هناك محكمة عليا أعلى من محاكم العدل والتي هي محكمة الضمير. أنها تعلو بكثير كل المحاكم الأخرى. المهاتما غاندي. أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر لها دوافعها ومبرراتها في الوصول للمبتغى الذي تريده في سلوك المرء،وأصعب شيء خيانة الضمير فهو أقوى محكمة في العالم،فأي مبرر يبرر ويدفع الإنسان لخيانة وطنه وشعبه وأرضه وأبناء جلدته والتأمر عيهم وقتلهم وهم يستصرخون أمام عينه،وتعطيل مشروع بناء دولته لتبقى تعيش حالة من التدهور الاقتصادي والأمني والثقافي،وهو يبتسم برحابة الصدر ليحقق انتصاراً لذاته المليئة بالأحقاد الدفينة،والتي تبدو جبال لها قمم شاهقة تريد الصعود ولاتعرف متى سيتوقف حقد ارتفاعها لينتزع ضميره ويستبدله بآخر شكله وحش مدمر . انها أزمة جديدة تضاف لأزمات البلد المنهك والمثخن بالجراحات،انها الأم التي ولدت الإرهاب والفساد ونظرية المؤامرة على الآخرين وترتكب الشرور العدوانية في وضح النهار دون خوفاً وحياء،ولكل خطيئة يقدم عليها المرتكب يجد له مبرر،فعندما يموت الضمير تهاجر حمامات السلام البيضاء،ولا يبقى ما يحلق في السماء سوى غربان تنعق صباحاً ومساءاً،وأتساءل لو لم تكن هنالك خيانة للإنسان لضميره هل كان هنالك ضرورة ملحة لجلب السيارات المفخخة وأولاده العبوات والأحزمة وكواتم الصوت اللقيطة ؟وأي فلسفة تدعي شرف المهنة تشرعن للطبيب بأن يتهرب ويقصر ويتهاون في تشخيص العلاج لمريضه ليقوده للموت بسبب مرض بسيط،واي رؤية علمية فاشلة تعطي للمهندس الضوء الاخضر ليرسم خارطة خاطئة بالمقلوب ليقدم لنا مشروعاً هزيل غير متماسك ويتلاعب بنسب الانجاز والكلف التخمينية،ويقدر أرقام مالية هائلة تتجاوز القيمة المالية المقررة بعشرة أضعاف على اقل تقدير،فهو يسرق ويقول انها حقي المغتصب،ورجل أمن نشاهده بين النفور من أداء واجبه ليست لديه القناعة بجهاز كشف السونار المكلف بالعمل عليه لفحص السيارات ,وآخر لا يدقق بالشكل الصحيح بهويات المشبوهين الذين يمتلكون (الباجات) المزورة والبعض ,وهناك من القى سلاحه وتخلى في الدفاع الوطن ومقدساته،والشواهد والأمثلة كثيرة فالخروقات الامنية هنا وهناك بعد فترة قصيرة من الاستتباب الأمني الملحوظ جاءت نتيجة لخيانة الضمير ولعدم التفكير،بأن الوطن وأحبائه ليسوا ضحية موت ضميرك؟ تتزايد التفجيرات والموت ينتشر وكلما توتر البيت السياسي تعطي الأزمات السياسية (كرين كارت) باستئناف موت الضمير والقتل العشوائي الممنهج،
استطردت كثيراً عن الأمن وأرجو الا يفسرانه تحامل لمواقف شخصية،فالاستقرار الأمني هو المحرك الرئيسي لبناء منظومة الدولة،فكيف تكون هنالك مشاريع ضخمة وجلب مستثمرين ومعهم أموالهم الطائلة ،ولا يوجد استقرار امني،لخلق أرضية مناسبة وملائمة ولا اقصد بالأرضية أرضية المكان وإنما تهيئة جميع الأجواء الهادئة التي تفتح آفاق التعاون وتقديم التسهيلات اللازمة،وأما الحديث عن بعض السياسيين المشاركين بالعملية السياسية ويستلمون راتباً كل شهر مغري،ويدعون التهميش والإقصاء ويذهبون لدولة ما ويستأجرون قتلة وأدواتهم السيارات المدججة بالديناميت والفسفور الشديد الانفجار وغيرها من أساليب الموت المروع،ويفتحون أبواب منازلهم لهم ويغدقون عليهم الضيافة،والحجة والدافع مهيأ حماية المكون من الضياع،وهل هناك ضياع اكبر من هذا الضياع ؟,وهل ثم جريمة اكبر منها انهم لايمتلكون من الأساس الضمير؟،وكأنه القدر الذي لا يفارق رحم العراق بان يبقى يدور بدوامة مفاهيم ورؤى تنتج له أسباب ومسببات مقنعة لخيانة الضمير .