لفيئك الدافيء
اصنعُ قطعة حلوى مُرّة، أقرأ كتاباً في الموسيقى الخرساء. وبلا أذن تجيءُ، ترمي ظلك الكسول فوق الأريكة، وتُغمضُ أجفانك على مجرى حلم طوباوي شكس. ما تريدُ قولَه لقمة ٌ سائبة تجّترُها ضرسُك المنخورة. وسط هباب مندرس يأخذُك الشططُ الى شاطيء ساقية تغمغمُ ماؤها بأغنية منسية، تُذكّرك بالاُلى جفلوا من امتداد خطوك وحظوتك. البلادُ السمينة تكتنزُ بشحم اللامبالاة والكسل الحرير. لك وحدَك تتمشّى السرادقُ والمنازل والأديرة والجبل والتلُ والسهل وضحكةُ السماء والبحر. فتقبّلْ ذاك الرغيفَ الساخن من يد السيدة الآيبة من زمن الدنان المتخفية طيّ حُفرالخجل. هات ِ مطرقتَك وهُشّ بها على وهني المُقمط بالخوَر. لمَ تستفزُّ سرّي القابع خلف تماهي ذهولي يقرعُ باب الوحشة المُستشرية في كلماتي المتكئة على بلاغة حمقي؟ لك موطنٌ في ردن ثوبي ولى مثله بين ضلوعك. الملكاتُ العوانس يمخرن في أشرطة الحلم، واوردة المخيلة العاطلة. اوقظ ْ فجرك المتأنق من غفلته، وخُضْ في الأفق المُضبّب بالخطايا الطيّبات. اسمعُ بوضوح طنينَ جوعك ووجعك فلا تستسلمْ وتُسلّمْ زمزمتك للعاصفة والطيش الطري. لكَ المالُ والآل والمجالُ والجُمَلُ المصوغة من خيوط النباهة. زرْني ادلْك على ممرّاتي المطمورة خللَ دغل أشواقي العابرة موج زلاتي. اناجي طيفك تارة ً، وطوراً امسكُ بقميصَ مشيتك اللامبالية في الدرب العجوز. تُرى الى أين تُفضي بنا أقدامُنا المتجحفلة بالعزم؟ اتكيءْ على مهارتك وصلابتك ووجع رأسك المصوغ من الدهاء. . أقمْ في رقعة الجنون، والعقلاء وحدَهم مجانينُ ذا الزمن المُخضّب بالزلازل والطوفان والفكر المُجنّح بالفساد.
نَوْرٌ مُؤرِقٌ
يتأفّفُ المصباحُ من اكتظاظ العتام، فيُديرُ قصدَه تُجاه مَضجعي، وأنا وسط حلم عسجد ٍ، يلتفُّ حولى مَنْ اندرسوا وغدوا مضغة ً منسية. أعيشُ لا مبالاة خاسرة وأوغل في مصير مجهول، لا تلتفتْ لصدى ضحكتي المتوكئة على تماهياتي الماكرة. بلْ صُنْ شراعي من مطر النار… تجيءُ الموجةُ متعكّزة على أخواتها ناوية إزاحة ظلي من مُخيلة الماء. الزمنُ يأبى أنْ تُطمسَ الحقيقة ُ. فقد جُبلتُ من عصارة طميه وزلاله. تتراقصُ ضحكتُك الماجنة فوق مرآةِ بؤسي، وتُرسي غضبتك في رأسي. ولا يُغمضُ الطوفانُ عني شراسته، بل يُبقيني وسط اليقين المُزيّف. يُديرُ لي ضوءُ الفتيلة ظهره، فتلتقطني حاشية ُ الأرق ليُسلمني من قلق الى فلج مُندرس. كائناً مثل فصّ ملح انتظرُ مُزناً يُذيبني لأغدو لعابَ ريح طائشة. تُرى أيّ قّوى غامضة تبغي تصفيتي؟ لستُ حسوةَ ماء تنتشلني ذرةُ الرمل لأملأ عطشَ بطشها، لك ِ أيتها النرجسة ُالسارقة صفار البيضة كلّ دهائي المختمر في حناجر الأزمنة وخناجرها المُلطخة بالدهاء. صباحاً يشربني ضجيجُ المخلوقات، فانفضُ عن ثيابي رائحة الليل وأحلامها المتسارعة. أحسبُ أن الطريق والدغلَ والضياء وحنجرة المدى واوكار الطير والعيون المُبحلقة في كينونة الفضاء المنتفخ بالضجيج تُحدّقُ فيّ وتُحلّقُ حولي. من دون أجنحة. أنا كلِفٌ من زمن طفولتي الأولى بنشيج انينك واغنيتك وبريق تاجك وحفيف قدميك يخترمُ وجوم َذهولي. ولدنُ كلّ مرفأ ورصيف محطة ودغل نسيان ومكبّ ذكريات وطنين جريان الزمن وأناشيد الأعراس وغصّة الحزن في حنجرة الوقت يحطُّ رحله في صقيع الوهم انثرُ ضحكتي، لافتة ً تُقرأ في يوم ٍ تتشظى فيه ايقوناتُ اليقين وتنكسرُ.
