاطراف بعد مباركة الشيعة له ، لكن هل وقوع الاختيار عليه قد تم لأنه الاكفأ و الانزه من بين الموجودين ام ان انعدام البدائل جعله امر واقع !
ان اولى بوادر الشك بقدرته على ادارة البلد ، قد ظهرت جلية في جلسة التصويت على منح الثقة لكابينته الوزارية ، فقد شعرنا نحن الشعب بخيبة امل كبيرة ذلك عندما رأينا وزراء قد عفى عليهم الزمن و الاولى محاسبتهم و معاقبتهم لا مكافأتهم و استيزارهم ، وزراء منهم الثلة القليلة تتمتع بالكفاءة و النزاهة اما البقية فلله ، و لا بقية امل فيهم ابدا ، فمنهم من عليه مؤشرات فساد و اخرين مشمولين بالمساءلة و العدالة ، لكننا نشهد ان سائرون اثبتت مرة اخرى انها و من معها في تحالف الاصلاح اهلا للمسؤولية الملقاة على عاتقهم ذلك عندما اخلّوا بالنصاب و انتهت الجلسة بالتصويت على القدر الذي يمكّن عبد المهدي من تجنب الوقوع في حرج مدة الثلاثين يوما كحد اقصى لمنح الثقة .
ان هذا المطب الذي وقع فيه رئيس الوزراء الجديد ، قد يقع به مرة اخرى عند الاتيان بأسماء شاغلي الوزارات المتبقية ، لذلك على الكتلة الاكبر المتمثلة واقعا بتحالف الاصلاح ان تكون على قدر المسؤولية ايضا و الا يرضخوا للضغوطات حتى لو اضطرهم ذلك لضرب التوافق الذي حصل مع تحالف البناء اذ بان تكليف عبد المهدي و تمرير الحزمة الاولى من الوزراء ، فالوطن اكبر من التوافق ان كان يضر بمصلحة مستقبل العراق بلدا و شعبا .
في ظل هذا الصراع المحتدم لإكمال التشكيلة الوزارية ، كانت المعلومات المتواترة عن موازنة العام القادم لا تنذر بخير ، لا من ناحية ابواب انفاق الاموال ، و لا من ناحية تعامل الحكومة الجديدة معها ، و هذا مؤشر خطير اخر يجعلنا نشك بقدرة رئيس الوزراء على تطبيق المنهاج الحكومي الذي وعد به . فمن ناحية ابواب الانفاق الموجود في الموازنة ، نجد ان الهدر لا زال مستمرا بل ازداد و كثر ، و لم يحصل ترشيد او توظيف جيد لهذه الاموال ، فالرئاسات الثلاث يقدّر اجمالي الاموال المخصصة لها بالمليار دولار !!! و دواوين الاوقاف تم رصد مبالغ لها تفوق الاموال التي رصدت لوزارات حيوية ستراتيجية مسؤولة عن تأمين قوت الشعب كَوزارة الزراعة !!! و ارتفاع بالأموال المخصصة للموازنة التشغيلية بما يقارب العشرين مليار دينار و هذا امر ينذر بفساد عظيم ايضا ، كون الموازنة بالأصل تخلو من تعيينات الا ما ندر ، لا تتناسب و مقدار هذه الزيادة ، ناهيك عن وجود الاف الدرجات الوظيفية الشاغرة جرّاء عدم العمل بالحذف و الاستحداث في اغلب الوزارات و الدوائر التابعة لها !!! الا يدلل ذلك على منطقية تقليل الموازنة التشغيلية ام المنطقية بتضخمها !!! هذا و المشاع انها موازنة تقشفية ! في حين انها تقارب المئة مليار دولار كَثاني اكبر موازنة في تاريخ العراق ، كيف لها ان تكون تقشفية في ظل هكذا رقم مهول يعادل ميزانيات اربع دول اقليمية مجتمعة !!!
اما من ناحية تعامل الحكومة الجديدة مع هذه الموازنة فكان سلبيا جدا ، و لم يكن متوقعا ان يكون هذا الرد و القاضي بعدم قبولها رأي البرلمان بإرجاع الموازنة اليها من اجل تعديلها و بما يتلائم و المنهاج الحكومي المفترض تطبيقه ابتداءا من السنة القادمة ، و الاكتفاء بتشكيل لجنة مشتركة من البرلمان و الحكومة لتعديل مواطن الضعف و الخلل المؤشر فيها ، في حين و الكل يعلم ان هذا التعديل سيكون طفيفا للغاية و لن يكون ذا اثر كون البرلمان له صلاحية المناقلة و التدوير فقط !!! ان حجة الحكومة بعدم وجود الوقت الكافي لاعداد موازنة جديدة رغم وجود شهرين حتى نهاية هذه السنة مع امكانية التمديد اكثر من ذلك ان اضطر الامر ، يجعل مؤشر الاخفاق جليا في كيفية تعامل الحكومة مع ازمات العام المقبل .
حصيلة كل ذلك ، ما الذي ينتظره الشعب من عبد المهدي و ما الذي يتوقعه ؟! ، ان الشعب و بسبب ما عاناه جرّاء عقد و نصف من المعاناة و الحرمان و انعدام الامن و الخدمات برغم امتلاك العراق لمقدّرات مالية ضخمة ، ينتظر منه ان يكون المنقذ و لو بأقل القليل من التغيير الايجابي في الحياة اليومية ، ان الشعب ليكتفي باستتباب الامن و توفر الخدمات البسيطة من ماء صالح للشرب و عدم انقطاع التيار و خاصة في فصل الصيف المُهلِك و توفير الحياة الكريمة لكل عائلة و ايجاد التعليم الحكومي الجيد و المستشفيات التي تشفي المريض لا ان تُعِلّه .
الشعب نعم لا يطلب الكثير و لا ينتظره ، لكن ما الذي يتوقعه ! لا اراه يتوقع هذا التغيير الطفيف حتى ، شبع الوعود منه و من غيره ، اصبحت لديه مناعة ضد الكذب ، تكوّنت عنده حاسة سادسة يعرف فيها المخادع أكان بعيدا عنه ام قرُب ، الشعب ملّ الوعود و ما عادت مسامعه للشعارات تصدّق ، صُمتْ اذانه و ما عاد بغير النظر يؤمن ، إفعل اذن و اعمل يا عبد المهدي حينها لا نرى فقط بل نسمع ايضا و اليك نستمع .