منذ منتصف شهر آذار من عام 2015 قد قمت باعداد مجموعة ملاحظات او مقترحات تصلح لأن تكون ( خطة ستراتيجية ) لتحرير مدن محافظة الانبار من سيطرة داعش، وقد أطلعت جهات متعددة على ملامح الخطة، واعيد نشرها الان في وسائل الاعلام بعد ان رفضت نشرها في حينها، للاسباب التي يعرفها الجميع أزاء خطط عسكرية ينبغي أن تكون بعيدة عن وسائل الإعلام، لكنني أثرت نشرها بعد ان اخفقت كل الجهود التي يمكن ان تسهم في انجاح خطط تحرير الانبار لعدم سماع تلك المقترحات او الملاحظات المهمة التي يضعها اصحاب الخبرة والمهنية تحت انظار المسؤولين عن مستقبل المحافظة، وقيادات عسكرية عليا ، ولم يتم اعداد خطط عملية لتحريرها حتى الان..واضع بين ايديكم ملامح الخطة، وكما ارسلت لجهات الاختصاص منذ شهرين وبعضها في نيسان الماضي ..
المقدمة : بهدف رفد الجهد العسكري الهادف الى تحرير الانبار وتوفير افضل المستلزمات لانجاح هذا الهدف الكبير، فأن من الضروري الاستئناس بآراء اصحاب الخبرات من كل الاختصاصات ، وبخاصة ان المعركة في الانبار ليست سهلة ، كما ان تحريرها امرا ليس بالمستحيل ، لكنه فقط يحتاج الى جهد منظم وخبرات عملياتية ونفسية وتعبوية .
تحديد المهمة واهداف الخطة:
هناك جملة عناصر تتضمنها الخطة المقترحة للوصول الى هدف انجاح تحرير الانبار بوقت قياسي وبأقل الخسائر..وكالآتي:
·ينبغي ان يكون الهدف الاول والاساس للخطة العسكرية المقبلة هو تحرير مركز محافظة الانبار ( بنايات مركز المحافظة والمديريات الملحقة بها او القريبة منها وبخاصة ( مديرية التربية) و( المستودع ) او في محيط مركز المحافظة الذي لاتتجاوز مساحته في كل الاحوال عشرة كيلومترات، اذ ان تحرير المركز يجب ان يكون أولوية قصوى، وليس تحرير النواحي والاقضية البعيدة، كما كان يجري من محاولات سابقة لاستعادة قضاء هيت ولم تنجح تلك المحاولات ، وقد اخفقت وتراجعت القوات العسكرية على اكثر من موقع ومنها قاعدة البغدادي التي تعرضت لاعنف الهجمات قبل فترة وتراجعت القطعات العسكرية اكثر من مرة.
· يعد تحرير منطقة الحوز المجاورة لمركز المحافظة يليه أحياء الضباط والبكر والملعب وشارع عشرين وشارع ستين من الأولويات التي ينبغي ان يتم ايلائها الاهتمام المطلوب، وتبقى منطقة الحوز العقدة السترتيجية التي يختبيء بها تنظيم داعش منذ فترة طويلة، وهي منطقة لاتبعد عن مركز المحافظة مابين 2- 5 كم ، وتعد المعقل الرئيس لهذا التنظيم في امساكه بمواقع مهمة على مقربة من مركز المحافظة، لكون منطقة الحوز هي الاقرب جغرافيا الى مركز المحافظة من كل احياء الرمادي، وهي بيوت قديمة في الأغلب وشوارعها ضيقة ويصعب دخولها بالاليات احيانا لان بعض طرقها مقطوعة وغير متصلة وعمليات الاختباء فيها سهلة وتوفر مواقع حصينة لمجموعات التنظيم، في سيطرته على هذه المنطقة المهمة، التي كانت دوما مركز انطلاقة هجماته على مركز المحافظة ولم يتم زحزحته منها منذ اشهر طويلة .
