23 ديسمبر، 2024 5:38 ص

خـذِ الحرية من النحـر

خـذِ الحرية من النحـر

عند ذكر مصطلح او مفهوم الحرية لا يسعنا الاّ  نتوارى الانظار عن النهضة و الثورة الحسينية التي قام  بها الامام الحسين عليه السلام مع اهل بيته و صحبه عليهم السلام في ارض النواويس (كربلاء) و التي ضحى فيها بالغالي و النفيس من اجل اعلاء كلمة الحق ضد الظلم و الطغيان و الفساد التي نخرت اساس المجتمع و الحكومة في ذلك الوقت، و قد استطاع ابو عبد الله الحسين عليه السلام في هذه الملحمة الانسانية التي جعلته خالداً الى الازل،  تسليط الضوء على التحرر من العبودية و عدم التسليم لأهل الضلالة و الفسق مقتدياً بوصية والده امير المؤمنين عليه السلام “لا تكن عبداً لغيرك وقد خلقك الله حراً” ، فداه روحي وقف شامخاً يخطب في وسط ساحة القتال داعياً اهل الكفر و الفسق الى  مخافة الله و الايمان باليوم الاخر و عدم الابتعاد عن سنة رسوله الكريم صلى الله عليه و اله كما هو الحال بموقف جده المصطفى الذي ارسله الله عز وجل هادياً و نذيراً و مخلصاً للبشرية من الجهل و العبودية و لتحرير الانسان من اسر و قيود و وسوسة الشيطان و حب الدنيا و الشهوات و اللاهوت.
فعلى الانسان ان يتعلم من سيد شباب اهل الجنة القائد الثوري الخالد الذي زهق الباطل بصبره و عزمه معنى الحرية و امتلاك قوة الارادة  و الصرخة بوجه الذل و مواجهة الخوف حينما يستوجب الامر للمطالبة بحقوقه امام أي حاكم او جائر لكي يعيش الحياة الحرة الكريمة التي خلقت له وجعلت من نصيبه ، و نـجد الامام الحسين عليه السلام صار رمزاً و اثراً يقتدى به ضد العنصرية و الظلم و الاستبداد كما ذكروه و اقتدى به الكثير ابرزهم الزعيم الهندي غاندي الذي قال بحقه في مقولته الشهيرة :(اذا ارادت الهند ان تنتصر فعليها ان تقتدي بالحسين ،فقد علمني الحسين كيف اكون مظلوماً فانتصر)، و ايضاً قال بحقه الكاتب و الناقد الاجتماعي الانـجليزي تشارلز ديكنز 🙁 ان كان الحسين قد حارب من اجل اهداف دنيوية فإنني لا ادرك لماذا اصطحب معه النساء والصبية و الاطفال؟ اذن فالعقل يحكم انه ضحى فقط من اجل السلام).
فمن يريد الحياة الحرة الكريمة فعليه الاقتداء بثورة الامام الحسين عليه السلام التي كانت و ما زالت عنواناً صريحاً للثبات على مبدأ الحق و العقيدة و الاصلاح في الامة التي استشرى فيها الظلم و الفساد و المفسدون من ايادي اهل الضلالة. و الابتعاد عن رفع الشعارات الثورية المبتذلة و الحرص على جعل شعارات الامام الحسين عليه السلام القوية المعبرة عن معاني الحرية و رفض الظلم و الفساد و الخنوع و الخضوع و العبودية مثالاً واقتداءً في وجه الطغاة فقال عليه السلام “الموت خير من ركوب العار والعار أولى من دخول النار” و لم تنحصر نهضة الحرية هذه التي تقدست بدم نحر سبط الرسول بالدين الاسلامي حصراً فصارت انموذجاً و نهجاً سارت عليه كل الشعوب المطالبة بالحرية ضد القهر و الظلم و الدكتاتورية.