في ضحى البشارة اشاركك لدغةَ الوهم تلثمُ فمينا. ونرحل معاً الى براري المتاه.
نهارُ اللوز
من فكرك المُعتق نستلهمُ العِبرَ، فلنا خبراتٌ هي بقايا دمدمتنا الماضية، رنينُ شواظ ِجمراتنا المطفأة، مُراجعة ٌ هادئة لايقاع سير سيرورتنا المُتعبة. مطفأةٌ ألوانُ معاييرنا وسطَ مماشي الفضول والفصول والنصول تشربُ دبق الدم والعصب. لا الغضبُ ولا العضب ولا التميمة والنميمة وعبق الشمّام وطلة الريحان بقادرة على مسح نظرتك المغروسة فيّ، هذا الصباحُ مُكرّسٌ لافتتاح النشوة تجري في عروق الوقت. لك في رواق تجلياتي أبعاضُ خراب هي بقايا ضحكتك الهوجاء تمترست في متون غطرستك الماجنة تتهدلُ من خصلات الوهن. أفصرتَ مِعْضِلة يتباهى بك المُشاةُ في دروب الوهم؟ اغسلْ طويتَك بزلال الطيبة .واغتسلْ بماء اليقين يتهدّلُ من علياء التجربة والمحنة ، كنْ ملحاً لمائدتي وملمحَ مسرّة يجيءُ من سديم الرغبة .في واعيتي وعاءٌ مُنطو ٍ على عصير صبري اختزنته عبر سنواتي الغابرة لأيام قابلة. أعرفُ داء زعلك ودواءه. كوني مثله يتلذّذُ بمذاق قهوته ولامبالاته. شتان ما بين شاطئه وشططك.فلمَ يُزّجُ غريبٌ بين خلافاتنا الضئيلة القيمة؟
سيزول ذا الوعرُ يعرو مسارنا. وسيصفو الممشى، نحثُّ فيه خطابَ خطونا تُجاه الحاجة المُلحة، نحتضنها بصدق دمنا ودمعتنا..
