تنوعت الاجتهادات و التحليلات و سوء الظن أيضا في الجهات التي تقف وراء ما تم تسريبه من تجاوزات غير مقبولة على ممتلكات المواطنين في تكريت، وذهب البعض الى تقديرات ربما فيها من مجافاة الحقيقة ما يستدعي التوقف عنده لتفحصه لا زياة الضبابية حول ما جرى، ما يستدعي طرح تساؤلات عن الجهة المستفيدة من زرع عناصر عدم ثقة و مخاوف بين القوات المتقدمة لاستعادة المدن و بين المواطنين، ولماذا في تكريت بشكل خاص، و ما علاقة ذلك بمحاولات تأجيل استعادة باقي المدن لعدم خسارة الملاذات، وعرقلة خطوات الانفتاح التي تم التأسيس لها بظروف معقدة لتأجيل الملاحقات.
وتكشف القراءة المتأنية لما جرى في تكريت عن أجوبة منطقية للمستفيدين من الأحداث، فالجهات الرافضة لنهوض العراق من كبوته تلتقي في المصالح المرحلية على تأجيل تحرير المدن لكي لا تحسب لصالح عقلانية العبادي، كما أن ذات الجهات التي ستفقد بريقها تدريجيا ترمي بكل ثقلها وراء تعطيل تقدم القوات صوب الموصل على سبيل المثال، لأنه لن يبقى بعد استعادة المدينة من ملاذات آمنة بطعم الفتنة لكل القوى غير المرتاحة لبناء دولة على أنقاض المجهول و التشنج و سوء الطالع ، الذي اختلطت فيه القراءات الخاطئة مع المزاجيات المعكرة بالولادة، و التي تنتقل من خندق الى آخر زحفا على بطون الفتنة.
وضمن هذا التصور فان بعض الفصائل وقعت في سوء التقدير فأخطأت المرمى بحكم تأثرها بطروحات لا علاقة لها بأخوة العراقيين، ما لا يجوز معه تحميل الجميع مسؤولية الشطط، فليس كل أعضاء الحشد الشعبي و القوات العراقية من الطائفيين، مثلما لا يجوز تفصيل الموقف الوطني على مقاسات محددة بالمنطقة و الانتماء الحزبي ، كما أن ليس كل المرفوع من شعارات ورع تخفي وراءها اتهامات حسب المزاج و طبيعة المرحلة و الغايات المتحققة في تجميع كل عناصر الفتنة في بودقة استعادة تكريت، مع التأكيد على ضرورة عدم تبرئة داعش و آخواتها من رياح الفتنة للتغطية على فشل في القراءات و الولاءات الشعبية المغمسة بالدماء.
ان المراهنين على ايقاد الفتنة الطائفية يكرهون العراق وأهله، وان المتفننين باستمرارها هم حطب جهنم ، لأنهم يريدون ذبح العراق للاحتفاظ بمكاسب اللغو و لحن الفعل قبل القول و مجافاة حدود الله في خلقه، وبالتالي فان استعادة المدن بثمن خسارة أخوتنا كارثة بكل معنى الكلمة ، لأن العراق ليس موزعا على أساس الولاءات الضيقة بدليل تعايش الجميع في مختلف المدن ، حيث طائفية العراق جغرافية لا عقائدية، وهو ما يفسره توزع الولاء الطائفي على كل العشائر العربية ، فالذي سكن كربلاء تعايش مع أوضاعها الاجتماعية لكن أبن العم من نفس العشيرة الذي تواجد في كركوك تأثر بطبيعتها السكانية، كل ذلك يقودنا الى سؤال كبير.. من هي الجهة التي تراهن على الفتنة لتلافي الملاحقات ؟
نحن لا نريد الاجابة على هذا التساؤل برنجسية الخط و التوجه، لكننا نقول أن كل المتضررين من استقرار العراق يلتقون في هذه الحلقة الضيقة من المستفيدين من تكاثر عناصر الفتنة، ما يتطلب تفكيك هذه الخلية بعناية فائقة كي يعرف العقلاء أن الطائفية على الطريقة العراقية هي معول هدم سياسي لا انتماء اجتماعي، وأن المعلن من عداوات سياسية لا علاقة له بحقيقة التقارب السري لحرق الاخضر باليابس، وهو ما سيكون مدار بحث معمق بين العبادي و القيادات الأمريكية بعد ايام، وربما يحمل الرجل معه أخبارا سارة عن بداية ملاحقات المتورطين بالفتنة على مختلف مشاربهم و التأسيس لشراكة عراقية بعيدة عن سوء الظن و محسوبية القرار، سيما وأن تجربة الحكم العراقية تتميز بتوزيع الظلم على الجميع!! بدليل بعد 12 سنة لم ترتوي البصره بمياه عذبة
ولن تختف المدارس الطينية من أهوار العمارة، بينما ما زالت محاربة المواطنين بأرزاقهم عنصر عدم تسامح في ديالى و صلاح الدين و الناصرية و الانبار!! العراق بحاجة الى عقلانية حكم لا تناحر أحزاب أو طوائف مسيسة التمويل!!