·ان تحرير مركز المحافظة سيعطي زخما معنويا لاهالي المحافظة بإمكانية عودة عشرات الالاف من نازحيهم بعد اسابيع قليلة من تحريرها وتخليصها من بقايا العبوات والالغام والجيوب المتوقعة، ويقصم ظهر داعش ويعطي لمجلس المحافظة وقيادة عملياتها نجاحات معنوية بإدامة زخم المعركة لتحرير بقية مناطق الانبار المهمة تباعا.
·استخدام مقاتلين من نفس ابناء تلك المناطق في عمليات التقدم وباستخدام قدرات الاستخبارات الى اقصاها ومعلومات مهمة عن قدرات تجمعات داعش واماكن تمركزها واحتمال انتقال حركتها الى مناطق اخرى سعيا منها الى المراوغة والمناورة للتقليل من خسائرها.
·استخدام الدروع اضافة الى قوات مشاة متجحفلة معها في عمليات التوغل والحذر من استهدافها من قبل عصابات داعش عند دخول احياء ذات شوارع ضيقة، وعدم تجميع القوات المتجحفلة في منطقة واحدة قرب المنطقة المعدة للهجوم لكي لا تتعرض لهجمات مباغتة من داعش التي تعرف مسالك الطرق وكيف يمكن الحاق الخسائر بالقوات العسكرية.
· ان تشترك قوات التحالف بطيرانها المكثف في القتال في الانبار على غرار ماجرى في محافظة صلاح الدين وتحرير تكريت، لانه بدون اشتراك طيران التحالف لن يكون بمقدور القوات البرية تحرير الارض لوحدها، وهو ما يتطلب تنسيقا عاليا مع الامريكان في هذا الشأن.
·يفترض ان تبدأ خطة تحرير المحافظة من مناطق شرقي المحافظة التي لاتبعد عن مركزها سوى خمسة كيلومترات، وهي مناطق عشائرية يترك لهم الادوار الرئيسة مع قوات الجيش والشرطة المحلية لتحريرها، وهي مناطق البوعلوان والبوجليب والبوغانم والبومرعي وشارع عشرين والصوفية والضباط وحي البكر والملعب وشارع ستين، ومناطق البوهزيم والمناطق القريبة منها وصولا الى السجارية .
·المرحلة الثانية تبدأ بتحرير مناطق غربي مركز المحافظة بدء من التأميم وباتجاه مناطق خمسة كيلو وسبعة كيلو ، ومن ثم باتجاه هيت وقاعدة البغدادي .
·تبدأ المرحلة الثالثة بتحرير مناطق الجزيرة ( شمالي الرمادي ) وتبدأ من عشائر كبيرة ومتمرسة في غربيها وهم : البونمر والبوعساف والبوعلي الجاسم والبوذياب والبوعيثة والبوفراج والبوعبيد باتجاه الخالدية، ويتم التركيز على قيام عشائر هذه المناطق بمسك الارض وتحريرها ، لكون العشائر متماسكة في كل منطقة جغرافية وهي بمقدورها بالتعاون مع القوات العسكرية والامنية تحرير مناطق عشائرها الواحدة بعد الاخرى، ومن شأن تحرير المركز ان يسهل تحرير كل مناطق الجزيرة شمالي مركز المحافظة.
·المرحلة الرابعة وبعد استتباب الامن في مركز المحافظة وفي مناطق الجزيرة شمالي المحافظة يتم التوجه نحو مناطق حديثة والقائم والرطبة باتجاه الحدود السورية ، لضمان عدم حصر جماعة داعش ضمن مناطق تقترب من مناطق التماس، وهم سيضطرون في كل مرة للتراجع الى الخلف بإتجاه الحدود مع سوريا.
·المرحلة الخامسة تكون مناطق الخالدية والبوعبيد باتجاه الفلوجة من المناطق المرشحة للهجوم في هذه المرحلة التي تعد الخامسة، وستكون معركة الفلوجة من أصعب المعارك لكن انهيار تنظيم داعش في مركز محافظة الانبار وفي قرى شمالي المحافظة ( الجزيرة ) يسهل الاسراع بتحريرها بعون الله.
