22 ديسمبر، 2024 12:20 م

خفارات الأطباء الاختصاصيين في المستشفيات !!

خفارات الأطباء الاختصاصيين في المستشفيات !!

لمقتضيات المصلحة العامة، قرر معالي وزير الصحة والبيئة الدكتور علاء الدين العلوان شمول الأطباء الاختصاص كافة بمختلف الألقاب العلمية بالخفارات في المستشفيات وضمن جداول يعدها مدير المستشفى بما يضمن تقديم الخدمات بعد انتهاء الدوام الرسمي بما يعزز خدمات طبية كفوءة لجميع المرضى الراقدين في المستشفيات والمراجعين إلى ردهات الطوارئ بمختلف الاختصاصات واعتبارا من 1/ 9 / 2019 ، وجاء في كتاب وزارة الصحة / مكتب الوكيل الفني ذي العدد 58126 في 1/ 9 / 2019 بأنه لا يجوز للطبيب الخافر ترك المستشفى خلال فترة الخفارة لأي سبب ويتحمل التبعات القانونية عند مخالفته التعليمات وان يتولى مدير المتشفى متابعة تنفيذ هذا القرار ، كما تضمنت الفقرة ( 6 ) من الكتاب بان لمدير المستشفى تعويض ساعات الخفارات للأطباء من خلال ساعات العمل الصباحية ومراعاة قانون الخدمة المدنية ، وقيام مدير عام الدائرة بمتابعة تنفيذ القرار واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان العمل به ، كما تتولى الجهات المعنية في مركز وزارة الصحة ودوائر الصحة بمتابعة ما ورد في أعلاه .
ويعد هذا القرار واحدا من ( الانجازات ) المهمة التي كان من الواجب اتخاذها وتنفيذها منذ سنوات لان هذا القرار يكشف حقيقة الواقع الحالي للمستشفيات حيث إنه يشير إلى إنها تستفيد من الخدمات الجزئية للأطباء الاختصاصيين وهي بواقع 7 ساعات في كل يوم من أيام الدوام وتبقى أمور المستشفى تحت ( رحمة ) الأطباء المقيمين الدوريين الذين هم أطباء متدربين بعد تخرجهم من الكليات الطبية حيث يقضون سنتين للتدريب على 8 اختصاصات بواقع 3 أشهر لثمانية فروع منها 4 رئيسية و4 فروع أخرى ، كما يتواجد في المستشفيات بعد الدوام الرسمي والجمع والعطل الأطباء المقيمين الأقدمين واغلبهم من طلبة البورد ( العراقي ) في فروع الطب المختلفة ، وسابقا كان الأطباء الاختصاص يوضعون تحت الطلب ( On Call ) حيث يتم الاتصال بهم هاتفيا او استدعائهم للحضور في الضرورات القصوى ، وأحيانا يلتحق بعض الأطباء الاختصاص طوعيا إلى مستشفياتهم بعد الدوام الرسمي عندما تكون هناك حوادث او حالات طارئة تستوجب متابعة حالات المصابين ، وكما هو معروف فان وجود الأطباء الاختصاص ضروريا جدا بعد انتهاء الدوام الرسمي لمتابعة حالات المرضى الراقدين ومعاينة الحالات في وحدات الطوارئ والإسعاف لان خبرات الأطباء المقيمين الدوريين والأقدمين قد لا تعينهم لتشخيص ومعالجة العديد من الحالات ، وكما هو معلوم ومثبوت إحصائيا فان إعدادا كبيرة من المرضى يراجعون طوارئ المستشفيات بعد انتهاء الدوام الرسمي بسبب الحوادث او تفاقم أعراض المراضة وخاصة أصحاب الدخول الواطئة والفقراء ممن لا تتوفر لديهم الأموال لمراجعة المستشفيات الأهلية والعيادات الخاصة للأطباء ، وهناك العديد من المستشفيات الأهلية لا تستقبل الحالات الطارئة لأنها غير مهيأة لمعالجة تلك الحالات لكون اغلب خدماتها فندقية والجانب الطبي فيها غالبا ما يرتبط بإجراء العمليات وإشغال الصالات من قبل الأطباء كما إن هناك مستشفيات خاصة لا تريد تحمل مسؤوليات الحالات الطارئة .
