بداية لا يستطيع كائن من يكون ان ينكر بانه على الرغم من كل الاخفاقات التي حصلت بعد 2003 .. ورغم الارهاب والدماء والمشاكل والتعقيدات .. تخلص العراق من دكتاتورية مقيتة ورب قائل سيقول بان العراق اليوم في وضع متأزم .. ونقول هذا صحيح .. الا ان الامل في غد افضل لا يزال قائما .. بينما كان الامل مفقود تماما قبل التاسع من نيسان 2003
ففي خضم وضع متأزم الى الحدود القصوى,أطلت علينا امريكا وكعادتها مع كل دورة انتخابيه,بسيناريوهات متعدده.ولكن هذه المره من نوع جديد,وينذر بمخاطر عده.
عندما تتحرك شخصيات هنا وجهات دبلوماسيه هناك للقاء اعضاء في كتل عراقية معينه وللاجتماع باطرافها لغرض استعراض الاوضاع التي تفترضها الاداره الامريكيه انها بحاجه الى (حكومة تسويه تريد فرضها بعد نتائج الانتخابات,التي لم ترى النور بعد,أوتغير مفاجئ عنوانه حكومة طوارئ بنظام عسكري قبل الانتخابات,وتوفير مناخ شعبي بهويه دينيه).
بداية ان هذا المثلث(السياسي العسكري الديني)لايمكن ان نشك ولو للحظه بحسه الوطني وانتماءه لهويته العربيه والاسلاميه وحبه للعراق, ولكن لابد ان ننوه ان هذا المشروع (عمقه ومضمونه ونتائجه,خطير على كل الصعد.
ولسنا هنا بصدد ,وضع الافتراضات او طرح النتائج المترتبه عليه على انها عديده.
ولكن نقول وننوه ان هذا المثلث, وهو باشرف امريكي ورعايه اقليميه(ثلاثية الابعاد)يراد له تغيب دورا فاعلا ومؤثرا ممثلا (بالمرجعيه لما تمثله من قيمة عليا ووضوح في تشخيص علل العمليه السياسية برمتها..وجمهور واسع وعريض ضحى ولازال يضحي من اجل وحدة وتراب العراق…وقوى دينية وعقائديه نزفت دما زكيا من اجل العراق)
والسؤال موجه للاعزه اصحاب القبول بهذا الدور,ماهي المحاولة للخروج بادنى الخسائر من هذا الموقف؟
نعم هناك دوائر ووكالات أجنبية قد حذرت من تداعي المكاسب الامنية في العراق ليحل محلها عنف من عناوين مختلفه بعد الهزيمه العسكريه لداعش ..
ولعل موجة التفجيرات التي وقعت في البلاد مؤخرا عززت هذه الافتراضات ودعمت تلك النظريات حول ما سيكون عليه الحال بعيد هزيمه داعش.. ونوع الانسحاب للقوات الامريكيه من عدمه.. وشكل الاتفاقية الامنية الموقعة مع الولايات المتحدة.
واقول ان العراق سيسحب الى معارك وسيدفع نحو شفير حرب التفجيرات مالم تجلس كافة مكونات العملية السياسية العراقية وتصل الى اتفاق بينها .. والا فان العراق يسير بخطى حثيثة نحو (السيناريوا الجديد) والى ازمة اخرى .. والى وضع لا يحمد عقباه..
ان الدولة جسم سياسي لا يقوم إلاّ بعمود فقري. وفي الدولة الديمقراطية، نجد ان النظام السياسي بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية مجتمعة تكوّن هذا العمود الفقري، وفي الدولة اللاديمقرطية، يمكن أن يكون الحاكم الفرد أو الحزب الواحد أو الجيش هو العمود الفقري.
خرج العراق من بعد عقد ونصف بدولة ديموقراطية ذات طابع خاص جدا ..وهناك الكثير من المحللين السياسيين من يشيرون الى ان العراق صار منظومة بدون عمود فقري، وبدون وجود حاكم فرد مركزي قوي، ولا وجود لنظام سياسي مركزي بسلطاته التشريعية والتنفيذية والقضائية، ولا وجود لحزب واحد مركزي متفرد ونافذ، ولا وجود لجيش مركزي قوي ومنتشر في كل أنحاء البلاد.
وهذه نقطة خلاف في المفهوم والنظرة .. فالعراقي اليوم لن يقبل ابدا بنظام الحزب الواحد او النظرة الواحدة . اما الجيش المنتشر فبحاجة الى عمل وجهود كبيرة بعيده انتصاراته العظيمه مع اخوته في الاجهزة الامنية المختلفه والحشد الشعبي.
ومن ينظر الى تركيبة العراق الاجتماعية والدينية وحتى الطائفية .. سيجدها منظومة متعددة ومتنوعة.. فما الضير من ان يحكم رجل من كل قوة سياسية ليجتمع الجميع حول مائدة مستديرة؟ما الضير من ان تطبق تجارب الفيدرالية الناجحة على العراق ؟
لا اقصد هنا التقسيم باي شكل من الاشكال .. فالشعب الواحد لا يريد التقسيم ولا يريد اقاليم منفصلة بعضها عن بعض .. وانما حكومات محلية داخل مجالس المحافظات .. تتفق فيما بينها على الادارة المحلية وتجتمع جميعها تحت مظلة المركز .. ولكل منها ميزانية ترفد من قبل الميزانية الموحدة للعراق الفيدرالي الواحد
أن تركيبة العراق الاجتماعية والقبلية والإثنية، والسياسية هي التي برزت بحدة بعد سقوط نظام البعث.
ولعلنا لو حكمنا العقل قليلا واستطعنا ان ننظر الى العراق ما بين سحب دخان تفجيرات لا يقف وراءها الا داعش وتنظيمات ارهابيه تحت مسميات مختلفه ومن يدعمونهم هم من بقايا البعث سنجد ان تجربة السنوات الماضية لم تكن كلها سلبية بل تحمل في طياتها نجاحات متعددة ..
ودعونا لا ننسى بان بناء دولة مؤسسات في بلد لم يعرف الحرية والديموقراطية عبر تاريخه في يوم من الايام ليس بالامر السهل ولا المتاح بغمضة عين ..
نجحنا في احتواء الارهاب منذ عام 2007 والى الان.
نجحنا في تجارب المحافظات المحلية ونجحنا في ان يدرك المواطن العراقي ويشخص بالضبط من هو العدو الحقيقي للعراق.
نجحنا ايضا في التحاور في البرلمان ونجحنا ايضا في ايجاد برلمان حقيقي
الا ان العدو لا يزال يقبع بين ظهرانينا .. فالبعث لا يزال موجودا في الخبايا ..
وهناك فعلا شخصيات فاعله بالملف السياسي لها صلات بزمر ارهابية تخطط للقضاء على التجربه السياسيه.
والسؤال الذي يتبادر الى الاذهان الان ..كيف سيواجه أصحاب هذا السيناريوا,خصومهم(الثلاثي ومعهم السيد العبادي) حين انكشاف المؤامرة بهذا الشكل السافر, وجر العراق الى شفير هاوية جديدة,
فما هو المطلوب وما هو الممكن تنفيذه في هذا الصدد ؟