23 ديسمبر، 2024 1:53 ص

خطط الاصلاح وعلّة التوقيتات

خطط الاصلاح وعلّة التوقيتات

يحتاج العراق اليوم الانتقال من الطرح النظري إلى ساحة الفعل العملي ليتعافى.

ومع كثرة الطروحات التي تصل احياناً في بعض الملفات حد التخمة، وعلى الرغم من ان ذلك ليس مدعاة للزهد بالأساس النظري لكل حالة نهضة مرجوة، ولكن في ذات الوقت ينبغي إدراك ان من أبرز أسباب تعثر خطط التنمية الكثيرة والبديعة في شكلها وإخراجها هي محاولة صياغتها دون وضع طبيعة الحال الاستثنائية التي يعيشها البلد بنظر الاعتبار، وان ما ينفع بلداً آخر مستقر الحال لا يكون بأي حال من الأحوال نافعاً لبلد تتغير بوصلته وساحته في اليوم عدة مرات!

نعم الخطط الاستراتيجية مهمة، ولكن من غير الممكن استعمال مقاييس الخطط لعشر او عشرين سنة ومقياس الحياة العراقية متغير بالثانية واللحظة، فكأننا في هذه الحالة من إغفال هذه الجزئية نكرر حالة الاخفاق، ونمعن في تجاهلها ونسير إلى ذات النهاية التي اعيد انتاجها عمداً او دون قصد، ففي النهاية النتيجة سواء.

ان العراق بكل ما أوتي اليوم من هشاشة في الوضع، وتقلب في الأحداث، ووهن في البناء، بحاجة إلى خطط يومية، تتعامل مع الملفات بالتجزئة، والتدرج، ودون رفع الرقاب أطول مما تتحمله الظروف، فما قيمة خطة ترسم لك صورة لعقد كامل بدقة وبراعة ولكنها لا تصلح لتنفذ ولو لعام واحد؟! ولماذا نعيد استنساخ التجارب الفاشلة من ناحية، وغير الممكنة التطبيق في ساحتنا لاختلاف الظروف والحيثيات من ناحية اخرى؟!

إذن.. لا بد من إدراك الحاجة اليوم إلى تحديد بعد استراتيجي معلوم وهو عام في مضمونه وشكله وجوهره، وأهداف مرحلية واضحة ولا تؤثر عليها الأحداث وتنطوي على امكانية التعديل والتصويب والاستدراك، ثم بعد كل ذلك، وبعد الجهد الطويل، يكون املنا ممكناً بتحقق الالتقاء لتلك الجزيئات من النجاحات بعد طول غياب في ساحات الانتصار الوطني الذي طال غيابه وانتظاره.