22 ديسمبر، 2024 7:58 ص

خمسة اعوام وجذوة اكتوبر لن تنطفئ

خمسة اعوام وجذوة اكتوبر لن تنطفئ

نريد وطن هو شعار انتفاضة اكتوبر 2019 الذي اطلقه ابطال تلك الانتفاضة الخالدة التي لم يشهد العراق طيلة تاريخه مثيلا لها سواء بسلميتها التي تمثلت بالصدور العارية لشابات وشبان الانتفاضة المتصدية لنيران القتلة الجبناء وقناصتهم المجرمين الذين قتلوا بدم بارد المئات من المنتفضين وتسببوا بجرح وتعويق الالاف منهم من جانب و بتمثيلها لمطالب كافة العراقيين بعيدا عنالطائفية والمناطقية و بالاعداد العائلة التي شاركت فيها منالجانب الآخر .

تمر ذكرى الانتفاضة هذا العام والمنطقة تمر بمرحلة خطيرة نتيجة بربرية اسرائيل ورئيس وزراءها الصهيوني المنفلت من عقاله والمتوحش المدعوم بشكل مطلق بالسلاح والمال والاعلام من قبل امريكا ومعظم دول اوربا الغربية امام تخاذل وتجاهل غريب من قبل معظم الانظمة العربية التي لاتحرك ساكنا او تقف الى جانب العدو الصهيوني وجرائمه في الابادة الجماعية في غزة ولبنان .

ان مظاهرات التضامن مع الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والتي يشارك فيها مئات الالاف من الشبان المتنورين والجيل الصاعد في كافة الدول الغربية والعديد من الدول الاسلامية وحتي الجامعات والمدن الامريكية هؤلاء الذين ما عادت تنطلي عليهم دعايات الاعلام الغربي الكاذبة قد عرضت اسرائيل الى عزلة كبيرة وواسعة من قبل الراي العام الدولي بسبب وحشية جرائمه في قتل عشرات الالاف من النساء والاطفال الابرياء وتدمير حياتهم كليا اضافة الى قتل الصحفيين والطواقم الطبية وتدمير المدارس والمستشفيات بوحشية لامثيل لها وسيضع كل ذلك مسألة وجود الكيان الصهيوني على المحك .

ان تهور اسرائيل كدولة ابرتايد عنصرية وانتهاكها لجميع مبادي وقوانين احترام حقوق الانسان وكذلك المبادئ العالمية في حماية المدنيين اثناء الحروب والمنازعات وبدعم مباشر وعلني من قبل الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا والمانيا وفرنسا قد كشف الوجه الحقيقي لادعاءات حكومات هذه الدول ومزاعمها  الكاذبة عن احترام حقوق الانسان وكذلك ازدواجية معاييرها في النظرة الدونية الى شعوب العالم الثالث .

ان ذكرى انتفاضة اكتوبر 2019 التي لايمكن لاحد ان يطفئ شعلتها المضيئة تحتم على الجميع مواصلة المطالبة بتقديم المجرمين القتلة سواء من اجهزة السلطة القمعية او المتورطين معها من المليشيات المسلحة المؤتمرة باوامرايران التي لم تتخلف عن اصدار الفتوى بقتلهم ، هؤلاء القتلة المسئولين عن استشهاد ما يقارب الالف شهيد وجرح وتعويق حوالي الثلاثين الف وهذا ماقام يتوثيقه العديد من الناشطين والاعلاميين وعدد من المنظمات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان فاضحة مزاعم السلطة واكاذيبها واستعمالها لشتى الاساليب الخسيسة والدنيئة من الافتراء والتضليل . كما ان هناك ضرورة لمواصلة مهمة توثيق ما حصل في الانتفاضة من سقوط الشهداء والجرحى بالاسماء والاوقات والاماكن والارقام .

