23 ديسمبر، 2024 6:57 ص

خلود المواقف والمبادئ..

خلود المواقف والمبادئ..

الشجاعة والإقدام صفات نبيلة قَلَّ أن نجدها في أيامنا هذه، كيف وإن كانت لدى من ضحى بأجمل سنين عمره، في الدفاع عن الوطن ومقدساته، من فقد أهله وأحبائه ولم يتراجع أو يستسلم، فشعاره كان دائما قول سيد الوصين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ’’لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه ’’.
كانت مواقفه البطولية كثيرة، ولم تكن تأخذه في قول الحق لومة لائم، حتى دفع روحه رخيصة من أجل ذلك.
نعم إنه محمد باقر الحكيم، ذلك الرجل الحكيم بمواقفه الثابتة، ومبادئه التي لا يتراجع عنها أبداً، لسنا بصدد الكلام عن صفات هذا البطل الشجاع سليل العلم والعلماء، ولكن إن الخسارة الكبيرة التي تحققت بفقده جديرة بالتحليل والإهتمام.
الحكيم كان يخطط لبناء وطن موحد، لا مكان للطائفية والعنصرية فيه، لوطن تتحقق فيه العدالة، وتنعدم فيه حالات الفقر والتشرد واليتم، لوطن تتطبق في التعاليم الإسلامية الصحيحة، والتي تعد المنهاج السليم للإرتقاء بالمجتمع، من جميع النواحي السياسية والتعليمية والإقتصادية.
ولكن القدر لم يمهله لتحقيق لذلك، فليس من مصلحة الطغاة من أذيال البعث المقبور، ومن هم على شاكلتهم أن تسير عجلة التقدم، في العراق المظلوم على مدى 35 سنة من الحكم الإستبدادي.
إن فقدان هذا الرجل العظيم أحدث فجوة كبيرة، لا يمكن رتقها بسهولة في الشأن العراقي الداخلي، وحتى التعامل مع الدول الأخرى، لما يتحلى به من حنكة وروح معطاءة، ومتسامحة ومتسلحة بالفقه الديني وغيره من العلوم.
حيث كان يتأمل العراقيون صلاح حالهم، عند عودته في 2003 لأرض الوطن بعد غياب قارب الربع قرن، قضاها في الجهاد والدفاع عن قضية العراق في كل المحافل الدولية. حتى سقط النظام الصدامي في 2003، وكان للحكيم دورٌ واسع وكبير في إنهيار هذا الصنم، لذا فليس من المستغرب أن تَخّلٌد هذه الشخصية الَفذَّة، التي نالت الشهادة في يوم عظيم وبقعة مباركة، ففي ذلك قلت :
في يوم الجمعة الدامي
وما أدراك مايوم الجمعة
ففيه فقدنا محمد باقر
وآه ما أكبر تلك اللوعة
قتلوا فينا صوت الحق
من حارب صدام وقمعه
 
الخلود لا يأتي من فراغ، فالمخلدون عظماء بأفعالهم التي تتكلم، وتبقى أعمالهم هي الشاهد عليهم وعلى خلودهم.
السلام عليك أيها الشهيد ورحمة الله وبركاته.