·الخطة برمتها تستلزم وجود قوات خاصة ومدربة من اهل الانبار مع تعزيزات عسكرية خاصة من بغداد لاتقل عن خمس فرق من الدروع والمشاة والاليات والقوات الخاصة اضافة الى مشاركة طيران الجيش والقوة الجوية وطيران التحالف وقوات العشائر المتجحفلة مع القطعات العسكرية لتنفيذ صفحات خطة تحرير الأنبار ، وان ضباط الانبار ومراتبهم وحشد محافظتهم الخاص بهم ، يمتلكون الشجاعة للتقدم في المعارك وتحقيق مكاسب لكنهم بحاجة الى التوجيه ومساعدتهم في وضع الخطط العسكرية، لكونهم لم يألفوا معارك من هذا النوع، لكن بمقدور الاعتماد على قيادييها من العسكريين ومن شبابها من جيل الستينات والسبعينات والثمانينات في وضع الخطط المناسبة للاسهام في تحريرها..أي ان ما اردت ان اقوله ان رسم الخطط العسكرية يسبق تطبيق الخطة، وضباط الانبار يعتمدون على البنية القتالية وليس على الاطار العملياتي لوضع الخطط، وهم بحاجة الى من يعينهم في هذا الجانب ، وهم وان كانوا مندفعين للقتال وتحرير مناطقهم ، لكن ينقصهم الخطط العسكرية التي تعتمد الخبرة العملياتية في الميدان وهم اقرب الى الروح الاندفاعية التي لاتعتمد منطق العلمية والخطط الستراتيجية في مواجهة الخصوم، لكن لديهم روحا وطنية عالية وحرصا على التفاني من اجل تحقيق كرامة اهلهم وديارهم وضمان عودة مئات الالاف من مواطنيهم الى مدنهم واحيائهم بعد ان عانوا الامرين من محنة النزوح في داخل المحافظة وفي المحافظات الاخرى وهم يعانون ظروفا غاية في الصعوبة وانتهاك الكرامات.
·إشراك شيوخ الانبار ووجوهها المعروفين من داخل المحافظة ودعوة نازحيها ومن يتواجدون في احياء الانبار من نفس مناطقهم للمشاركة فيها بقوة هذه المرة ، للاسهام بتنفيذ الخطط العسكرية ،لأن أهل مكة كما يقال أدرى بشعابها.
·ان تحرير الانبار سيسهل تحرير باقي محافظات العراق ، وبخاصة محافظة نينوى لان تحرير الانبار سيكون ربما اسهل من تحرير نينوى ، بعد ان يتم تطويق داعش وانهاء تمركزها في محافظاتهم، ، ويتم اعطاء دور اكبر للعشائر في مسك الارض وتشجيع النازحين على العودة الى المناطق المحررة في الانبار.
الخاتمة :
هذه ملاحظات غاية في الاهمية وددنا وضعها بين ايدي القائمين على ستراتيجية تحرير الانبار من السياسيين وكبار القيادات العسكرية لنكون عونا لهم وسندا عملياتيا ولوجستيا ، قبل ان تبدأ صفحات معركة تحريرها لكي نضمن نجاحات افضل بأقل الخسائر واكثرها تنظيما وحسن اعداد، ومن شأن تنفيذ صفحات هذه الخطة الستراتيجية ضمان تحرير كامل تراب محافظة الأنبار في غضون شهر الى شهرين كحد أعلى.
وأمنيات ملايين العراقيين وحلمهم الكبير في ان يروا محافظاتهم وقد تخلصت من ربقة احتلال داعش وكل الاحتلالات الاخرى، ان توفرت النيات الصادقة والعزيمة الاكيدة لتحرير تلك المحافظات المهمة من سيطرة داعش ومن ارهابها ، ويعود العراق الى عافيته سالما غانما، وما النصر الا من عند الله العزيز الجبار وهمة الرجال الاخيار الغر الميامين.