حنين الى ( حكم الرجعين العملاء ) …!
( ا – 2 )
( نحن لا نتذكر الماضي لجماله ولكن لبشاعة حاضرنا. – علي الوردي )
( 1 )
( ليحفظ الله هذا الوطن / كم هو جميل ورائع / مائه كوثر ‘‘ ارضه ذهب / مليئة بازهار النسرين /// هذا المكان ملك للكرد / عرين الابطال …ألخ ) هذا المقطع الاول لنشيد حماسي كردي ‘ كنا ننشده كل بداية اسبوع اثناء رفع العلم في مدرستنا في قصبة جوارتا و مدارس المدن الكردستانية بما فيها مدارس لواء كركوك وقصباتها (1 ) وانا شخصيا أتذكر ‘ أن قائمقام القضاء ( و كان يعتبره اليسارين المعارضين للحكومة انه ابن اقطاعي ذو افكار رجعية ….!!!) كان يحرص اكثر من يوم في الاسبوع ان يحضر هذه المراسم في مدرستنا قبل ذهابه الى مقر عمله ويقف مع الهيئة التدريسيه ويشاهد ويستمع وبعد ذلك يحي الطلاب الاطفال متمتعا بسماع هذا النشيد الحماسي القومي ‘ دون أن نسمع أن بغداد ( المركز) تنزعج من كل ذلك ويتدخل لتعكير صفو الجو الامن للمواطن الكردي وكيفية تربيتهم …!!
• نتذكر ‘ كل أقليم كردستان ( من ضمنها كركوك ) تدار من قبل مسؤولين من سكان المنطقة ولم نسمع ولم نرى أن ( المركز – بغداد ) التي كانت تدار من قبل مسؤولين كبار أكثريتهم من العرب ‘ فرضوا مسؤول من (الجنوب بحجة وحدة العراق ) على اي مدينة او قصبة كردية او ذي اكثرية كردية ‘ رغم أن ( الوطنيين ..!! ) يتهمونهم بالعملاء للاستعمار ..! ) وكانوا يعتبرون ان منع ذلك تجاوز على الدستور ( ثابت ودائم ..! ) وماكان هؤلاء المسؤولين الكبار يتحسسون من ذلك ‘ وجلالة الملك كان يزور ( مصايف ) شمال الوطن و يلتقي بالمواطنين ولا يتحسس ان يزور السليمانية ويلتقي بكل احترام بـ( الشيخ محمود الحفيد ) .
• نتذكر ‘ أن تجار السليمانية الكبار ‘ والمدن الكردستانية الاخرى ‘ وعندما لم يكون التجار بيد السراق واللصوص واولاد الحرام في كل العراق ‘ بل بيد أصلاْ ءابن الناس ‘ عندما يريد أحد من التجارالكرد ان يستورد ( رز او دهن او شاي ..ألخ ) من بغداد وكل مستلزمات الاخرى للناس ‘ كانوا يكلفون احد السواق العاملين على خط بغداد ( شفوياً ) بأن يذهب الى التاجر الفلاني في بغداد ويقول له : أن فلان في السليمانية يسلم عليك ويطلب منك ان تشحن له كذا طن من ( رز والشاي و الدهن ) و عندما يفتح الله نتحاسب ‘ فماكان يمر يومين كل المطلوب يصل الى الاسواق والعكس ايضا كان يحصل بالنسبة لمتطلبات تجار بغداد من منتوجات المدن الكردية من الجوز والتين و ….ألخ
( 2 )
يروي لنا ( الراحل مام جلال ) في كتاب ( لقاء العمر ) كيف أنه عندما كان طالبا ‘ ولامر متعلق بالطلبة الكرد وقبولهم في الجامعات هو كان من ضمن مجموعة من الطلبة الذين ذهبوا للقاء ( الراحل سعيد قزاز ) وهو في ذلك الوقت متصرف ( محافظ) لواء الموصل ليساعدهم في ذلك ‘ وبعد طرح الموضوع الرسمي ومناقشته ‘ وجه المتصرف سؤال للطلبة : صحيح انتم تطمحون ان ياتي يوم وتساهمون في تاسيس الدولة الكردية ؟ وعندما اجاب الطلبة بنعم ‘ قال لهم الراحل قزاز نصاً : ( لاتخافوا ‘‘ واستمروا ولكن بتعقل واختيار طرق شرعية وفي اي انعطاف في المسيرة تحتاجون المشورة نحن هنا متواجدين ) هكذا كان الراحل سعيد قزاز ‘ رغم ذلك عندما سقط النظام الملكي واحيل هو الى المحكمة بادرة اليسار الكردي وباصرار للتظاهر وطلب من قاسم اعدامه
• نتذكر ‘ أنه وفي الزمن الملكي الذي عرف بعد انقلاب تموز في ادبيات الاحزاب بـ ( العهد البائد .. ! ) اينما كان الكرد اكثرية ‘ كانوا معززين ومكرمين ‘ كانوا هم الاكثرية ضمن العامليين في شركة نفط كركوك دون ان نسمع او نرى اي دليل على ان حكومة المركز ( بغداد ) تنظر الى هذه الظاهرة بالحساسية او يعتبرون ان هذا يؤثر سلبا على استقلال البلد ومستقبله ‘ لانهم كانوا يحترمون الدستور بصدق حيث يأكد على تساوي المواطنين في الحقوق والواجبات ‘ و في بغداد ‘ كان يقود الجيش العراقي ضباط من الكرد في اعلى المستويات بل ان جعفر العسكري المؤسس الرئيسي لهذا الجيش كردياً ‘ ان وجود الكرد في اعلى سلطة تنفيذية اثناء الحكم الملكي و ثقة النظام بذلك الوجود ‘ كان احد اسباب عدم موافقة الاحزاب المعارضة بعناوينهم القومي و اليساري لدخول الحزب الديمقراطي الكردي في الجبهة المعارضة للنظام .
