18 ديسمبر، 2024 11:15 م

خطيئة حواء ..وإرادة السماء!!

خطيئة حواء ..وإرادة السماء!!

بالرغم من أن (حواء) هي أول (إمرة) على وجه الخليقة ، الا انها لم تحظ بلقب (السيدة الأولى)، على شاكلة ماحظيت به نساء كثيرات في زماننا هذا، بل أنه لم يطلق عليها من الألقاب ما حظيت به زوجات أنبياء كثيرات، وملكات في التأريخ ، ولم يقل عنها أحد أنها (سيدتنا حواء) بالرغم من ان (آدم عليه السلام) يطلق عليه (سيدنا آدم) ، لكن المسكينة، بقيت وحدها وقد تحملت (الخطيئة) ، وتهمتها أنها (أكلت التفاحة) ، والبعض من رجالات ديننا من عدها (ناقصة عقل ودين) ، وانها خلقت من (ضلع أعوج)، وغيرها من (التهم) التي ما انزل الله بها من سلطان، بالرغم من انهن هن من نسلم لهن الاٌقدار، ومن تطيب بهن النفوس ، وتميل اليهن الافئدة والقلوب، ولولاهن لما عرف الحب ولا الغرام، ومع هذا تمت معاقبة (حواء) بالنزول من السماء الى الأرض، مع سيدنا آدم ، الذي (تلقى من ربه كلمات) ، وأكلها (مربع) كما يقال!!

و(حواء) تشعر الآن أنه تم تغييبها وتهميشها، وابعادها عن مركز القرار ، وقد مورست ضدها سياسة (انتقائية) من (المحكمة الاتحادية) بالرغم من ان المرأة في وقتها لم ترتكب جرما او تسرق من المال العام، ولم تجر(إستفتاء) او طالبت بـ (الانفصال) عن آدم ، سوى انها تناولت (تفاحة) ، ولم تخفف عنها العقوبة الى (حبس لمدة سنة) مع وقف التنفيذ او تدفع غرامة ـبمبلغ (200 دينار)، أي أقل من (ربع دينار عراقي)، بالرغم من انها كانت تعد حدثا ، وهي في مقتبل العمر، وتمنت لو طبق عليها قرار مجلس النواب العراقي، بإحالتها الى التقاعد بكامل راتبها !!

حواء ، تشكو همها كما يبدو، وهي ترغب بتقديم طلب الى محكمة لاهاي للعدل الدولية، لانها تعد (الحكم الإسلامي) على الطريقة العراقية، سوف يعرضها لغبن كبير، وان (عدالة) محكمة لاهاي، أفضل إنصافا بكثير من (المحكمة الإتحادية) ، وقراراتها (ملزمة) على صعيد دولي!!

أجل..إن (حواء) تشعر ان أكلها (التفاحة) تسببب لها بكل هذه اللعنة ، والمرأة تقول أنها لم ترتكب ذنبا ولم تقتل أحدا ولم تسرق مالا ولم تغتصب حق أحد ، ومع هذا عدت (خارجة عن القانون) ،بالرغم من انها ، كما تقول، لم تتنازل عن مقدرات دول أو تسلم عروش او تسمح بهزيمة جيوش، بالرغم من ان من لم يحفظ سيادات الدول أو وحدة أراضيها لم يقدم الى القضاء ، ويحاكم بتهمة التفريط بحقوق تلك الدول وحقوق شعبها، وذنبها كما تقول أنها كانت تعيش في حديقة غناء وأرادت ان تأكل تفاحة، لتشعر بلذة طعمها، وهي تتساءل : من منكم لم يأكل التفاح..فمئات الملايين تأكل التفاح منذ آلاف السنين وسرق الكثيرون ثروات بلدهم ومارسوا الربا في أعلى صوره، وارتكبوا الموبقات وأضاعوا هيبة دولهم، ولا أحد يحاسبهم على فعلتهم، في حين صارت قضية (أكل التفاحة) أشبه بـ (زقنبوت) ووجهت لها تهمة (الخيانة العظمى) ، بالرغم من أن التفاح من أفضل الثمار المحببة لبني البشر!!

وتقول حواء إن هناك من النساء من أقامت (علاقات غرام) حتى مع أنبياء ، واتهمت احدهن بشق قميص صاحبها، لكنه سمح لها أن يتزوجها في نهاية المطاف، وهي أي حواء، لم (تخرج عن بيت الطاعة) لزوجها، وما زال يمارس عليها (العصمة) وما يزال الرجال (قوامون على النساء) حتى هذه اللحظة، وهم من يرمونهن على قارعة الطريق ، متى شاءوا ، إن وجدوا (فاتنة حسناء) تتربص بهم في إحدى علب الليل ، بل يفضلون الزواج من (جميلات)، حتى وان كانت أخلاقهن ليست على مايرام!!

وترى حواء ربما أن شركة (أبل) وهي من كبريات الشركات الأمريكية المتخصصة بأجهزة الموبايل، هي الوحيدة التي أنصفتها، بأن إستخدمت علامة (التفاحة) رمزا لتلك التجارة التي درت عليها المليارات، وهي تقول : لولا حواء لما انفتحت علينا كل هذه المليارات من أبواب السماء!!

ولا يدري كثيرون هل من حق حواء أن يرفع عنها (الغبن) بعد كل تلك السنوات العجاف، ولم نعرف حتى هذه اللحظة، هل شملت بإجراءات المساءلة والعدالة والعفو العام، وهل يسمح لها بأن تدخل الجنة، أم أن قرارات الاجتثاث،ستحرمها من هذا الحق!!

ويبدو أن (حواء) تشعر أن (محكمة العدل الدولية) سوف تنصفها هذه المرة، واذا ما كسبت الرهان هذه المرة، ويحكم عليها بـ( البراءة) ، فهي ستشعر بالفخر والاعتزاز ، وستعاد لنساء العالم الهيبة، بعد ان استردت حقوقهن، ولم يعد بمقدور حتى الرجال، ان تظلم المرأة، او أن يطلقها أحد متى شاء وعلى مزاجه، وستعود لها (العصمة) بعد ان كانت بيد الرجال، ولا تستبعد ان تعاد للمرأة هيبتها ودورها الذي سلبته الأقدار بعد قرون من الظلم والطغيان، لتبقى هي سيدة الموقف، وبإمكانها ان تسقط أكبر إمبرطوريات، اذا أراد من يجرب حظه العاثر المواجهة معها!!

ومع هذا فقد أوصانا أحد الشعراء بالإهتمام بالمرأة والنساء عموما لأنهن من وجهة نظره (قوارير) ، حتى قال الشاعر عنهن إكراما لمنزلتهن :
إن النساء قوارير خلقن لكم وقد أوصى الله خيرا بالقوارير!!