لقد اسقطت انتفاضة اكتوبر ما تبقى من شرعية النظام الطائفي المبني على المحاصصة واالنهب والفساد واقتسام ثروات الشعب بين فئات وسخة رثة وتوزيعها على عوائلهم واقاربهم وكذلك كشفت زيفهم وتخاذلهم وفشلهم طيلة اكثر من عشرين عاما في معالجة الازمات المستعصية في كافة المجالات وليس هذا فحسب بل نجد الحكومة تستمر بدلا من تشخيص ومحاكمة المجرمين القتلة استخدام اجهزة القضاء المسيس في ملاحقة ناشطي المظاهرات بتهم كيدية كاذبة في وقت ترفض اجهزة الطب العدلي والمستشفيات تزويد ذوي الضحايا بالوثائق التي تبين الاسباب الحقيقية للوفيات والجروح وخاصة القنابل الغازية السامة المحرمة دوليا والحاصلة ايضا جراء القتل المتعمد بالرصاص والقناصين كما لازالت الحكومة ترفض توفير الارقام الحقيقية عن المختطفين والمغيبين والمعتقلين .

كانت هناك في انتفاضة اكتوبر نشاطات وابداعات تفتقت عنها مخيلة الناشطين في مجالات مختلف الفنون كالرسم والكرافيتي والموسيقى والشعر والغناء واستمر حراك الانتفاضة باشكال مختلفة لاكثر من عامين كما انعكس تاثيرها على الكثير من النشاطات المطلبية اللاحقة المطالبة بفرص العمل والخدمات الاساسية في مجالات السكن والصحة والتعليم اضافة للكهرباء الذي يمكن اعتباره عصب الحياة . لقد كان هناك دور بارز للشابات العراقيات جنبا الى جنب مع زملائهم الشباب والذين نجحوا مجتمعين في كسر حاجز الخوف من الحكومة واجهزتها القمعية كما قام المغتربون العراقيون بدور هام في الاعلامالاجنبي وعلى صفحات التواصل الاجتماعي بنشر الحقائق عن بطولات المنتفضين وفضح جرائم السلطة ومزاعمها ورواياتها الكاذبة التي استهدفت عبر الاساليب الخسيسة والدنيئة من الافتراء والتضليل تشويه سمعة المشاركين في الانتفاضة كما تم فضح جرائم قتلة السلطة في مجازر ساحة التحرير وجسر السنك وجسر الزيتون .

هناك دروس مستخلصة من الانتفاضة التي لايمكن لشعلتها ان تنطفئ  لابد من التوقف عندها لاستخلاص العبروفي مقدمتها تجنب العفوية ورفع مستوى التنظيم وتشخيص قيادات يتم الاتفاق عليها والالتفاف حولها وكذلك اهمية التمييز بين الاحزاب المدنية والديمقراطية المساندة للتغيير الحقيقي وبين الاحزاب الطائفية الحاكمة المقيتة كما ان على شباب الانتفاضة ادراك انه رغم كون انتفاضة اكتوبر كانت خطوة بطولية جريئة تمثل كافة اطياف الشعب وليس لها مثيل الا انها في الوقت نفسه هي حصيلة تاريخ عراقي طويل من الثورات والانتفاضات قام بها الشعب العراقي طيلة العقود الماضية .         لقد كشفت الانتفاضة زيف بعض العناصر الناشطة وقلة من “الوجوه” التي تسلقت على دماء ابطال الانتفاضة لتستخدمها لخدمة مصالحها الانانية حيث اما باعت نفسها للاجنبي بشتى صنوفه او وصلت للبرلمان لتبيع نفسها بثمن بخس لازلام السلطة واحزابها القبيحة .

لقد فاجأت الانتفاضة بقوتها وعنفوانها كافة المحللين والمتابعين الذين تصورا بان الشعب العراقي في سبات عميق كما ارهبت السلطة الغاشمة وهزت اركانها ونجحت الانتفاضة في تحقيق البعض من اهدافها ويمكن اعتبارها جولة قد تكون جولاتها القادمة اشد باسا ونجاحا .

النصر لامحالة لافكار انتفاضة تشرين التي لن يغيب نورها الساطع .