( 3 )
عندما قام اثنان من ضباط الجيش ( احدهما رومانسي ومثالي ..! ) والاخر ( قومي متهور ) وقلدوا الانقلابين العسكر في سوريا و مصر ‘ وفي غفلة من الزمن اسقطوا النظام ( بل هدموا اساس وجود الدولة في العراق مسيرين باتجاه الفوضى ) احتل اليسار الشارع بطريقة فوضوية عاكسا صورة الانقلاب العسكري ( الغير منظم وغير مبرمج كنهج وخطة للمستقبل ) كانها ( ثورة يقودها نظام السوفيت الحديدي …!!!! ) و بالمقابل توجة القوميين في العراق الى الشارع بحماس كأن ماحدث ثورة قومية قادها الراحل جمال عبدالناصر ورفع فورا ( الوحدة الان ,,!! ) ‘ وعندما اختلف الضابطين على كرسي الحكم ‘ ايد اليسار العراقي قاسم كانه احد ضباط جيش الاحمر السوفيتي ويتجه لبناء الاشتراكية ويمنعه القوميين …!!! ومن اجل ذلك سحلوا معارضي قاسم بالحبال رافعين شعار ( لازعيم الا كريم ..! ) .
وكما اهان اليسار مشاعر القوميين العرب ‘ عملوا نفس الشيء تجاه القومية الكردية ‘ بل دعموا قاسم و العسكر للتهرب من الالتزام بـ ( البند الثالث ) من الدستور المؤقت الذي يؤكد على شراكة العرب والكرد كقوميتين رئيسيتين في العراق ‘ بحيث وصل الامر الى تاليف نكات ساخرة مقابل كل المطالب حتى الثقافية للكرد وعندما وصل الامر للتصادم مع السطلة وقفوا مع القاسم الذي هو اول حاكم عراقي جيش الجيش للتصدي بقوة ضد مطالبهم في حينه ورغم ان القاسم اهان اليسار ‘ ان قيادة حزبهم اصدر بيانهم المشهور ضد الكرد طالبا الدفاع عن سلطة الثورة بحجة انها ( لايزال مشحونة بشحنات وطنية …!!!! – نص ماجاء في بيان الحزب الشيوعي وبعض قياداتيهم كانوا في سجون قاسم) .
أن خلط الاوراق في التعامل مع الكرد بهذا الشكل فسح المجال امام التدخلات الخارجية لوضع الكرد في العراق حيث استغلت ايران الشاه الوضع وتدخل في الازمة الكردية التي اجبرها قاسم الى حمل السلاح .
( 4 )
عندما تنصل قاسم عن الالتزام بالبند الثالث من الدستور المؤقت واستغل ايران الثغرة وتدخل في العراق ‘ وفي حين كان مطالب الكرد مشروعة وعراقية في هدفها الاساسي ( الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان ) ‘ بدأت السلطة ومن يؤيدها اليسار واليمين يتهمون الكرد بالانفصاليين ‘ وتحدي لطموح الكردي باستعمال القوة المفرطة جعل العراق ساحة للانقلاب مابعد الانقلاب كان الخاسر الاول في كل مرة هم اليسار العراق دون ان ياخذونه درسا من كل ذلك ‘ أنهم ومع الاسف ‘ سقطوا سقوطا لم يستطيعوا النهوض حتى بعد أن اصبح ( عراق الفهد ) محتلا من امريكا ارتضوا ان يكونوا جزء من النظام التدميري في العراق ( محاصصة – طائفي وعرقي مناطقي وهو عناوين بضد لكل ما يدعي انه يحمل فكر اليسار ) .
