18 ديسمبر، 2024 6:00 م

خلف و”درس” سوء العاقبة

خلف و”درس” سوء العاقبة

خلف و “درس” العاقبة…

في مشهد سجله شارع المتنبي في العاصمة بغداد، ظهر المتحدث السابق باسم القائد العام للقوات المسلحة اللواء عبد الكريم خلف في اسوء حالاته بعد ان اعترضه مجموعة مِن الشباب بهتافات تذكره بمواقفه ايام وجوده في المنصب خلال عهد رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي ليقف “مذهولا” امام هتافات تطالبه بالمغادرة وتصفه “بالفاسد” في موقف لا يحسد عليه، لانه اختار طريق الوقوف مع السلطة ” القاتلة” ومحاولة تلميع اجرامها ضد المحتجين مِن ابناء شعبها.

تلك الوقفة كانت كفيلة باعادة شريط احداث احتجاجات تشرين، والتصريحات التي اطلقها اللواء عبد الكريم خلف، حيث تعمد في جميعها استخدام اسلوب التضليل، حينما كان يخرج علينا ليبلغنا بان الحديث عن سقوط شهداء مِن المتظاهرين في ساحة التحرير “كذبة”، ولا يوجد استخدام للرصاص الحي او القنابل المسيلة للدموع مِن قبل مكافحة الشغب، ليتهم في احدى تصريحاته الشباب في المطعم التركي الذي اطلق عليه “جبل احد” بتصنيع المتفجرات لاستخدامها لاحقا ضد القوات الامنية او في عمليات “تخريب” تستهدف المؤسسات الحكومية، لكن اكثر تصريح اثار “السخرية” في وقته، حينما تحدث عن القنابل المسيلة للدموع، قائلا بانها “تستخدم في جميع الدول لابعاد المتظاهرين، ليتضح فيما بعد بانها منتهية الصلاحية وقوتها تبلغ اضعاف التي تستخدمها قوات الكيان الصهيونى ضد الفلسطينين، والدليل على ذلك، اعداد الشهداء مِن المحتجين الذين حطمت جماجمهم القنابل المسيلة للدموع.

وعلى الرغم من جميع تلك “الاكاذيب”.. لكن مسرحية خلف لم تتوقف واستمر باسلوبها حتى اخر ايام حكومة عبد المهدي، لتتحول تصريحاته الى “نكات” تتداولها مواقع التواصل الاجتماعي مِن خلال استخدام عبارات “غرد مثل خلف”، التي انتشرت بشكل واسع واصبح المؤيدون لاحتجاجات تشرين يستخدمونها في تداول جميع الاحداث التي تتعلق بالتظاهرات، “نكاية” بالمتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة، الذي كان يعتقد بان منصبه قد يستمر إلى الابد، وَلَن يأتي اليوم الذي يتحول فيه الى “مسؤول سابق” سيواجه ما زرعه خلال توليه المنصب.

 

هنا.. قد يعترض بعض القراء على معاملة عبد الكريم خلف بهذه الطريقة، بحجة انه كان موظفا يتلقى الاوامر والتعليمات مِن قياداته، لكنه بالحقيقة لو اختار منطق الولاء للدولة وليس للحكومات الزائلة لما وصل لهذه النتيجة، التي تعد جزءًا مِن “الحراك الحضاري” لانها كانت سلمية حينما عبر مجموعة مِن الشباب عن رفضهم لوجوده، عكس ما يحصل في العديد مِن البلدان التي توصف بالمتقدمة، حينما يتعامل “عُبَّاد الله” مع المسؤولين الفاسدين، بوضعهم بحاويات النفايات او يلقون عليهم البيض الفاسد، لكن ما حصل كان سلميا لدرجة كبيرة ولَم يستخدم خلاله “القناص او الكاتم او التواثي” كما تفعلها احزاب السلطة في التعامل مع المتظاهرين.

نعم.. انتهت حقبة عبد المهدي وجاءت القوى السياسية بمصطفى الكاظمي واصبح لعبد الكريم خلف العديد مِن البدلاء ابرزهم احمد الملا طلال، الذي يحاول استخدام اسلوب “التجهيل” في مخاطبة المواطنين من خلال تصريحاته المتناقضة، فمرة يتحدث عن اكتشاف “خيوط” ستقود لقتلة المتظاهرين ومرة يتعذر بصعوبة الكشف عنهم “خوفا” مِن هروبهم، والجميع شاهد او استمع لتصريحات الملا طلال، بشأن رواتب الموظفين والمتقاعدين “المتناقضة”، ففي احدها يقول الرواتب ستصرف بدون الحاجة للقروض، وبعدها يخرج علينا حاملا رسالة استمرار ازمة الرواتب اذا لم يوافق البرلمان على اقرار قانون الاقتراض، وبنظرة بسيطة لمواقفها بشأن دعم التظاهرات قبل تسلمه منصب المتحدث باسم الكاظمي وبعده ستجد بان لا يختلف كثيرا عن عبد الكريم خلف، الذي كان يصف الشعب بالجبناء لانهم لم يخرجوا على السلطة، وحين ما اصبح المتحدث باسم القائد العام تحول خطابه الى اتهامات للمحتجين لانهم خرجوا للتظاهر ضد قائده وحكومته.

الخلاصة.. قد يتفاخر الكاظمي امام القوى السياسية بانه تمكن مِن انهاء الاحتجاجات في العاصمة بغداد ومحاصرتها في بعض المحافظات، لكنه لا يعلم بان ازالة الخيام مِن ساحة التحرير وما يحصل مِن قمع للمتظاهرين في محافظة البصرة “صعقة كهربائية” ستعيد النشاط للاحتجاجات قريبا، وحينها نتمنى ان يتعض فريق الكاظمي ومستشاروه مما حصل لعبد الكريم خلف ويتخذونه درسا، قبل غرق سفينة سيدهم والتي لا ينفع في وقتها الندم، فالانسان هو مِن يصنع الاحترام لنفسه او يختار ان يكون “منبوذا” في مجتمعه،…. اخيرا… السؤال الذي لابد منه…… هل ستكون “سوء عقابة” خلف سببا لصحوة الناطقين باسم الكاظمي؟.