23 ديسمبر، 2024 7:28 ص

خطة الولايات المتحدة لدفع خصميها، الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية نحو سباق تسلح جديد، في عالم متعدد الاقطاب

خطة الولايات المتحدة لدفع خصميها، الاتحاد الروسي وجمهورية الصين الشعبية نحو سباق تسلح جديد، في عالم متعدد الاقطاب

في المؤتمر الصحفي السنوي الاخير للرئيس الروسي بوتين، الذي عقده قبل ايام؛ لفت انتباهنا ما ورد في هذا المؤتمر وعلى لسان الرئيس الروسي وهو يخاطب او يوجه ما أراد ان يوجه، من رسالة تحذير، الى الولايات المتحدة على وجه التحديد، حصريا: أذا ارادوا لعبة بلا قواعد فلهم ما يريدون، وكان هنا وفي هذا الرد يقصد التخلي الامريكي التدريجي،عن اتفاقيات الحد من التسلح الاستراتجي. الولايات المتحدة تخطط للتخلي الكامل عن تلك الاتفاقيات وهو ما تتوجس منه روسيا وتخشى ايضا من تداعياته على اقتصادها مستقبلا، لذا، كان هذا التحذير الروسي الذي شمل ايضا وعلى لسان الرئيس الروسي؛ تجسيم الخطر الذي يهدد العالم ان تخلت امريكا عن سياسة الحد او تقليص السلاح الاستراتيجي النووي في العالم، لأن ذلك سوف يدفع دول كثيرة على ان تحذوا حذو العظميان في ظل عالم بلا قواعد ضابطة له، حين يتخلى العظميان عن هذه الضوابط الدولية، وهي دول نووية اصلا؛ الصين والهند وباكستان وفرنسا وبريطانيا واسرائيل والكلام هنا للرئيس بوتين. السؤال هنا، هل ان الولايات المتحدة سوف تأخذ هذا التحذير على محمل الجد وتترك سياستها المبنية على الاستمرار في التخلي او عدم تجديد اتفاقيات الحد من السلاح الاسراتيجي وتقليصه، من وجهة نظرنا المتواضعة ان الولايات المتحدة سوف تستمر في الغاء او عدم تجديد العمل بتلك الاتفاقيات كستارت3، التى ينتهي العمل بها في نهاية عام 2021، لأنها تخطط على دفع الروس الى سباق تسلح جديد، كي تنهكها اقتصاديا على المدى المتوسط والبعيد. الشيء الاخر والذي هو الهدف الثاني لسياسة الانهاك هذه، هي الصين التى تشكل القلق الجدي على سياسة الهيمنة الامريكية على العالم على صعيد المستقبل المنظور. ان الولايات المتحدة تعتمد على قدراتهاالاقتصادية والسياسية وعلى العدد الكبير من الدول التى لم تزل تدور في فلك السياسة الامريكية، بارادة حكامها في المنطقة العربية وفي اوربا الى حد ما وبدرجة قليلة وقليلة جدا وبالذات في السنوات الاخيرة، وفي افريقيا وامريكا الجنوبية وفي اسيا، باستخدام العقوبات الاقتصادية لمن يخرج عن هذه الضوابط الامريكية اي انها سوف تسيطر عبر هذه القناعة على الانفلات التسليحي الاستراتيجي النووي ولاتسمح له بكسر ضوابط السيطرة على هذا السلاح، وتسمح لنفسها، في ذات الوقت بالذهاب بعيدا وبعيدا جدا في تحطيم هذه الضوابط. مع أن هذا الوضع لايمكن البناء عليه لناحية المستقبل وما يأتي به من متغيرات وتحولات، قد تخرج او تكسر القيد الامريكي في ظل عالم يتغير في القوة الاقتصادية والعسكرية والتكتلات والتحالفات والشراكات في الفضاءات الاقليمية.. وما اليهمامن تحولات اخرى، سوف نأتي عليها لاحقا في هذا المقال. ان