أما القومية الكردية ‘ ولانها كانت تعاني من أزمة قيادة ذكية و واعية تستوعب ما يجري لها وفي المنطقة والعراق ‘ في كل انتفاضة تنتفظ ويسير بجد بهدف تحقيق امانيهم المشروعة ‘ بعد فترة لاترى الا السراب وقادة مترفين في اماكن الترف وكما يقول المثل : ( ..وابوك الله يرحمة ..!)
( 5 )
خسارة الفرصة غلطة الشاطر
تؤكد التجارب البشرية ان استغلال الفرص في مسيرة الحياة الانسانية على مستوى الفرد اوالجماعة احد مستلزمات تحقيق الاماني والعكس ‘ اي ضياع الفرص يعني ضياع الاماني ….! واذا تكررت الفرص وتكرر الضياع ‘ استمرت المأساة ‘وباختصار شديد هذا هو حال الكرد في ضوء تصرفات قادتهم ‘ بالاخص في العصر الحديث ‘ اذا تركنا التصفح في خفايا تاريخ العصور الغابرة …!
عند قراءة التاريخ المعاصر للقومية الكردية في كردستان العراق من بعد انقلاب 14 تموز 1958 ‘ نرى ان قادة الكرد (وليس قاعدة الشعب الكردي الطيب بطبعة ) ‘ كانوا وعلى طول مراحل من بعد ذلك التاريخ بدل ان يخططوا بدقة وذكاء وشعور بالمسؤولية لاستغلال المواقف السيئة للسلطات و بمقابله الموقف الصمودي الشجاع لاهل كردستان ومقاومتهم المشروعه كمكسب لاتخاذ موقف وجعله نقطة انطلاق ومواجهة مع السلطات على اساس تماسك القوة الشعبية ‘ توجه الى وضع هذه الفرصة امام جهات اقليمية ودولية المتصارعة ودون ان يحصلوا على اي ضمان لشعبهم عدا تحقيق هدف واحد وهو اضعاف السلطة المركزية معتقدين ان هذا الضعف يكفي لتحقيق اهداف الشعب الكردي دون ان يحسبوا ان الصراعات الاقليمية والدولية قابلة للمساومات الرخيصة في كثير من الاحيان ‘ ومع الاسف ‘ هكذا فعلوا القاده الكرد عام 1961 مع نظام الشاه ‘ لذا راينا ان هذا الموقف وعلى طول الخط ادى الى نتيجة واحدة وهو توظيف ابقاء القضية الكرديه مادة احتياطيه في صراع ( اقليمي في جوانبه السياسيه و الاقتصاديه المرتبط منذ التاريخ بصراعات دولية للاثارة احيانا و تهدئه احيانا اخرى …)
( 6 )
دون الدخول في تفاصيل الوضع الاقليمي الذي ادى الى ولادة اتفاق 11 آذار 1970 ‘ أن هذا الانجاز كان أحد الفرص التي لم تستطيع القيادة الكردية استغلالها ليكون مفتاح لخطوات إلى الامام لبناء قاعدة للارادة الكردستانية في العراق ‘ صحيح أن القيادة في العراق أيضاً لم تهيأ مستلزمات نجاح المشروع لصالح بناء استقرار حقيقي والبقاء على اكثر من باب مفتوح للتنصل في الالتزام الكامل بالاتفاقية ‘ وفي مراجعة مراحل تلك الحقبة نرى ان هذا الموقف من السلطة متوقع للجميع منذ البداية ‘ لان الحزب الذي كان يقود مشروع الحل ‘ كان حزبا قوميا متعصب في تعامله مع واقع العراق وعلى مستوى الوطن العربي ‘ ونحن هنا نكتب هذه الخواطر للتاريخ لذا نقول ( لولا شجاعة الرئيس الراحل صدام حسين في تلك المرحلة بالذات ‘ لماتجرأ قيادة ذلك الحزب الذي شعارة امة عربية واحدة ذات رسالة خالدة ‘ ان يسمحوا لتسجيل اعتراف بحق الكرد وتثبيت ذلك في الدستورالعراقي ) .
على اية حال نحن في مجال البحث وتذكير الفرص التأريخية التي اضاعته القيادات الكردية وفتحوا بذلك باب امام اعدائهم للتنصل عن تنفيذ التزاماتهم ‘ وفي مقدمة ذلك عدم تخلي تلك القيادات عن ابقاء قضية شعبهم مرهون بنوع علاقتهم مع القوى الاقليمية والدولية هم يعرفون انه ليس في استراتيجية اي طرف من تلك الاطراف السير باتجاه ايصال الكرد الى مرحلة النهوض المضمون لحق تقرير مصيرهم بل ان العكس تماما ( ولحد الان ) صحيح .