غسقٌ أحمر
للنار في الهشيم بضعةُ أسئلة وعديدُ قراءات ٍ، لها فوهةُ افعوان وأقحوان تلتقطُ ما يتلاشى وما يتحاشى نظرات الفضول الساقطة كالنصول فوق هشيم هيبتنا المهدورة في طرقات المصائر. حين تتماسكُ اصابعُنا تأخذنا نشوتُنا المفتوحة على التيارالى مديات محاصرة بين هديّ وغواية. ترفضُنا تواريخُنا المرمية خلف الظهور وتُبعدُنا السلاسةُ عن الصراط. فكم طويتُ من مشاهدَ كانت تُمتهن فيها ارادتُنا ويُستهلك سعيُنا جزافاً. سأقرأ على الملأ والملائكة نصوصَ قرآني امتحُها من غور ممشاي الغابر المُلطخ بأغبرة النسيان. لك السعدُ ابان التلاقي، وله مثلُه يتقاسمه مع الجيران. من ثنايا ثوبك ِ ايّتها السماءُ قطفتُ نجمتي ورميتُها تحت وسادتي ترافقني في سوح احلامي. عبرنا الشارع خائفين ِمن دهم المركبات وانتظرنا طويلاً تحت وبل القلق يدقُّ يوافيخ الأمل المُحتفي بالغياب. أين سيذهبُ الجمعُ المنتظر في دائرة الخطر. فما خطرَ على وقفتنا أبعاضُ ريح فرُمينا هنا، أبوسعنا أنْ نمضيَ بلا أقدام؟ أنا وهْمٌ مفتوح ٌعلى الأرق ألتفّ بغطاء سريري وسريرتي . دعْني يا نهارَ التوهج أملأ ْابريق شهيتي وشهيقي ببريق نداك المموسق في غرف التأمل. صباحاً يُصافحني البرق ويُضيءُ صحوي. لتلك الممشوقة النظرات والكلمات أسوق هاجس صبري وانتظرُ لعاب الوقت يغسل وهني. اغوصُ في دم اليفاعة والمتاهة والنباهة بلا خوَر خذْ يا حظ ُّ كينونتي ترعي في وسامتك وارسم ْملمحي فوق كاهل الزمن، فأنا كائنٌ من دون رعاية يتخطّفني تجوال ٌلامُجد ٍخللَ هباب الوقت
سأُرتّبُ شأوي
في البعد الناحل مثل ِ شعرة لمحتُ غبارَ خطوك يتمشّى آناء ظهورك الفجائي، فتوسمتُ الخير. لكنّك كنتَ تقتربُ وأنا أبتعدُ، ما ذا التناقضُ يحزُّ المرأى الى جبهتين، واحدة ٍ عصيّة كالمستحيل النافق على الطريق، وأخرى مُموّهة كرمشة الغشّ. لي مأربٌ ناحلٌ لا يُستجابُ له. تهزّه نسمةُ الشكّ .. فيما السُنبلةُ ذاتُ قوام تخترمُ حقل المزاج. سأُرتّبُ ميزانَ وضعي وأضعني في الواجهة يتمرآني حدسُ القاصي المُتواطيء على بلورة الشراك وصيد البراءة. لقد أفرغتُ جيوبي من وزر الخطيئة وفتحتُ نافذة ذاتي للعاطفة والعاصفة واليمامة على طراوة الفنن. قهراً لا طواعية ًسقتُ راحلتي وسط الخيبة والفشل المُسنّن الجارح. أرقتُ لطلعتك دمَ تواريخي المنسية طيّ الخجل والعتاب ِ الباهت. فأغرورقَ صدري بمُزن الكمد ، لكنّ صوتها وصورتها أيقظا ضمور خاطري من ترهله .لم ْتُرني وجهَها ، بل أبانت لي رحيق غنائها ، فذكّرتني أن الخلود في المغنى وليس في المعنى .هي ولداتُها يجُلنَ في أروقة الزمن ، ينتظرن لصق الرمش وهلوسة الذاكرة . ثمّ ..استغربُ تصرّفَ أبي يجيءُ من سحيق موته فيفتح الباب والشباك ليتمرآنا مُشاةُ الدرب ونحنُ طيّ الأفرشة وبقايا الحلم لم تزلْ تبللُ مآقينا . لمَ تفعلُ ذا بنا وأنتَ محضُ ذكرى عائمة وعاتمة وغائبة عن خواطرنا. يُطأطيء رأسه ويمضي الى مخبئه. وتلك الطفلةُ ؛؛ مَنْ جاء بها لتلج بابنا وتقتعدَ وسط الفناء. هي تُفرغُ سطل الرمل، تعالَ: نادتني، فاستجبتُ لها. فيما كان بالي في الدرب أمام بابنا، كانت عجلات العربة مغروسة في طين الساقية، فعجز الحصان عن جرّها فاستسلم وخمد. .
ترُى، لمَ طاوعني لساني على بثّ ما لم اُردْ قوله ؟ الكلماتُ غُصّة ٌ في الحنجرة، انْ لم نُفض ِ بها تختنق….
14/4/2015 صبحاً الئلاثاء