23 ديسمبر، 2024 10:41 ص

“خلية الإعلام الحربي” بين حرية التعبير لوسائل الإعلام و حدود الأمن القومي العراقي

“خلية الإعلام الحربي” بين حرية التعبير لوسائل الإعلام و حدود الأمن القومي العراقي

تثير علاقة الإعلام بالإرهاب هذه الأيام العديد من أوجه الجدل، وتبرز حدود التقاطع بين حق وسائل الإعلام في نقل المعلومات للجمهور وحرية التعبير وحدود الأمن القومي العراق، لذا جاء توجيه القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي، الجهات الأمنية والعسكرية بعدم الإدلاء بأي معلومات خارج إطار “خلية الإعلام الحربي”، خطوة مهمة لكن بحاجة إلى إدارة حقيقية تعمل بمهنية عالية وليس على أساس الولاء والتملق لبعض الجهات من أجل كسب الرضا.
فالإعلام وقت الحروب يكون سلاحاً قوياً وفعال إذا ما استحسن استغلاله، لذا تضع الدول ضغوطًا على حرية التعبير في الحالات المرتبطة بالقيم وعند انتشار الأوبئة والصحة العامة وبالأمن القومي وخاصة فيما يتعلق بالأخبار العسكرية خاصة في الاحداث الإرهابية والانباء المرتبطة بالمعارك.
وهذا لا يعني فرض القيود على حرية التعبير وحرية الرأي فالهدف هو الحذر في كل ما يتعلق بالمصلحة العامة للحفاظ على سرية العمليات العسكرية لعدم التأثير على الروح المعنوية لصفوف الجيش والشعب ونشر معلومات مغلوطة تضر بالقيادة الأمنية والعسكرية ومن ثم مصلحة البلاد.
إن العراق في حالة حرب حقيقية وهي الأخطر بتاريخة حروبه لانها حرب من الجيل الرابع “جماعات مسلحة غير نظامية ومنتشرة بأماكن كثيرة، تواجه دولة نظامية” وما يحدث في عدد من محافظات العراق بخصوص تناول المعارك الدامية، حيث تقوم أغلب الوسائل الإعلامية وفي مقدمتها العراقية بنقل الأخبار من وكالات أنباء عالمية وعربية معروف عنها موقفها تجاه العراق، وهذا برأيي بسبب قلة خبرة أغلب المحررين وحداثة تجربتهم الصحفية أو لأسباب مقصودة من قبل المؤسسات الإعلامية لأسباب تتعلق بسياستها التحريرية.
فالعراق يمر بلحظات عصيبة وخطيرة في مواجهة المخطط الدولي والداخلي ويجب أحداث توازن بين حماية الوطن والحفاظ علي الحريات والمصداقية والشفافية وما يحدث في تغطية الأحداث نشر اخبار كاذبة كان هدفه ترويع العراقيين وخفض الروح المعنوية وهذه مهمة ليست بالصعبة لكن بحاجة لأشخاص لهم خبرة مهنية واكاديمية.
لإن الإرهاب يظل بكافة أشكاله مصدراً أساسياً للمخاوف والقلق لكل المجتمعات المعاصرة المتقدمة والنامية على حدٍّ سواء، كما تحظى ظاهرة الإرهاب باهتمام الشعوب والحكومات لما لها من آثار خطيرة في أمن الدول واستقرارها.
وهنا أنا اعتبر أن مهنية ونزاهة هذه (خلية الإعلام الحربي) سيحّتم على وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية الحصول على الأخبار منها، وأن هناك مسؤولية أخلاقية ومهنية على تلك “الخلية” وهي المتابعة الدقيقة للأحداث وبكافة الأمور المتعلقة بالأمن الوطني والحرب الدائرة مع داعش وإمداد الإعلاميين والعاملين في هذه القنوات بالمعلومات الصحيحة، لأن بصراحة ما يقلق هو أن يكون تشكيل هذه الخلية الإعلامية كسابقاتها التي شكلت من لجان وخلايا عن قضايا سابقة مختلفة؛ حيث جيء بشخص غير مهنين على رئاستها وهذا الشخص سيأتي بأشخاص مقربين منه من أجل الحافظ على (مملكته) فيقوم بمحاربة الاشخاص المهنيين (حتى لو اتهمهم بالخيانة) وهذا ما سيتسبب بالفشل الذريع في أنجاح المَهَمةَ.      
إن المرحلة القادمة حرب وجود وتتطلب تطبيق القانون بكل حزم تجاه من يبث أخباراً كاذبة والأمر لا يتعلق بحرية الإعلام نهائياً وعليناً كإعلاميين مراعاة المهنية حتى لا تضعف الروح المعنوية للقيادة العراقية في حربها ضد الإرهاب، وأن القوات المسلحة والأمنية والحشد الشعبي تواجه حرباً على أرض العراقية مع عدو مجهول في امكانياته واعداد وجهات تمويله وينبغي أن ندرك أن هذا العدو المجهول يستخدم أسلوبين ضد الدولة العراقية الأول بالسلاح والثاني حرب الفكر وغسل العقول وهنا يأتي دور الإعلام في محاربته بالفكر القوي السليم التنويري لعقول الشباب وفئات المجتمع كافة وبث المعلومات الدقيقة والسريعة حتى لا يتأثر الرأي العام وتنعدم الثقة بين الجماهير والقيادة لإننا أمام جيل جديد من الإرهابيين الذين يتسترون تحت عباءة الإسلام.
ولتحقيق ذلك نحتاج لتواصل حقيقي بين الشعب والإعلام من خلال مده بالمعلومات والآراء الصحيحة والسريعة حتى لا يلجأ المواطنون لمتابعة الوسائل الأخرى العدائية ولكي ننتصر في هذه الحرب التي نعيشها لابد من تكاتف القوي والشعب مع القيادة السياسية في مواجهة الجماعات الإرهابية.
وفي هذه الظروف المعقدة يكون من الأفضل وجود مصدر مؤكد موثوق فيه لبث المعلومات بعد حصرها بخلية الإعلام الحربي، لإن الإعلام مطالب بتحري الدقة في زمن الحرب ولا ينكر أحد أن العراق الآن في حالة حرب حقيقية فالدول الديمقراطية تلجأ إلى اتخاذ اجراءات استثنائية في وقت الحروب.