22 ديسمبر، 2024 12:25 م

خطورة مشروع الدولة الدينية

خطورة مشروع الدولة الدينية

شعب العراق يحتاج إلى ثورة فكرية حديثة لتغيير المفاهيم الخاطئة التي غرزها الخطاب الديني المزيف داخل المجتمعات العراقية والسعي نحوه بناء العراق الحديث ، وأحداث مفاهيم بنائه ليستوعبها العقل العراقي والسعي لتحنيط جميع التيارات الإسلامية وتحنيط المذاهب والطوائف والوقوف بوجهها ، هناك وباء في العراق يجب علينا عدم إنكاره عندما تحكمت به سياسات دولة تقليدية إسلامية عشائرية ومستغلة اختلاف المذاهب كوتر حساس للتناحر الطائفي للبقاء وسلب ثروات الشعب، يجب تحفيز حُب الوطن والولاء له مع احترام القوانين الإنسانية من حقوق الإنسان والقانون الإنساني واحترام حِسن الجوار.

ما يمر به العراق بتجربة مريرة من التمزق والتجزئة أدت إلى ضعف مقومات الدولة لافتقاده الأفكار الحديثة بعد بروز المد الإسلامي الذي أرتكز أساسه على الخطاب الطائفي والتفرقة بين مكونات الشعب العراقي وصياغة بناء الدولة لعصر قبل 1400 سنة مما أدى إلى تخلفها عن باقي دول العالم، علينا أن ننهض من جديد ونلملم وحدتنا وفرض وجودنا والتعبير عن ذاتنا وإرجاع قوة اقتصاد وسياسة وطننا، في دولة تسودها الحرية واحترام حقوق الفرد من الكرامة والحقوق الشخصية والاقتصادية والاجتماعية.

المهدي المنتظر

إن الدعوة لمبايعة السيد على أنه المهدي المنتظر شبيه بمبايعة تنظيم داعش لأبي بكر البغدادي كخليفة للمسلمين أو مبايعة شخصية بعد مرحلة الإرهابي أبي بكر البغدادي، هذا التحول الخطير في المد الإسلامي الشيعي ليتحول إلى آلة قتل رسمية بتوكيل من الله والهاء المجتمع العراقي والتحول إلى مرحلة خطيرة أكثر دموية من مرحلة داعش، وخفاي هذه الدعوة خطيرة مبطنة ولها جذور خفية لشرعية آلة القتل وبصك الاهي ، أما تجميد التيار والحساب لم يكن له صحة ليس إلا تمويه إعلامي، وإلا رأينا إلقاء قبض على مطلق الدعوة ومحاسبة من يقف خلف هذه الدعوة الإرهابية، لو فرضنا ظهر الإمام المهدي المنتظر أو بايع الاتباع السيد على أنه الإمام المهدي المنتظر ماذا سوف يغير في الديانة الإسلامية؟ إذا كان قبل البيعة اتباع السيد لم يمنحوا الشعب الأمان ولم يسعوا لرفاهية الشعب العراقي وأكثر وزراء التيار فاسدين، أصبح الدين الإسلامي في العراق وطريق الانتماء والولاء للطائفة أكثر كفراً تارة يخلق له أعداء وهمين وتارة إرهاب الشعب باللجوء لاختيار مفاتيح السماء بشخصية السيد.

شيطنة رجال الدين

إن الحرية الشخصية واحترامها واجب مقدس إن كان لعامل أو رجل دين أو موظف ولكل الجنسين ، أنا لا أنتقد رجل دين عندما يظهر في التك توك أو ألفيس بوك ليعبر عن رأيه بموضوع ما ، ولكن هو ليس منزهاً من السماء ويمنع عليه حريتي وإيماني بأفكاري والأهم لا تكن هذه الأفكار ملوثة لتهين وتهدر كرامة الإنسان ، الخلل في الناس أو لنقل في مجتمعنا عندما آمنوا بالقبور الوهمية لخلفاء الله في الأرض وتم تقديسهم وهي ليس لها أصول لا بكتاب الله ولا بالكتب القديمة فليس غريب من شعب يقدس النخلة والشجرة وبركة الماء ليؤمن بظهور المهدي المنتظر الذي ليس له أساس من الصحة في كتاب الله، تشرع الطائفة قتل الإنسان الذي ينكر وجودية المهدي المنتظر ، إذا كيف سيكون الحال من تنصيب المهدي المنتظر في شخصية السيد؟ وقتها سوف يكون وكيل الله في الأرض لسفك الدماء وهذا ما جنيناه من الإسلام وهذه حقيقة علينا الإيمان بها ، الدين الإسلامي بدأ يضعف تدريجياً بعدما رأى المجتمع سفك الدماء من الطائفتين إحداهما بأمامية المهدي المنتظر والأخرى بخلافة الدولة الإسلامية الإرهابية.