ومن حق المواطن أن يعرف الانعكاسات الايجابية لقرار وزير الصحة بوجوب تواجد الأطباء الاختصاصيين بجداول للحفارات بعد نهاية الدوام الرسمي ، وخدمة للحقيقة نقول إن هذا القرار سيكون نافعا وفعالا عندما تكون جداول الخفارات موضوعية وعادلة وتشمل جميع الأطباء والاختصاصات وعندما يضع الطبيب الخافر خدماته لمصلحة المريض بما فيهم منتسبي التعليم العالي العاملين في المستشفيات الحكومية ، فتواجد الاختصاصي مفيد جدا حين يكون موجودا بعد الساعة 3 ظهرا وحتى الثامنة من صباح اليوم التالي عندما يبدأ الدوام الرسمي كما إن هذا التواجد مهما في أيام الجمع والعطل الرسمية ، سيما عندما يركز تواجده في وحدات وردهات الطوارئ والعناية المركزة وفي استقبال الحالات المستعجلة وان يكون هذا التواجد ليس تنفيذا لقرار الوزير او خشية ملاحظات فرق التفتيش وإنما نابعا من الحس المهني والإنساني والوطني الذي يجب أن يتحلى به كل طبيب ، ولكن هناك مشكلات تعرقل تحقيق الجدوى من قرار الوزير وأبرزها ، إن المريض الراقد في المستشفى ليس تحت تصرف وقرار أي طبيب وإنما يسمونه مريض الطبيب الفلاني لذا فمن غير المحبذ لدى بعض الأطباء أن تتم معاينته من قبل طبيب آخر او إعطاء الرأي بشان علاجه او فحوصاته إلا من قبل طبيبه حصرا ، وسبب ذلك انعدام وجود الأنظمة في المستشفيات الحكومية بخصوص إدخال المرضى للمستشفيات وحصولهم على أسرة الرقود ، فعادة ما يتم إدخال المريض للردهات أما من خلال المراجعة للعيادات الخاصة ثم الإحالة للمستشفيات او من خلال معالجته ضمن الأجنحة الخاصة من قبل طبيب يحيله من العيادة الخاصة او من خلال الإحالة من الطوارئ إلى الردهات والذي يتحول فيما بعد ضمن مسؤولية الطبيب الذي يتبنى حالته ، ولهذه الأسباب فان الطبيب الخافر سيهتم بمرضاه الراقدين أما المرضى الآخرين فانه قد يزورهم لكنه لا يستطيع من اتخاذ قرارات حاسمة بشأنهم او بعد الاتصال والتشاور مع الطبيب المعني او مع أطبائه المقيمين ، وبعض الأطباء الخافرين يزورون المستشفى قبل او بعد العمل في عياداتهم الخاصة ، كما إن هناك أطباء يبقون في بهو الأطباء طيلة الخفارة وقد لا يستفيدون من خدماتهم قط .
وكما هو مدرج في كتاب الوزارة فان مدة الخفارة وساعاتها لم تحدد كما لم يشير الكتاب إلى مبيت الأطباء أيضا ، مما سيتيح المرونة لمدراء المستشفيات في تحديد عدد الساعات وتعويض الطبيب الخافر بيوم استراحة لتكون أيام الاستراحة يومين احدهما بدل الدوام في الخميس او السبت والثاني لتعويض ساعات الخفارات ، والصعوبة الأخرى في موضوع الحفارات إن هناك عددا محدودا من الأطباء وبواقع طبيب او اثنين لكل مستشفى لبعض الاختصاصات فكيف ستنظم جداولهم واغلبهم لديهم عيادات خاصة لا يمكن غلقها لأنها مصدر رزق لهم ولعوائلهم ( وهم من ذوي الدخل المحدود ) لأنهم موظفين بعنوان طبيب في المستشفيات الحكومية !! ، وكما يلاحظ في كتاب الوزارة موضوع البحث فانه يؤكد على مراقبة الخفارات من قبل مدراء المستشفيات ودوائر الصحة ودوائر وزارة الصحة وكأن محرر الكتاب يغفل عن حقيقة مهمة وهي إن اغلب من أوكلت إليهم مهمات المتابعة والرقابة على خفارات الأطباء هم من الأطباء أيضا ومعظمهم لهم عياداتهم الخاصة ولا يتقاضون مخصصات التفرغ فهل سيضحون بعياداتهم لتولي مهام الرقابة والمتابعة ؟؟ ، والكتاب أيضا يخلو من الاجراءات التي سيتم اتخاذها بحق المخالفين كما انه يخلو من أية إشارة إلى الواجبات التي سيقوم بها الطبيب الخافر وحدود سلطاته وصلاحياته وكيفية عمله في ظل عدم وجود فريق عمله الذي تعود عليه في الدوام الصباحي واضطراره للعمل مع أكثر من فريق في كل خفارة لان الكوادر الطبية والساندة سيتغيرون في كل خفارة .