الولايات المتحدة لاتأخذ بعين الاعتبار والاهتمام مصالح الامن والسلم والاستقرار في العالم بنفس الدرجة التى تأخذ بها مصالحها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، لذا قراراتها وفي اغلب الاحيان ان لم يكن جميعها تسبب اضرارا بالغة على امن الدول واستقرارها وبالذات دول العالم الثالث وفي مقدمتها، الدول العربية وجوارها. امريكا تطالب ان تشترك الصين في اي معاهدة يروم العظميان ابرامها للحد من ترسانتيها من السلاح الاستراتيجي النووي ونواقله وعلى الامتناع عن انتاج الجديد، وهي تعلم وتعرف على وجه اليقين ان الصين لن تشترك في مثل هذه المعاهدات لأسباب لامجال او لايتسع المجال في هذا المقال لذكرها..( وهذا ما حدث حين اشترطت الولايات المتحدة اشراك الصين في معاهدة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، الذي رفضته الصين اي رفضت الاشتراك في هذه المعاهدة كشرط امريكي لأستمرارها..بالاضافة الى الادعاء الامريكي بالخرق الروسي لبنود المعاهدة والذي نفته روسيا في حينه) وهي على ماهي عليه من قوة عسكرية ستراتيجية، اقل قليلا جدا مما عند العظميين في الكم والنوع وهي اي الصين تخطط لبلوغ درجاتهما من قوة الردع، وهي بهذا المستوى المنخفض بالقياس لهما ولزمن قادم ليس بالقليل لاتشكل خطرا ستراتيجيا على امريكا. الاتحاد الروسي والصين وعلى ما يبدوا قد ادركوا وفي وقت مبكر، اللعبة الامريكية؛ ولكي يواجهوا هذه اللعبة بعمل منتج وجدي وحاسم، أنشأوا منظمة شانغهاي بالاضافة الى منظمات اقليمية اخرى..( تضم روسيا والصين وكازاخستان وقيرغيرستان وطاجيكستان وأوزبكستان والهند وباكستان لاحقا) لذا، أرسوا قواعد للتعاون البناء والثقة المتبادلة بينهما كما وصفها الرئيس بوتين في مؤتمره الصحفي، عن علاقة روسيا مع الصين؛ ليس في نيتنا اقامة تحالف عسكري مع الصين، لكن علاقتنا، علاقة يسودها التعاون والثقة المتبادلة. بالاضافة الى النشاط الدؤوب لكلا الدولتين في الفضاء الدولي كما اوضحناه الآن، في هذه السطور المتواضعة. الولايات المتحدة تعرف ان لها الغلبة الاستراتيجية بفعل قوة اقتصادها والمساحة الكبيرة لمناطق نفوذها؛ فهي تمتلك قوة عسكرية هائلة ومذهلة ومدمرة واقتصاد قوي وهو اكبر اقتصاد في العالم، بالاضافة الى السكان وبالحجم الكبير بالقياس الى روسيا وليس الصين( عدد سكنها 331مليون نسمة لعام 2019 موازنتها للعام القادم 4،7تريلون دولار بينما روسيا وللعام 2019نفوسها 144مليون نسمة وموازنتها للعام القادم 317،7ملياردولار) من هنا نلاحظ حجم الفارق الهائل في السكان والموازنة..وهذا هو ما يجعل الولايات المتحدة تتصرف كشرطي دولي مكلف بحماية الامن والقانون في العالم بينما وتحت اغراء هذه القوة وما توفره لها من غطاء تقوم بالاعتداء على الشعوب والدول وعلى القانون الدولي وهي من تخلق الفتن والاضطراب في العالم وهي ايضا من توسع مساحة الفقر والجوع في العالم بنهبها خيرات وثروات الشعوب حين تصادر قرارها الاقتصادي وربطه مدخلا واخراجا بأقتصادها وأضعاف سيادتها تحت فرية مكشوفة