23 ديسمبر، 2024 9:12 م

خط أحمر الصباح الجديد

خط أحمر الصباح الجديد

عبارة ترددت على مسامعي كثيراً في الآونة الاخيرة، (خط أحمر)، وكنت كلما سمعتها اهتز شئ ما في داخلي، فهي ترتبط لدي بالشمع الأحمر، اشارة الوقوف، ( وزي الشمر في التشابيه)، والدم، الدم الذي صبغ حياتنا بالأحمر، ماجعلني أشطب هذا اللون من قائمة الملابس. وبرغم ان الفرق بين الخط الأحمر والدم هو أشبه بالفرق بين حادثتي فندق الميريديان وناحية بني سعد اللتين جمعهما اللون الاحمر في أول أيام العيد، الا ان كلتيهما تقود الى نتيجة واحدة هي، الموت. ففي نقاش مع زميل حول امر ما، اوقفني قائلا: هذا الموضوع خط أحمر، كما رد أحد القراء على مقالي الاخير بالقول: هذا الموضوع خط أحمر، وعندما نرغب بالكتابة عن حدث خطير أو نتطرق الى شخصية سياسية او دينية، يحذرنا الآخرون بضرورة الانتباه للخط الاحمر. وعبارة خط أحمر تعني (لامجال للنقاش) أي (موت) الحديث والسكوت عن الكلام المباح، أي ان المقابل ختم بالشمع الأحمر على الفكرة واقنع نفسه واقتنع بأنها لاتقبل الحديث أو التحديث. فاذا كان الامر كذلك، فكيف استطاع العلماء والفقهاء وكل المنظرين والمحدثين في التاريخ انجاز ماقدموه للبشرية على مر الأزمان، هل سمعنا عن فيلسوف توقف عند فكرة معينة، او عالم انهى تجاربه عند اكتشاف معين، او كاتب توقف عند كتاب او فكرة فقط؟ نعم، تحدث مثل هذه الاشياء، لكن جرت العادة على ان يوصف من يتوقف عند انجاز معين بأنه (عقيم) وان نهر ابداعه نضب ولم يعد قادراً على التجديد. الامر نفسه ينطبق على العقل البشري، فعندما يصل الانسان الى مرحلة يكون غير قادر فيها على تقبل أية فكرة جديدة فهذا يعني انه نضب أو اختار الطريق الاسهل، الا وهو الهرب من المعرفة، والمعرفة هي الحقيقة التي أوصى بها الحديث الشريف (اطلب العلم من المهد الى اللحد). سيقول البعض، ليس كل العلم، فبعض العلم ليس من اختصاصنا بل من اختصاص رجال الدين والفلاسفة وغيرهم، ومانحن الا بشر نجهل مايعلمون، اذن لنلغي عقولنا ونظل نحفظ مايمليه علينا هؤلاء وان كان الثمن دماء قانية تسيل على مذبح الصمت، وتتخثر لتشكل شمعاً احمر نختم به على افواهنا وقلوبنا وعقولنا.
في حادثة ناحية بني سعد، سالت دماء عشرات الابرياء في اول ايام العيد، وببساطة اتهمت الشرطة المحلية بالتقصير، التقصير (فقط) لانها لم تستطع ملاحظة شاحنة متفجرات)، وقيل انه قد تم القبض على الجناة، خبر مكرر يضع فيه الارهاب خطاً أحمر أمام الحياة، وفي المقابل تقتحم قوة مكونة من 25 آلية فندق فلسطين ميريديان لتهاجم أناساً عزل جاؤوا ليحتفلوا باول ايام العيد، لا لشئ الا لأن المطعم لم يحصل على ترخيص، علما بأن مطاعم الدرجة الاولى معفية منه، وبهذا وضعت السلطة خطا أحمر أمام أي احتمال للفرح.