23 ديسمبر، 2024 9:31 ص

خطوة لصالح صالح

خطوة لصالح صالح

من المؤكد أن زيارة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى العراق قبل أيام، لم تأتِ من باب المجاملات أو إسقاط فرض، كما أنها لم تكن استجماما أو سفرة ترفيهية، فمعروف عن الشارع العراقي أنه يعج بالمنغصات لأهل البلد، فكيف به للسائح أو الزائر أو الوافد، إذ سيكونون حتما من المغضوب عليهم وإن لم يكونوا ضالين.
نعم، الزيارة أتت على أعقاب سابقة لها، قام بها رئيس الجمهورية برهم صالح، وهي خطوة تسجل لصالح صالح حتما، إذ لابد أنه أيقن أن استقرار العراق وأمنه، لن يتحقق دون توطيد العلاقات مع دول الجوار، فبدأها الرجل بجولة خليجية شملت الكويت ومن ثم الإمارات. وقرار صالح حتما صائب، لاسيما مع دولة متاخمة للعراق، وذاق أهلها مرارة انتهاك الحرمات من جراء غزو عنجهي، قام به رئيس عراقي، الأمر الذي ولّد حزازيات في نفوس الكويتيين -من حيث يشعرون ولايشعرون- وتركت جروحا غائرة، لعلها اندملت مع السنين، غير أن أثرها باقٍ لامحالة.
أبقى في زيارة برهم للكويت، والتي قام بها في الحادي عشر من شهر تشرين الثاني من العام المنصرم، وقطعا هناك ملفات عالقة بين الطرفين، لعل أبرزها ملف التعويضات المترتبة على العراق، جراء الغزو الصدامي للكويت في الثاني من آب عام 2009. وفي الحقيقة أنه موضوع شائك، حيث هناك من يبرئ الشعب العراقي من هذه الجريمة، ويلقي باللائمة على شخص الرئيس صدام حسين وحده، ولاتزر آزرة وزر أخرى، أو كما نقول: (كل لشه تتعلگ من كراعها). وهناك من يشركهم في الجريمة لتداعيات حدثت إبان فترة الاحتلال، ولكل ذرائعه وحججه. ومشكلة كهذه لابد أن تكون رقم واحد في جدول أعمال رئيس جمهوريتنا لدى زيارته دولة الكويت.
أما الملف الثاني، فإنه قضية إنشاء دولة الكويت ميناء -أو أكثر- يضيق الخناق على العراق في منفذه البحري الوحيد، ويحبسه في تجارته مع العالم في الطرق البرية صوب الشام وتركيا وإيران، وبذا فإن دولة الكويت لم تعد شقيقة بالمعنى الحقيقي، بل ستكون ندا وعدوا يحارب اقتصاد العراق، ويعمل على عرقلة تطوره.
لنغادر زيارة برهم للكويت، ونأتي على زيارة الصباح للعراق، وليت شعري، هل هو محض صدفة أن تتزامن زيارة الأخير مع التوترات التي أحدثتها حادثة استهداف ناقلتي النفط في خليج عمان قبل ما يقرب أسبوعين؟ أم هي زيارة استباقية وقائية لبحث حلول، تفضي إلى تخفيف حدة التوتر بين أمريكا وإيران!. وفي الحالتين، هي إشارة إلى أهمية العراق كدولة لها مكانتها في المنطقة بل في العالم، وعلى القاصي والداني أن يحسب للعراق ألف حساب، حيث أن أدواره في أكثر من قضية مر بها الشرق الأوسط، كانت فعالة وحاسمة، سواء أسياسية كانت أم عسكرية أم اقتصادية!.
بقي من القول جانب المردود الإيجابي لزيارة برهم إلى الكويت، ولعل أسئلة تطرح نفسها بقوة في الساحة حاليا كالآتي:
هل تحقق من الزيارة شيء على أرض الواقع العراقي؟
هل تطمح الكويت إلى بناء علاقات وطيدة مع العراق حقا؟ أم أنها تسعى لجعله سوقا استثمارية لها في مقبل السنوات!.
هل تنتهي الملفات العالقة بين البلدين دون رجعة إليها كورقة ضغط تستخدمها الكويت ضد العراق؟ أم سيبقى العراق أسير إيماءات وإيحاءات يلوح بها قادة الكويت بين الحين والآخر!
أهناك صفحة جديدة سياسية واقتصادية ستفتح بين البلدين؟
لعلها بعض أسئلة من أسئلة أخرى كثيرة تدور في مخيلة العراقيين، ينتظرون الإجابة عليها تحريريا وعلى أرض واقعهم، بعد أن ملوا التصريحات التبشيرية، والوعود البراقة، والكلام المعسول من لدن أصحاب الأمر من الساسة والقادة في بلدهم.