وهي الصداقة والشراكة والاخيرتان لا وجود لهما في ارض الواقع الا في الاعلام الامريكي وتصريحات مسؤوليها او بالعقوبات الاقتصادية الامريكية وخارج او في خرق واضح وفاضح للقانون الدولي. من هنا تأتي اهمية اقامة محاور ضدية للسياسة الامريكية، اقتصادية ومالية ونقصد بالاخيرة الاستعانة بغير الدولار في التعاون والتبادل التجاري البيني بين الدول، لأنقاذ االعالم من جبروتها وطغيانها ونهبها لخيرات الشعوب والدول. في المقابل تدرك او تدرك امريكا العميقة؛ خطر استمرار التعاون الصيني الروسي في جميع المجالات على الامن القومي الامريكي وهي تقصد هنا ما يحصل من ضرر او تقليص مساحة الهيمنة الامريكية على العالم ان استمر هذا التعاون وتوسع ليشمل دول اخرى في العالم، كما هو حاصل في الوقت الحاضر، لذا تحاول مرة التقرب مع روسيا وعزل الصين ومرة اخرى حين تصاب هذه المحاولة بالفشل؛ تمد جسور التعاون مع الصين على حساب روسيا، في الحالتين فشلت حتى هذه اللحظة فشلا واضحا وذريعا؛ لأن قادة كلا الدولتين يدركان الخطر الذي يحدق بهما مستقبلا ان هما، لم يتعاونا في مواجهة الولايات المتحدة الامريكية، وواجهاها على انفراد او حتى بمفرديها من دون تحشيد الدول التى تخشى من الاعيب امريكا. مع تطور السياسة الروسية والصينية في اقامة تكتلات اقتصادية وتجارية ومالية وحتى تسليحية، والاخير وكما هو حاصل الآن بين روسيا ومنذ وقت، والهند وتركيا ومصر ودول اخرى في الطريق بالاضافة الى التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين في حقل انتاج الصواريخ بعيدة المدى مع توفر فرص كبيرة لدول العالم الثالث والدول متوسطة القوة كالمجر مثلا، التى تتجه في تعاونها مع الشرق( روسيا) اكثر من الغرب مع انها عضو في الاتحاد الاوربي، وفي حالات اخرى حتى الدول الكبرى كالمانيا التى تتعاون في سعيها للشراكة الاقتصادية مع روسيا،( السيل الشمالي2الخاص بنقل الغاز الروسي الى المانيا)،ان هذه الدول تستثمر هذا الوضع الدولي، للمناورة في ايجاد طريق شراكة اخر، مع المحور الروسي الصيني، غير طريق (الشركة..) مع الولايات المتحدة الامريكية؛ لذا، أدركت الولايات المتحدة خطر هذه السياسة على مصالحها الاستراتيجية في العالم وانها اذا ما استمرت هذه السياسة في التوسع والتطور سوف تلحق ضررا على المدى المتوسط والبعيد على قوتها، كقوة عظمى في العالم، وكي تربك حركة الخصم والمشهد، تضع العصي وتحفر الخنادق على طريق هذا التطور وكي لايتوسع وتحاصره في وقت مبكر؛ بدأت بسياسة الغاء معاهدات الحد من التسلح الاستراتيجي( بالاضافة الى العقوبات على الشركات الاوربية التى تتعاون معهما لمنعها من السير في طريق هذا التعاون..)