أن اتفاقية 11 أذار وفي الوضع الاقليمي متسامح ( إن صح التعبير ) مع استراتيجية استقرار في المنطقة ‘ كانت فرصة ذهبية امام القيادة الكردية اولا لانقاذ نفسها من كل ارتباط خارج كردستان تلزمهم (أن يكونوا تحت الطلب ) وكان هذا ممكن لو تصرفوا بالعمل المبرمج لخدمة شعبهم بعد ان احتلوا في كردستان كل المرافق الخدمية والبناء ‘ وبعد ان اعلن كل الاطراف الكردية دعمهم للاتفاقية واستعدادهم للعمل الجماعي من اجل بناء قاعدة اقتصادية وثقافية واجتماعية مهيئة للانطلاق لموجهة ماياتي في المستقبل حتى من قبل السلطة ‘ ولكن تلك القيادة عملت عكس ذلك تماماً ‘ من جانب العلاقات بالقوى الاقليمية والدولية حصل وبشكل مغاير لروح حتى الاتفاقية 11 اذار الذي استغلوا السلطة فيما بعد مما ادى الى نتيجة كلنا نعرف تفاصيلها ‘ اما في التعامل مع الشعب لم يكن موقف من بيدهم الامور احسن من العلاقة بالخارج ‘ حيث استغلوا كل ماتوفر لهم من السلطة لانفسهم و وضعوا السياسين والمناضلين ضمن اتجاهات الاخرى تحت الاقامة الجبرية تحت عنوان ( تحالف مع القياد ه..!!) ‘ إلى أن وصل الامر الى عدم التخلي عن تواصل التعاون القوى الاقليمية اصبح حجه بيد السطة للتوجه الى محاولة البحث لتنفيذ اتفاقية آذار ( اصدار وتنفيذ قانون الحكم الذاتي ) من جانب واحد‘ مما جعل عدم وجود الثقة بين الطرفين سيد الموقف في توجه نحو الحل الاخير ‘ في حين كان قيادة الكرد تتهم السلطة بالتهرب والتوجه الى حل حكومي فقط دون مشاركة الكرد ‘ كانت السلطة تتهم تلك القيادة بأن عدم استجابتهم لمشروع الحكومة لاياتي من الحرص على حق الكرد بل ارضاءا لتوجهات اقليمية لايريدون الحل ويدفعونهم باتجاه الاصطدام والعودة الى الجبل ..!! وكان ذلك التصور مع الاسف صحيحا لان التحالف الامريكي الايراني في تلك المرحلة يخططون لمحاصرة النظام العراقي خدمة لمصلحتهم الاقليمية ‘ وهذا الموقف ادى الى توريط القيادة الكردية في مواجهة جديدة حيث عاهدوهم بمساعدتهم الى اخر الشوط في الصراع بعد تعهداتهم الكاذبة بأنهم يدعمونهم لتحقيق مايصبون الية لصالح الشعب الكردي ..!! حيث وصل الامر الى ان ثقة تلك القيادة بوعود ايران والادارة الامريكية وصل الى حد أن أحد القيادين الكرد وفي تجمع جماهيري في ( جومان ) عندما توجه احد الموطنين بسؤال حيث قال : ( أننا سمعنا أنه ممكن اذا تجددت المعركة بمواجهة السلطة ‘ ستلجأ السلطة الى استعمال اسلحة كيميائية ضدنا ‘ فماذا سيكون استعدادكم لمواجهة هكذا احتمال ) أجاب القيادي نصا : ( باي سلاح تواجهنا السلطة سنرد عليها بنفس السلاح بل يمكن اخطر ……) ولكن نتيجة هذا الخداع العلني ‘ أنه وعندما وقع العراق مع ايران اتفاقية الجزائر على بعد الالف الاميال ‘ عندما عاد الشاه قال للقادة الكرد بوضوح : ( انزعوا اسلحتكم و توجهوا الى ايران ) واعلنت القياده ايضا بوضوح : ( انتهت مهمتنا …!!!)
هكذا جرت الامور ‘ قساوة السلطة لحد غير طبيعي و عدم الاكتراث من كان يقود الكرد باخذ الدرس من كل ماحدث لشعبهم في الاقل منذ الانقلاب القاسمي على الاستجابة لطموح شعبهم ‘ المستمر ولحد كتابة هذه الخواطر …