عند متابعة الوزارء المنتخبون لوزارة التربية يتم الاصرار على مرشحين ليسوا اهلا لها و رغم كون انهم قد ثبت تورطهم في اما داعشيين او غير كفوئين لهذا المنصب الخطيرالذي يمس الحاضر والمستقبل وخاصة في هذه المرحلة بعد ان فقدت التربية نسبة المشاركين في منظومة التعليم والتي تحتاج الى نظرة واقعية للاختيار الاكفأ والانسب بعيداً عن المفاهيم السائدة التي يتم اختيار الوزراء بها، كذلك قلة نسبة الدعم الحكومي لهذا القطاع المهم بسبب الفساد وتبخر الاموال التي وضعت في الموازنات السابقة . ونظراً لتلك الأسباب توجه العديد من الأطفال العراقيين إلى مجال العمل وتراجع المستوى العلمي والتربوي في العراق كثيرا خلال السنوات الماضية التي سبقت سقوط النظام البائد ولمختلف المراحل الدراسية واسباب ذلك لا تعود الى عوامل دون اخرى وانما جملة عوامل مترابطة ادت الى تدني العملية التربوية فاحد هذه العوامل كانت سيطرة ذلك النظام على جميع مرافق التعليم وتسخيرها لمصلحته الشخصية وسيطرته على جميع مناهج التعليم التي اخذت تمجد له فضلا عن العامل الاقتصادي الذي يعد المحور الاساسي للبناء ومن ثم عدم استقرار الدولة يؤدي الى الانهيار الشامل الذي انعكس على الواقع التربوي والعلمي حيث تعرض البلد لحصار دام اكثر من ثلاثة عشر عاما اضعف الكيان التعليمي والتربوي بشكل كبير.
بعد الإطاحة بالنظام العراقي السابق كان على الحكومات ان تضع في أولويات برامجها برامج ومشاريع لتطوير مناهج التربية والتعليم وأعتماد معايير وتجارب تربوية وتعليمية متطورة بعيداً عن التقليدية مع إيلاء فئة الشباب الاهتمام الكافي ومكافحة الأمية التربوية والتعليمية بينهم وتوظيف طاقاتهم لخدمة مشاريع البناء والاعمار في العراق .
والمتابع لسنوات خلت يرى ان بعد تراكمات الحروب والهجرة والنزاعات الداخلية والنزوح والعوز المادي وتدني المستوى المعاشي للأسر العراقية على مجملها كانت من العوامل التي ساهمت في ارتفاع مستوى الامية في العراق بعد ان كان من اوائل الدول العربية التي قضت على الامية حسب تقارير منظمة اليونسكو في السنوات الماضية .
الآن لا يمكن لأحد أن ينكر أن التربية والتعليم في العراق تعاني من أزمة مستفحلة من تجارب وتراكمات الماضي البعيد والقريب والنتائج السنوية لمستويات الرسوب العالية خير دليل على تدني الدراسة ، والمدرس ضحية والمتعلم يدرك بالتمام أن الصورة الحالية ليست وردية، والتربية التي تعني تلقين السلوكات والأفعال بالطبع والتطبيع أصبحت بالفعل لا تساير إيقاع المتعلم الذي انفتح على وسائط أخرى تلبي الفضول المعرفي والنهم النفسي من خلال الاحتكاك بالصورة وما تقدمه وسائل الاتصال من صور عابرة ومتدفقة من عوالم مختلفة و إنه يشاهد الأشياء من الأعلى وليس من الداخل، وما تحمله القنوات الإلكترونية من أخبار سريعة وتحليلات بلغة بسيطة بعيدا عن الدروس والمدرسة ، وهي قد تكون في كثيرة من الحالات اقل أشكال المعرفة التي تخترق القلوب والعقول لتشويه العقلية البسيطة وتجذبها بصورة سريعة .
أزمة القيم نعيشها في واقعنا ونعترف بوجودها، قيم تتوارى وتختفي وتنذر بغياب الوازع الديني والتربوي الذي تربت عليه الأجيال السابقة، أزمة قيم وتدني الوعي الاجتماعي وغياب إنصات الكل للكل في تدافع نحو الهاوية وتعميق الأزمة. رهانات المدرسة العراقية في خلق مواطن حداثي ومجتمع ديمقراطي إيمانا بالعلاقة المتوازنة بين المشروع الفردي والمشروع المجتمعي باتت على المحك الصعب، والتربية التي يمكنها تحصين المجتمع من الغلو والعنف أصبحت تعاني في ظل سلوكات وأفعال لا تربوية ولا أخلاقية.
الحكومة اليوم امام مسؤولية كبيرة تتمثل في إعادة بناء وتكوين المجتمع العراقي الجديد هذا المجتمع الذي ظل فترة طويلة يرزح تحت مفاهيم وفلسفات مختلفة حولته مع مرور الزمن إلى مجتمع غير متماسك وإذا كان البعض يظن أن مشكلة العراق الآن هي إعادة بناء ما دمرته الحرب أو مجموعة الحروب المتتالية فأنه مخطئ فهذا الوطن لا يحتاج إلا لإعادة بناء المجتمع السليم والصحيح وفق فلسفة تربوية .واضحة المعالم ومحكمة البناء وأهداف تربوية صحيحة وسليمة .
من الضرورة وضع ضوابط تربوية في اختيارالمناهج الصحيحة وفق العقول والمراحل المتناسبة وإعادة النظر في بعض المناهج والمقررات الدراسية المكثفة نوعا و التي يعجز أحيانا معلم المادة من أكمال المنهج بسبب تقليص الدوام والعطل الرسمية وانتخاب المدراء و وبناء المدارس بطرق حضارية وإعادة النظر بالعناوين الموجودة ألان لان تطوير المدير وثقافته تساعد على تطوير العملية التربوية برمتها وعلى طرائق وأساليب التدريس الحديثة ونقل ما توصل إليه العالم في مجالات التربية والتعليم وأهمية ذلك في بناء المجتمع العراقي الجديد بعد حقبة السنوات الماضية و توفر الرغبة الصادقة والحقيقية لمهنة التعليم ومن المسلم به أن كل إنسان لا يمكنه أن يحقق نجاحاً تاماً في عمله ما لم تكن له الرغبة الكافية فيه .
العشق بالمهنة من العناصر الهامة والحاسمة في دفع المعلم إلى التتبع والدراسة و الإيمان برسالته والقدرة على حملها وبالمثل الإنسانية العليا وثقافته وإطلاعه الخارجي من العوامل المهمة لنجاحه وابتعاده عن التواصل مع مهنته بالشكل الذي يجعل الكثير من أعضاء الهيئة التعليمية لا يحملون أية ثقافة خارجية تسبب لهم فقدان الممارسة الصحيحة والضعف في المواجهة في كثير من الاوقات ولايخفى على أحد الدور الكبير ” للمدير ” سلبا أو ايجابيا خاصة على واقع حال التربية والتعليم التي تفتقر إلى التخطيط السليم في الوقت الحالي و إن أهم عوامل نجاح العملية التربوية والتعليمية هو رسم وتحديد الأهداف المراد الوصول إليها وتحقيقها، وهذا يتأتي من خلال وضع خطة عمل شاملة يندرج في سياقها طريقة وسير وتنظيم الوسيلة لتحقيق الأهداف المنشودة و وجود خطة عمل متكاملة لكي تكون عملا منظمة ولها تأثيرا فاعلا يرتقي بالمدرسة والتعليم والمجتمع نحو الأفضل .