العراق غير صالح للسكن

العراق أصبح غير صالح للسكن بحرية بسبب وباء فكر الدين المتخلف، انحطاط الأخلاق والإيمان بالخرافة والبدعة والمصيبة الكبرى هم القوى العظمى المسيطرة على أفكار وعقول المجتمع، قبل فترة شاهدت تقريراً لقناة العربية عن مخيم الهول في سوريا الذي يحتوي عوائل داعش، نساء وأطفال والنساء لها إيمان قوي بأفكار داعش الإرهابية والأدهى الأطفال ينعتون المذيعة بالكافرة لكونها دون حجاب، كيف سيكون جيل أطفال داعش مستقبلاً ؟ هذه الأفكار المتطرفة الجاهلة بمضمون وأهداف ومبادئ الدين المتعمقة في غسل عقول الموالين واتباع داعش لا يختلف عن أفكار وعقول شيعة علي بعد بدعة بيعة المهدي المنتظر والتثقيف لها، الخطأ الكبير باعتماد الكتب القديمة والحديثة والمفهوم الخاطئ لتفسير القرآن والاعتماد على التفسيرات الخاطئة لكتاب الله ليصبح دين الله دين سبايا ودين دم وكفر لهتك أعراض البشر والتمثيل با لإنسان بأبشع صور الموت. مشروع الدولة الدينية هو مشروع أيديولوجي يحول المجتمع إلى لون واحد وطيف واحد ويمنع أي فكر يتعارض مع منهج تلك الدولة وبذي يلتقي في هذه الخصلة مع كل مشاريع الحزب الواحد كونه الحزب الذي وحده يملك ناصية الحقيقة إلى الأبد، وما تجارب الأحزاب الشيوعية في أوربا الشرقية والبعث والناصرية في الوطن العربي إلا نماذج خربت تلك المجتمعات وسقطت.

وما يعاني منه العراق الآن هو خراب خلفته الدولة الأيديولوجية وبدلا من الخلاص إلى الأبد من هذه النبرة نجد القوى الدينية تحلم وتخطط سراً لتشيد دولة أيدلوجية أخرى لتعيد دورة العنف وتبقى العراقي إلى الأبد لا حول له ولا قوة يقمع هذه المرة بمبرر الدين بدلاً من القومية مثلما كان زمن صدام ، مشروع الدولة الدينية يتناقض كلياً مع تاريخ العراق وحضارته، فالإبداع من طبيعة البيئة العراقية من فن ورسم ونحت وموسيقى وغناء وهذا الإبداع مغروس في داخل النفس البشرية والمجتمع بشكل عام ، وهذا البحث يقود بالضرورة إلى الحديث عن مأزق الإنسان الروحي والجسدي في ظل القيم والأعراف والسلطات الدينية الحديثة القامعة لحرية الإنسان فأصبحت الحريات مكبوتة تحت سلطة الدين، فأذا كان النظام السابق مارس الديكتاتورية بمختلف أشكالها فإن مشروع الدولة الدينية سوف يضع حرية الإنسان في المحظورات فيستحيل النص الأدبي إلى مجرد نص سطحي محظور عليه الغور في عذابات العراقي المبتلى بقيم مجتمع صارمة عنيفة يبدأ العنف فيه من العائلة حيث قضية ضرب الأبناء داخل العائلة من العادات الشائعة ، ثم المعلم في المدرسة، والشرطي في الشارع ، فشاع العنف بشكل بشع ، وأصبح السائر في الشارع يرى العنف بالأيادي والحجر والعصي من المشاهد العراقية الشائعة . والعنف الشديد ضد النساء ، كل هذا ما قلته أعلاه تجده مكتوبا عنه في الأدب العراقي خوفا من السلطة والجهر به لإيجاد حلول عملية خوفاً من القوى الدينية التي تنفذ مشروعها بخلق دولة دينية.

لو نظرنا نظرة سريعة التي تاريخ الأدب العراقي المعاصر سنجد أن الغالبية العظمى من المبدعين العراقيين شعراء أو كتاب قصة أو روائيين أو رسامين وموسيقيي هم من تمكن من الخروج من أسر النظرة الدينية المغلقة للحياة باعتبارها دار فناء وراح يبحث في إشكالية وجود الإنسان والتباس رحلة العمر الخاطفة لينقذ نفسه من عباءة الدين المكبلة بسلاسل العبودية ، الدائرة المحدودة والمغلقة للرؤية الدينية محكومة بنوع من الترتيب الصارم الذي يرجع الفضل إلى السلف في كل الأوقات. وما علينا سوى الحذو حذو السابقين والطاعة العمياء الذين وضعوا لنا كل القواعد التي ينبغي علينا السير والقياس عليها كي ننجو من الضلالة وعذاب النار، هذا قاد إلى قتل وتعذيب من يكتب ويسيء للدين وأهداف الحكم الإسلامي، في نظرهم إن الإنسان خطأ ولا خلاص له إلا بأتباع السلف الصالح.

كلما تركزت السلطة الإسلامية وازدادت قوتها سوف يكون هدفها مصادرة الرأي الآخر وسيقع الوزر الأكبر على الكتاب والأدباء والفنانين بشكل عام أقصد المبدعين منهم لأن يعتبرون الأحرار والمثقفين خطراً على مشروعهم وبدلاً من انفتاح المجال أمامهم كي يكتبوا بحرية سيجدون أنفسهم أمام أنصاف من الكتاب والشعراء المتملقين الذين نراهم يومياً يطلون علينا من التلفزة وهم يتملقون للأحزاب الإسلامية ويثيرون الطائفية مثلما كان يظهرون ليثيروا حمية الجنود المساكين على الجبهات ويمجدون بالدكتاتور صدام ، خطورة هذا المشروع مزدوجة فمن ناحية سوف لا تحل أي مأزق اجتماعي كفكرة تحقيق المساواة وتوزيع الثروات ، كما هو الحال في إيران فلا زالت المخدرات شائعة وأحزمة الفقر تحيط بمدنها الكبرى وأفغانستان وقت حكم طلبان لأن مثل هذه الأهداف لا تتحقق إلا في ظل مجتمع القانون والحرية بغض النظر عن الدين والقومية، ومن ناحية ثانية سوف تشيع ثقافة مغلقة تقتل الموهوبين من كتاب وشعراء من الأجيال القادمة كما الحال في الدول الدينية ، الكاتب المبدع عندما يكتب يحس بأنه يكتب لأبناء شعبه والكتابة مشروع حياة وليست نزوة.