وفي الوقت الذي نثمن فيه مبادرة معالي الوزير في الالتفات لاحتياجات المرضى والمواطنين لتقديم أفضل الخدمات الصحية من خلال الإيعاز بإجبار الأطباء الاختصاص على العمل في المستشفيات بعد الدوام الرسمي بهيئة خفراء ، فإننا نأمل من معاليه اتخاذ قرارات مكملة لتفعيل عمل المستشفيات وأولها العمل على الإيعاز على معالجة النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية عموما وفي مقدمتها الأدوية في الطوارئ و المنقذة للحياة وأدوية العمليات وأدوية الأمراض المزمنة ، والعمل على معالجة الفساد في المستشفيات الحكومية من خلال إيقاف سرقة أدوية ومستلزمات علاج المرضى وإخراجها للأسواق من قبل بعض العاملين فيها ومنع بيع الإجازات المرضية من قبل بعض الموظفين الذين تحولوا إلى دلالين في وضح النهار ، ومحاولة ضبط دوام ذوي المهن الطبية والصحية حيث تحول بعضهم اقرب إلى الفضائيين ، فبعض الأطباء يداومون ليومين في الأسبوع يوم في العيادة الاستشارية ويوم في العمليات والأيام الأخرى أما ي البهو او يتوارون عن الأنظار ، ومن أمنيات الفقراء من أبناء شعبك الإلغاء الفوري للأجنحة الخاصة وتحويلها إلى عامة ليستفيد منها الجميع لأنها تمييز واضح بين المواطنين بشكل يتعارض مع دستور البلاد ، وإعادة الاعتبار للعيادات الطبية الشعبية في توزيع أدوية الإمراض المزمنة على المستحقين وتفعيل خدمات الرعاية الصحية الأولية في المراكز الصحية لان اللقاحات أما مفقودة او تعطى مرة في الأسبوع وخدمات الأسنان شبه متوقفة بحجة عدم توفر المواد وبعض الأطباء يداومون ليومين في الأسبوع لان عددهم أكثر من ضعف عدد أجهزة الأسنان لذا يتناوبون عليها إن تبنوا مريض معين ، أما العمل الصيدلي فقد تحول إلى بطالة مقنعة لان الباقي من الأدوية بعد طرح ما يتقاسمه الموظفين بمختلف العناوين لا تحتاج لصرفها من قبل الصيادلة لأنها مواد شحيحة ومعروفة للجميع ، كما إن وضع أبنية المؤسسات الصحية الحكومية بات بوضع يستحق العناية من قبل الدوائر ذات العلاقة في الوزارة والأقسام في دوائر الصحة وقطاعات الرعاية الصحية ، وواقع الحال إن اغلب المرضى يعتمدون اليوم على العيادات والمختبرات والصيدليات الخاصة ومعظمها تجيد التجارة ولكن بعضها تنسى او تتناسى العلاقة الإنسانية والمهنية ، دون أن ننكر إن هناك استثناءات لتلك الحالات السلبية لمن يدرك معنى مخافة الله ، ونحن لا نلومكم معالي الوزير على التردي في الخدمات الصحية لان الغالبية تعلم بحجم التركة الثقيلة ورثتموها والتي لم نعرف النتائج في أسبابها وتداعياتها كما لم نلمس تغييرا للتصحيح رغم اقتراب انتهاء السنة الأولى من البرنامج الحكومي لوزارة الصحة .