، لدفع كلا الخصمين الى سباق تسلح تعرف هي الغالبة له في نهاية المطاف للمدخلات المالية الكبيرة جدا التى تتوفر عليه، لتغذية وادامة هذا السباق، بينما باستثناء الصين، هذا السباق ينهك الاقتصاد الروسي بما يصيبه من شلل ويقيد حركته لجهة التنمية والتطور الاقتصادي في الحقل المدني، روسيا بوتين من جهتها عرفت هذه اللعبة وفي وقت مبكر اي من بدايتها، لذا، قامت بسياسة عسكرية دفاعية ولكنها فعالة جدا؛ من صواريخ فرط صوتية وهي قليلة الكلفة بالاضافة الى اجيال جديدة من الطائرات القاذفة والمقاتلة، وحتى السفن الحربية والغواصات، صغيرة ومتوسطة الحجم وليست كبيرة وعملاقة وباهضة الكلفة، كما كانت تصنع في ايام الاتحاد السوفيتي، ولكنها تحوز على موجهات متطورة جدا وصواريخها بعيدة المدى ودقيقة التوجيه، بما يجعل جميع الاهداف الامريكية في مرماها، وبما يتفوق على ما عند الولايات المتحدة من مثيالاتها، في الوقت الحاضر، على عكس ما تقوم به الولايات المتحدة من صناعة اسلحة هجومية باهضة الكلفة. بوتين في المؤتمر الصحفي السنوي الاخير، قال: ان من المهم ان نطور اقتصادنا بما يجعل المواطن الروسي يعيش في رفاهية، وهذا يعني ويوضح لنا من ان روسيا لن تندفع في سباق تسلح جديد في الوقت الحاضر وفي المدى المنظور. لكن ومن وجهة نظرنا؛ من السابق لأوانه؛ القول من ان روسيا لن تقدم على سباق تسلح جديد في المديات المتوسطة، لأن هذا الامر سوف يتحكم فيه، الواقع الموضوعي الذي يخلقه السلوك الامريكي وما ينتج من اسلحة الدمار والفناء المتطورة، عندها وقبل ان يصل الامر الى هذه المرحلة، والتى ربما، حينها تقيد السلاح الروسي او تحد من قدرته على الرد الرادع؛ سوف تدخل روسيا وحتى الصين (والتى هي اصلا، اقصد الصين، تسعى بدأب لبلوغ مستوى العظميين)، في سباق التسلح هذا. أذن ان العالم سائر لامحالة وبفعل السياسة الامريكية وعلى هدي وموجهات فرمانها الذي ينص في اكبر شر ينص عليه؛ هو بقاء التفوق والسيطرة الامريكية على العالم. هنا تكون الفرص كبيرة للدول والشعوب التى تريد او تخطط للتحرر من السيطرة الامريكية سواء المباشرة او غير المباشرة في عالم اليوم والعالم المفترض في القادمات من السنين؛ لأن هناك من تتكيء عليه في المواجهة مع غول المال الامريكي والذي لايعرف أو لا يتلمس ويحس وجوديا الا بالمال وشهوة المال أينما وجد بصرف النظر عن حاكمية القانون والاخلاق. هنا نقول او نسأل؛ هل تستثمر الدول العربية هذا التحول في العالم، عالم متعدد الاقطاب وما يوفره لها من حماية دولية قانونية، من قرارات امريكية جائرة، تتخذ من منصة مجلس الامن الدولي، منبرا لها اي امريكا؟..بخطط ناجعة ومستقلة،على صعيد التنمية وتمتين القوة الدفاعية وتحصين الداخل، بأبعاد وافاق اقتصادية مستقلة وما تنتج من سيادة كاملة وقرار أقتصادي وسياسي مستقل وحرية للانسان والوطن، وهي على ماهي عليه في الوقت الحاضر من هشاشة وركاكة لامثيل لها في سفر العرب عبر تأريخهم، الاجابة لن يحدث هذا في ظل هذه الحكومات التى في بنيتها الكثير والكثير جدا من الخواصر الرخوة والتى هي اي الحكومات العربية من اوجدتها في الجسد العربي، بدعم امريكي.. هذه الحكومات العربية وغيرها في الجوار؛ لن يكون لها مكان في عالم الغد القريب وفي ظل الفوران الواعي كل الوعي للشعوب العربية التى تبصر وفي كل يوم ما وصل اليه العالم من تطور ومتغييرات جوهرية، نحوا حياة افضل وحرة ومستقلة..